تونس تتمسك بعودة طفلة وصلت إلى إيطاليا في هجرة سرية دون والديها

24 أكتوبر 2022
الأمل في حياة أفضل يضاعف محاولات الهجرة السرية إلى إيطاليا (Getty)
+ الخط -

لا تزال قصة الطفلة التونسية ليندة، ذات الأربع سنوات، التي وصلت إلى التراب الإيطالي دون والديها في عمليّة هجرة سرية، تلقي بظلالها على الساحة التونسية، ومن المنتظر أن تتصل والدة الطفلة بها، اليوم الإثنين، لطمأنتها، وخصوصا أن الطفلة الصغيرة عانت من صدمة نفسية بسبب الرحلة.

في المقابل، كلّفت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ المندوب العام لحماية الطفولة مهيار حمادي بالانتقال إلى مدينة بالرمو الإيطاليّة، حيث سيتولّى، بالتنسيق مع المصالح القنصلية التونسية هناك والسلطات الإيطالية، التعهّد الميدانيّ بالطفلة وضمان مراعاة مصلحتها وإتمام الإجراءات والتدابير لتأمين عودتها إلى أرض الوطن.

وزيرة الأسرة: الحالة الصحية للطفلة ليندة التي وصلت إلى لمبدوزا بإيطاليا على متن قارب هجرة جيّدة، وتخضع للرعاية النفسية

وقالت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن آمال بلحاج موسى في تصريح إذاعي، اليوم الاثنين، إنّ "الحالة الصحية للطفلة ليندة التي وصلت إلى لمبدوزا بإيطاليا على متن قارب هجرة جيّدة، وإنّها تخضع للرعاية النفسية"، مشيرة إلى "متابعة الملف على مستوى رئاستي الجمهورية والحكومة"، وعبّرت عن أملها في عودة الطفلة إلى تونس في أحسن الظروف، مشيرة في هذا السياق إلى أنّ "في تونس قوانين ضامنة لاستعادة الطفلة".

وأوضحت الوزيرة أنّه "يجري القيام بالإجراءات الضرورية للحصول على قرار بزيارتها في المركز الذي توجد فيه".

وقال النائب بمجلس نواب الشعب المنحل عن دائرة إيطاليا مجدي الكرباعي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الاثنين، إنه "يجري التنسيق اليوم مع والدة الطفلة لتمكينها من التحدث مع ابنتها، وخاصة أنها دائمة السؤال عنها"، مؤكدا أن "هذا الأمر شأنه طمأنة الطفلة وتحسين وضعها النفسي، مشيرا إلى أن وضعها الصحي جيد باستثناء إصابتها بزكام طفيف نتيجة الرحلة" .

الكرباعي: القضاء الإيطالي قرر تكليف محامية لتكون الوصي القانوني على الطفلة ولكي تتابع ملفها

وأوضح أن "القضاء الإيطالي قرر تكليف محامية لتكون الوصي القانوني على الطفلة ولكي تتابع ملفها ووضعها الاجتماعي وصحتها ودراستها"، مبينا أن "أي قاصر يوضع تحت الوصاية ليكون هو المسؤول عنه في غياب والديه".
وحول قرار وزارة المرأة استعادة الطفلة، بيّن المتحدث أن "هناك أيضا سلطة قضائية إيطالية وهي التي ستبحث مع تونس مصلحة الطفلة".
وأشار إلى أن "ناشطين بالمجتمع المدني وسياسيين أطلقوا مبادرة تهدف إلى الضغط الدبلوماسي على تونس والسماح لوالدي الطفلة باللحاق بها وذلك مراعاة للمصلحة الفضلى لها".
وكان المكلّف بالإعلام بوزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد الطرابلسي قد أكّد في تصريح سابق أنّ "قاضي الطفولة بإيطاليا وضع الطفلة تحت وصاية محامية إيطالية في انتظار ما سيتقرر بشأنها وإمكانية إعادتها إلى تونس من عدمها".
وقالت وزارة الخارجية في بيان لها، الأحد، إنه في إطار المتابعة الحثيثة لوضعية طفلة الأربع سنوات التي كانت ضحية لعملية هجرة سرية، وتبعا لتعليمات رئيس الجمهورية، تم تشكيل خلية متابعة تضم وزارات العدل والشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج والأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن قصد اتخاذ الإجراءات الضرورية لاسترجاعها".

وأوضحت وزارة الخارجية التونسية أنه سيتم التنسيق مع البعثة الدبلوماسية بروما وقنصلية تونس ببلارمو والسلطات الإيطالية المختصة لتأمين عودة الطفلة إلى أرض الوطن في ظروف آمنة وفي أقرب الآجال المتاحة.
و كان الناطق الرسمي باسم محاكم المنستير والمهدية فريد بن جحا قد أكد في وقت سابق أنه تم استنطاق والد الطفلة بتهمة "إهمال شؤون قاصر وتكوين وفاق يهدف إلى اجتياز الحدود البحرية خلسة"، قبل أن يتم اطلاق سراحهما في وقت لاحق. 

ويرى المختص في علم الاجتماع سامي نصر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "تناول هذا الملف يجب أن يكون اجتماعيا وحقوقيا، بمعنى أن هذه الوضعية ترجعنا إلى عهود سابقة، أي على مستوى تراجع كبير في مستوى حقوق الإنسان"، مشيرا إلى أن "الوالدين يتحملان مسؤولية وضع الطفلة في قارب الموت وكأن الطفل تحول إلى ملكية يتصرف فيها الوالدان لأنه لا يوجد أي تفسير لوضع طفلة صغيرة في مركب هجرة" . 

ولفت نصر إلى أن "الهجرة السرية لها عدة أسباب، وهناك فعلا حالة إحباط ولكن أن تتم التضحية بالأطفال فهذا لا مبرر له"، مبينا أن "القضية الرئيسية تتمثل في أن  الهجرة السرية تمثل محاولة للهروب من واقع مؤلم و معلوم، ولكن قد تكون إلى واقع مجهول قد يكون أكثر إيلاما بحثا عن الأمل المفقود"، مؤكدا أن "قرار وزارة المرأة بإرسال مندوب حماية الطفولة صائب، فالطفلة تونسية ولا بد من عودتها".

وأوضح أنه "بحسب جل المواثيق الدولية، فلا بد من مراعاة المصلحة المثلى للطفل"، مؤكدا أن "وضع طفلة في قارب موت وفي مغامرة محفوفة بالمخاطر يجعل الوالدين غير مؤهلين لتربية الطفلة"، مضيفا أنه "خلافا لذلك سيصبح الأمر تطبيعا مع الهجرة السرية وتبريرا لها"، وقال إنه "ليس مع حل الرفق بالوالدين لأن هذا الأمر ستكون له تداعيات مجتمعية وسيشجع مزيد الأسر على إرسال أطفالها ظنا أن الالتحاق سهل ولضمان الهجرة، وبالتالي سيصبح التعاطف تشجيعا على الظاهرة".

المساهمون