تونس: تجاوزات في شهادات التلقيح ضد كورونا

23 يناير 2022
تدقيق في شهادة تلقيح (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

أتاحت وزارة الصحة التونسية خدمة الحصول على شهادة التلقيح عبر المنظومة الوطنية للتسجيل "إيفاكس" منذ أكثر من شهرين، ليُصبح إظهارها إلزامياً في المؤسسات العامة بدءاً من 22 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عملاً بالمرسوم الرئاسي الذي صدر في 22 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والمتعلق بجواز التلقيح ضد فيروس كوفيد-19. وبحسب المرسوم، "يمكن لكل شخص يبلغ أو يتجاوز عمره 18 سنة وتلقى تلقيحه كاملاً، تحميل شهادة التلقيح على هاتفه المحمول من الموقع، أو استخراجه على شكل وثيقة ورقية لإظهاره عند الحاجة". كما ينص على "حظر العمل لغير الملقحين في القطاعين العام والخاص وحرمانهم من أجورهم، فيما يُمنع التونسيون من السفر إلى خارج البلاد إذا لم تكن لديهم الشهادة الصحية الإلزامية الخاصة بالتلقيح، علما أنّ مدّة سريان المرسوم تصل إلى 6 أشهر". ويتضمن أيضاً "إغلاق أيّ مؤسسة أو شركة لا تلتزم ببنوده مدّة 15 يوماً، باستثناء المستشفيات والمراكز الصحية".

وعلى الرغم من أنه يمكن لجميع التونسيّين تحميل شهادة التلقيح، إلا أن كثيرين واجهوا صعوبات من جراء أعطال تقنية، الأمر الذي عطّل مصالح البعض وحال دون دخولهم المصارف والمؤسسات المالية والمراكز التجارية وغيرها من الأماكن التي تشترط إظهار شهادة التلقيح. وبررت وزارة الصحة العطل بالطلب الكبير على الموقع لتحميل الشهادة. 
في هذا الإطار، نظّم عشرات المواطنين وقفات احتجاجية في جهات عدة للمطالبة بإلغاء المرسوم المتعلق بإلزامية شهادة التلقيح، معتبرين أنّ الإجبار على التلقيح تعدٍّ على الحريات.  ويؤثر هذا القرار على العديد من التونسيين الذين لم يتلقوا التلقيح، سواء الرافضون له أو الذين لم يتمكنوا من الحصول عليه لأسباب صحية أو غير ذلك. واقع دفع البعض إلى تزوير شهادات التلقيح، الأمر الذي استغله آخرون لكسب المال. وفي الثالث من الشهر الجاري، أوقف ثلاثة أشخاص في محافظة نابل بشبهة تسليمهم شهادات تلقيح لأشخاص لم يحصلوا عليه في مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 30 و150 دولاراً، وفق المحكمة الابتدائية في نابل. وتؤكد أنّ أحد الأشخاص أدرج بيانات لأناس لم يتلقوا اللقاحات. 
وفي الآونة الأخيرة، كتب كثيرون منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تتضمن عروضاً لاستخراج شهادات تلقيح على شكل بطاقة هوية، ما يطرح أسئلة عن الرقابة على تلك المواقع التي تُعطي شهادات تلقيح في مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 20 و40 دولاراً. يشار إلى أن استخراج شهادة التلقيح من الوزارة لا تتعدى قيمته النصف الدينار (0.17 دولار).   
من جهته، يقول مدير المركز الإعلامي في وزارة الصحة لطفي العلاني لـ "العربي الجديد" إنّ الوزارة أكدت أكثر من مرة ضرورة الحصول على شهادة التلقيح لتشجيع الناس على اللقاحات وحماية أنفسهم وغيرهم من الفيروس، كما أنها تحذّر من استخراجه من بعض المحال التي تستغل الناس للحصول على مبالغ مالية كبيرة، مضيفاً أنّ الوزارة تراقب عملية استخراج شهادات التلقيح ولا توجد تجاوزات. 

خلال تظاهرة لمعارضة التلقيح (حسن مراد/ Getty)
خلال تظاهرة لمعارضة التلقيح (حسن مراد/ Getty)

من جهتها، تطالب منظمة "أنا يقظ" المعنية بمكافحة الفساد بإرجاء تطبيق المرسوم الرئاسي المتعلق بشهادة التلقيح الخاصة بفيروس كوفيد-19 إلى حين الانتهاء من التحقيق والتدقيق في كل المعطيات الموجودة بمنظومة إيفاكس ومعالجة الأعطال التقنية والتثبت من مدى صحّة وواقعيّة الإحصائيات والمعطيات المدرجة في المنظومة الرقميّة. وتشير إلى ورود شكاوى إليها تتعلق باختراق منصّة إيفاكس والتلاعب بمنظومة التلقيح وإسناد شهادات تلقيح للذين لم يحصلوا عليها. وعمدت إلى التثبت من صحّة التبليغات والتجاوزات، وتمكنت من الوصول إلى المنصة وتحديداً القسم الخاص بأعوان وزارة الصحة بعد الحصول على اسم المستخدم وكلمة العبور المشتركة بين جميع الأعوان، وهي كلمة مرور سهلة الاختراق.
وتوضح أن "وزارة الصحّة أعطت عدداً كبيراً من المتطوعين خلال الأيام المخصصة للتلقيح، أي منذ يوم 8 أغسطس/ آب الماضي وحتى هذه اللحظة، اسم المستخدم وكلمة العبور إلى منصّة إيفاكس"، لافتة إلى أنه "يمكن لأي شخص يحصل على كلمة العبور الموحّدة واسم المستخدم دخول قاعدة بيانات منصة إيفاكس والاطلاع على المعطيات الشخصيّة للمواطنين وتغيير مواعيد التلقيح ونوع الجرعات وحتى التصريح بالمخزون المتوفر من الجرعات وتأكيد تلقي الجرعات واختيار نوع اللقاح وصولاً إلى إسناد شهادات تلقيح وهميّة". 
من جهة أخرى، تندد المنظمة باستهتار وزارتي الصحّة وتكنولوجيا المعلومات والاتصال بالمعطيات الشخصيّة الحساسة للمواطنين، إذ تشمل قاعدة البيانات معلومات صحيّة سريّة. وكان يفترض تحديد مدة زمنية لدخول المتطوعين وموظفي الوزارة إلى منظومة إيفاكس، وتغيير كلمة العبور بمجرد انتهاء مهامهم. وتشير إلى وجود كلمة عبور موحدة بين جميع الأعوان وبالتالي يصعب تحديد المسؤوليات في حال اكتشاف تجاوزات.

كما تدعو المنظمة وزارة الصحة ومسؤولي مراكز التلقيح إلى تأكيد حصول المواطنين على اللقاحات عبر بعث الرسائل النصية القصيرة بعد تلقيهم الجرعة وليس قبلها، على اعتبار أن العديد من المواطنين يغادرون مركز التلقيح بمجرد تلقيهم للرسالة القصيرة وقبل تلقيهم الجرعة فعلياً. وتؤكد أنّ هذا الخطأ الجسيم فتح باباً للتلاعب والمتاجرة بشهادات التلقيح في ظلّ غياب رقابة وزارة الصحّة، الأمر الذي يشكل ضرباً لمصداقية حملة التلقيح منذ بدايتها، ويضع مبدأ السلامة المعلوماتية وحق المواطنين في حماية معطياتهم الشخصيّة موضع سؤال.
وطالبت المنظمة بفتح تحقيق بخصوص هذه التجاوزات ومحاسبة كل المتورطين وكلّ من شاركهم بأن جعل من عملية الحصول على شهادات التلقيح هدفاً لكسب المال. 

المساهمون