انعكس جفاف نهر الخابور في منطقة الجزيرة السورية بشكل سلبي على المزارعين في المنطقة، حيث بدأت مياه النهر فعلياً بالتراجع منذ عام 1990، ليجف بشكل نهائي خلال الأعوام الماضية، الأمر الذي تسبب بترك المزارعين مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وهجرها بحثاً عن مصادر رزق أخرى لهم.
وشاهد المواطن شمالي أحمد العبد الله، من قرية مغرة الفوضات، شرق تل تمر، مرحلة جفاف نهر الخابور، وقال خلال حديثه لـ"العربي الجديد": "منذ عام 65 كان الناس يعيشون على نهر الخابور، يزرعون القمح والقطن والعنب من تل طويل وصولا إلى تل هرمل على ضفتيه، ومنذ انقطاع المياه تحولت الأراضي لخراب".
وأضاف العبد الله "عندما كان الخابور عامراً كانت هذه الأراضي عبارة عن جنة، ولكن منذ عامين بعد جفاف الخابور نهائيا، ساء وضع الناس وتراجعت الزراعة والثروة الحيوانية. وزاد الفقر لدرجة كبيرة".
أما صالح سالم الهشي، من قرية تل كوران، بمنطقة تل تمر، وهو من المزارعين القلائل في المنطقة، فقال لـ"العربي الجديد": "كنا نعيش على نهر الخابور، منذ عدة سنوات المياه مقطوعة، كنا نزرع في السابق نحو 600 دونم (60 هكتاراً)، والآن خسائرنا باهظة ولا نزرع أكثر من 40 دونماً (4 هكتارات)، ليعيش أبناؤنا بسلام ولا نمد أيدينا للغير".
وطالب الهشي الجهات المعنية بمساعدتهم "لنعيش وتعيش حيواناتنا التي تموت بسبب قلة الأمطار، هذه المياه لا تكفي، هي تخزين من الأمطار، ولم يبق في القرية من الـ30 مزارعاً سوى مزارع واحد".
وعن أهمية نهر الخابور، يقول المهندس محمد الأسود، من الرئاسة المشتركة لدائرة الموارد المائية في الحسكة، لـ"العربي الجديد": "هو النهر الأول من حيث الأهمية في منطقة الجزيرة بشكل خاص، فهو النهر الوحيد الذي ينبع ويصب في سورية وتتم الاستفادة منه بشكل خاص، يمتد من رأس العين، منبع النهر، وحتى البصيرة في دير الزور، طوله حوالي 320 كيلومترا، والمساحة على طرفيه تشتهر بالعديد من الزراعات، أهمها القمح والقطن والشعير والخضار الصيفية والشتوية، والمساحة المروية تقدر بنحو 150 ألف هكتار، بالإضافة لمشاريع الري، مثل سدود الحسكة الشرقي والغربي بالإضافة لسد الحسكة الجنوبي، بالإضافة لاعتماد مدينة الحسكة وضواحيها على سد الحسكة الشرقي".
وتابع الأسود أن هناك أسبابا متعددة لجفاف النهر، منها الحفر العشوائي في منطقة حوض النهر كحفر الآبار العشوائي لحوض النهر في الجانب التركي والزراعات المستنزفة للمياه، مثل الذرة والقطن، والاستجرار العشوائي والكبير للمياه. أما الآثار السلبية فمنها اقتصادي واجتماعي، حيث خرجت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية عن الإنتاجية الزراعية وبالتالي تأثر النهر، حيث يعتمد 90 بالمائة من السكان على الزراعة.
والخابور ينبع من عدة ينابيع في منطقة رأس العين السورية، إلى الغرب من مدينة رأس العين قرب الحدود التركية، من أهمها عين كبريت (2.1)، وعين الحصان، وعين الزرقاء الشمالية، وعين الزرقاء الجنوبية وعين المالحة وعين الفوارة.
وأهم نبعين يغذيان الخابور هما: عين كبريت (2)، كما يتلقى الخابور في بداية تشكله من الينابيع السابقة مياه الخابور التركي الذي يشكل نبع عين غزال عند سفح جبل كارداغ في تركيا وتتدفق مياهه المحدودة الكمية إلى الشرق مباشرة من تل حلف.
ونتيجة لتشييد الأتراك سداً على الخابور في أراضيهم، وحفر الكثير من الآبار الجوفية، فإن نهر الخابور التركي لا يصل إلى سورية إلا في سنوات الأمطار الغزيرة وفي نصف السنة الشتوي.