شيّع مئات الفلسطينيين، السبت، جثمان الشهيد داوود طلعت الخطيب (45 سنة) في مدينته بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة، بعد أن سلّمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي جثمانه، أمس الجمعة، ليلقي ذووه نظرة الوداع الأخيرة عليه بعد نحو 19 عاماً في سجون الاحتلال.
منع الاحتلال عدداً من أفراد عائلة الشهيد الخطيب المكونة من سبعة أشقاء وثلاث شقيقات من زيارته طيلة سنوات اعتقاله، وتوفي والداه وهو في سجون الاحتلال، كما توفي أحد أشقائه.
وتوفي الخطيب في سجون الاحتلال قبل ثلاثة أشهر من موعد انتهاء محكوميته، واحتجز جثمانه لمدة 5 أشهر، ليتم دفنه اليوم بعد نحو شهرين على الموعد المفترض للإفراج عنه.
انطلق موكب تشييع جثمان الشهيد من أمام مستشفى بيت جالا الحكومي بجنازة عسكرية باتجاه منزل ذويه في منطقة السوق القديم، حيث أقيمت صلاة الجنازة في مسجد عمر بن الخطاب، لتتم بعدها مواراته الثرى في مقبرة العبيات شرقي بيت لحم.
والشهيد الخطيب أحد ضحايا جرائم الإهمال الطبي التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى في سجونه، واستشهد في الثاني من سبتمبر/ أيلول 2020، نتيجة الإصابة بنوبة قلبية، إذ سقط مغشياً عليه، وتُرك لمدة ثلاث ساعات دون تقديم أدنى شكل من العلاج، وبعد ذلك أرسلت إدارة سجون الاحتلال طبيباً ليؤكد وفاته، ثم احتجزت جثمانه حتى تم الإفراج عنه مساء أمس الجمعة.
وتعرض الخطيب لجلطةٍ في القلب خلال عام 2017، وعانى خلال اعتقاله من ضعف في عضلة القلب، لكن سياسة حرمان الأسرى المرضى من العلاج فاقمت وضعه الصحي، وقال أحد أشقاء الشهيد، عبد الله الخطيب، لـ"العربي الجديد": "تمنيّت ملاقاته حيّاً بدلاً من استلام جُثمانه. ذهب أخي داوود مُكرّماً إلى ربه".
وقال مدير "هيئة شؤون الأسرى والمحررين" الفلسطينية في مدينة بيت لحم، مُنقذ أبو عطوان، لـ"العربي الجديد": "تُرك الأسير داوود الخطيب وحيداً في مواجهة سياسة الإهمال الطبي في سجون الاحتلال، ولم يقدم له الاحتلال أي علاج، ولو قدمت طواقمه الطبية العلاج الكافي للأسير حين سقوطه، لكان اليوم حيّاً"، مشيراً إلى أنّ سياسة الإهمال الطبي هي أحد أشكال العقاب الذي يمارسه الاحتلال بحق الأسرى، وأن "استمرار احتجاز جثامين الشهداء يعتبر جريمة بحق الإنسانية، ومعاقبة للموتى وذويهم".
ولد الشهيد داوود الخطيب عام 1975، في مدينة بيت لحم، واعتقل في إبريل/ نيسان 2002، مع بدء "انتفاضة الأقصى" واجتياح مدينة بيت لحم، وكان يبلغ من العمر عند اعتقاله 24 سنة، وهو أحد أبناء حركة "فتح"، وحكم عليه الاحتلال بالسّجن لمدة 18 عاماً، وثمانية أشهر.
واستشهد 226 أسيراً في سجون الاحتلال منذ عام 1967، من بينهم 71 نتيجة الإهمال الطبي المتبع في سجون الاحتلال، وهناك مئات الأسرى المحررين الذين استشهدوا بعد الإفراج عنهم بفترات وجيزة نتيجة أمراض ورثوها خلال سنوات اعتقالهم.
ويواصل الاحتلال احتجاز جثامين سبعة أسرى شهداء أقدمهم الأسير أنيس دولة منذ عام 1980، وعزيز عويسات الذي اُستشهد في عام 2018، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السايح الذين اُستشهدوا في عام 2019، وسعدي الغرابلي، وكمال أبو وعر اللذان استشهدا العام الماضي.
وقال المتحدث باسم "هيئة شؤون الأسرى والمحررين" الفلسطينية، حسن عبد ربه، لإذاعة "صوت فلسطين"، السبت، إنّ سلطات الاحتلال لا تزال تتهرب من القوانين والتشريعات الدولية، وتواصل احتجاز جثامين 324 شهيداً منهم 254 في مقابر الأرقام منذ عام 1967، مشيراً إلى أن 68 فلسطينياً في عداد المفقودين منذ عام 1967، موضحاً أن "الاحتلال يلجأ إلى احتجاز جثامين الشهداء للمساومة في أية صفقة مقبلة لتبادل الأسرى، فضلاً عن زيادة معاناة ذوي الشهداء".