حقيبة ملاك ترشد إلى غرق مركب هجرة في جرجيس التونسية: احتجاجات وقطع طريق

12 أكتوبر 2022
مراكب الهجرة السرية لم تتوقف رغم المخاطر (أرشيف/تسنيم نصري/الأناضول)
+ الخط -

تعيش منطقة جرجيس، جنوب شرقي تونس، حالة احتقان بسبب سوء تعامل السلطات الجهوية في المنطقة مع ملف غرق مركب هجرة سرية يضم 18 شابا وشابة، من بينهم أم ورضيعها، وفتاة تبلغ من العمر 17 عاما.

وأغلق أهالي المفقودين الطريق، اليوم الأربعاء، على أثر إقدام السلطات المحلية على دفن 3 جثث في مقبرة مخصصة لمجهولي الهوية أو الغرباء، بينما كان الأهالي يحتجون مطالبين من خلال نداءات الاستغاثة السلطات بالتحرك لإنقاذ ذويهم، كما تم التعامل مع جثة الرضيع على أساس أنه "حيوان بحري"، بحسب رواية الأهالي.

وأكدت ناشطة بالمجتمع المدني من جرجيس، تدعى أحلام عبد السلام، في تصريح لـ"العربي الجديد"، وجود حالة من الاحتقان والغضب في جرجيس، دفعت أهالي المفقودين والمتعاطفين معهم لتنظيم وقفة احتجاجية، مشيرة إلى أنه "لم يتم العثور إلى الآن إلا على بعض الغرقى، وما زال أغلبهم في عداد المفقودين".

أوضحت عبد السلام أن "بحارة جرجيس عثروا منذ أيام على بعض الجثث خلال عملية تمشيط، ولكنها لم تكن لمفقودي هذا المركب، بل من جنسيات سورية وأفريقية"، مضيفة أن "الأهالي الآن يبحثون في المقابر ربما يعثرون على أبنائهم، خاصة بعد دفن 3 منهم في مقبرة الغرباء المخصصة لمجهولي الهوية".

بعد نحو 10 أيام ظهرت حقيبة صغيرة تحتوي على هاتف جوال وبعض الأغراض تعود لفتاة تدعى ملاك، 17 عاماً، ثم ظهرت بعد يومين جثتها

وقال رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "المركب خرج منذ حوالي 3 أسابيع، وتحديدا في 24 سبتمبر/ أيلول، ليفقد بعد 3 أيام، ويقطع الاتصال به"، مؤكدا أنهم تحركوا كمرصد تونسي لحقوق الإنسان وتواصلوا مع عدة أطراف في ليبيا، وعدة منظمات تعنى بالهجرة، و"جميعهم أكدوا أنهم غير موجودين لديهم".

وأضاف عبد الكبير أنه "بعد نحو 10 أيام ظهرت حقيبة صغيرة تحتوي على هاتف جوال وبعض الأغراض تعود لفتاة تدعى ملاك، 17 عاما، ثم ظهرت بعد يومين جثتها وكانت تحمل سوارا عليه اسمها، وتعرف إليها أهلها ودفنت، ولكن بالتوازي تم العثور على جثث لـ3 شبان لم يتم التعرف إليهم، فدفنوا في مقبرة الغرباء على أساس أنهم أفارقة مجهولي الهوية".


وأوضح عبد الكبير أن "الشكوك حامت حول الجثث التي سبق دفنها وتمسك الأهالي برؤية الجثث"، مضيفا أنه كان موجودا، وبمجرد فتح 4 قبور تعرف الأهالي إلى 3 جثث لأبنائهم بواسطة ملابسهم، مبينا أن الجثث كانت متحللة، ولذلك تم الدفن بالملابس وفي أكياس بلاستيكية مخصصة للموتى، مشيرا إلى أنه تم أخذ عينات للتحليل الجيني".

ولفت المتحدث إلى أن "ما أجج غضب الأهالي هو دفن الجثث في مقبرة الغرباء في الوقت الذي يبحث فيه الأهالي عن أبنائهم المفقودين"، مبينا أنه "كان يجب التحري قبل دفنهم، وبالتالي الفشل في إدارة الأزمة هو الذي خلف هذا الاحتقان، فحتى البحث عن المفقودين كان بواسطة البحارة الذين تطوعوا لذلك" .

وبين رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان أنه "من المفترض في مثل هذا الملف ومنذ البداية أن تمسك السلطة الجهوية، وعلى رأسها المحافظ، بزمام الأمور"، مضيفا أنه "تم حرق عجلات مطاطية وغلق للطرقات، وهناك حزن كبير يخيم على جرجيس التي تعيش حالة غضب، وعلى رئيس الجمهورية التحرك، لأن ملف جرجيس يعكس ضرورة إيجاد خطة وطنية لملف الهجرة السرية والمفقودين بصفة عامة". 

وتابع أنهم في المرصد التونسي لحقوق الإنسان يطالبون ومنذ سنوات بوضع خطة للإنقاذ البحري في حالات فشل عملية الهجرة وغرق المركب، "على الأقل يتم التحرك للنجدة والإنقاذ".

ويرى رئيس جمعية الأرض للجميع عماد السلطاني أن "ما حصل في جرجيس كارثة إنسانية، ولكنها ستكون مرآة لكشف العديد من الحقائق في ملف المفقودين"، مضيفا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "من المؤسف عدم تحرك المسؤولين في جرجيس، حيث لم تكن هناك إرادة لإعلام العائلات بما حصل رغم وجود عدة إشارات على غرق المركب وبروز جثث تعود لعائلات المفقودين".

وأوضح أنه "من المفارقات أنه تم العثور على رضيع، وعند سؤال الأهالي تم إعلامهم أن ما تم العثور عليه هو حيوان بحري"، مؤكدا أن "والد الرضيع مقيم بإيطاليا وفشل في عدة مناسبات في حصول زوجته وابنه الرضيع على تأشيرة قانونية، ما اضطره إلى قبول فكرة قدومهما في مركب هجرة سرية، وإلى اللحظة لا يعرف أين دفنت زوجته، وفي كل مرة يتم إرساله إلى مقبرة، حيث توجه اليوم إلى قابس بحثا عن جثتيهما". 

وتابع أن "جرجيس في حداد، وما حصل في دفن الشباب يحيلنا إلى التساؤل عن إمكانية دفن العديد من المفقودين ممن يبحث عنهم أهاليهم في رحلات أخرى"، مبينا أن "هناك فقدانا لمركبين في الفترة نفسها، أحدهما في بنزرت وتم أخذ التحليل الجيني والعثور على 5 جثث قرب السواحل في إيطاليا، والدولة لم تتحرك ولم تجب الأهالي، والأمر نفسه تكرر في منطقة طبلبة، وبالتالي الكوارث نفسها تتكرر في وقت وجيز والدولة غائبة، ولذلك هناك تشنج لدى الأهالي".

المساهمون