تشييع الشهيد الفلسطيني بلال قدح.. دموع تخالط فرحة استعادة الجثمان من الاحتلال
لم تخل كلمات الفلسطيني إبراهيم قدح من التعبير عن مشاعر الفرحة، خلال وداع أهالي قريته شقبا، غرب رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، جثمان ابنه الشهيد بلال قدح (33 عاماً) داخل مسجد شقبا الكبير.
فرحة قدح التي لم يكن يتخيلها، سببها أنه تمكن أخيراً بعد 74 يوماً من احتجاز الاحتلال الإسرائيلي جثمان نجله في الثلاجات، ونظراً إلى تجارب من سبقه في إطار احتجاز الاحتلال الجثامين، لم يتوقع قدح أن يتسلم جثمان نجله قبل مرور سنة أو ستة أشهر على أقل تقدير.
وعلى مدار شهرين ونصف كانت العائلة، كما يقول قدح، تنتظر "على نار"، بتعبيره البسيط، مضيفاً لـ"العربي الجديد" حول احتجاز جثمان ابنه: "لا يعلم الظروف الصعبة، إلا من يذوقها".
ويتابع: "الحمد لله على كل شيء، نحمد الله أن إرادته بتسلم جثمان ابننا كانت أقوى، هذه فترة قليلة نسبياً، ونحن فرحون بذلك، أنا تفاجأت حين تواصل معي الارتباط الفلسطيني، وسألتهم هل تمازحونني؟ قالوا لا نحن نتحدث بجدية سيجري تسليم جثمانه، وأنا أعتبر أن هذه هدية من الله، أولاً الشهادة التي نالها ابننا، وثم تسليم جثمانه".
ويعتبر قدح دفن ابنه إلى مثواه الأخير راحة نفسية له ولعائلته وأهالي قريته الذين عاشوا فترة من القلق، وتساءلوا عن موعد تسلم الجثمان، وبعضهم قرر أن يؤجل عرساً كان مقرراً خلال الفترة البسيطة الماضية.
وكانت سلطات الاحتلال قد سلمت جثمان قدح، مساء أمس الجمعة، عند حاجز نعلين غرب رام الله، القريب نسبياً من قرية شقبا، ليُنقل جثمانه إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله، وإجراء الفحوصات الطبية للجثمان.
وخرجت جنازته، صباح اليوم السبت، من المجمع تجاه قريته شقبا غرب رام الله، حيث ودعته عائلته وألقت عليه النظرة الأخيرة في منزلها، ثم انطلق الشبان بالجثمان محمولاً على أكتافهم إلى مسجد شقبا الكبير وسط القرية، ليودعه هناك سائر أبناء قريته والقرى المجاورة، قبل دفنه بمقابر البلدة بمشاركة أهالي القرى المجاورة.
والشهيد قدح أب لثلاثة أطفال، أكبرهم بعمر عشر سنوات، تقول شقيقته وفاء لـ"العربي الجديد" عن المشاعر ذاتها التي تحدث بها والدها، قائلة إن لحظة وصول شقيقها إلى المنزل كانت تجمع بين الفرح والحزن، الفرح باستقبال الجثمان بعد هذه الفترة العصيبة، والحزن على أنه الوداع الأخير.
لا تتمنى وفاء لأي شخص بأن يمر بما مرت به العائلة، أو أن يشعر أي أحد بشعور العائلة خلال الشهرين الماضيين، وقالت إن شقيقها كان نعم الأخ لها ولعائلتها، ونعم الزوج لزوجته، ونعم الأب، وكان يحبه جميع أهالي القرية.
واعتبرت زهرة قدح، عمة الشهيد، في حديث مع "العربي الجديد" أن احتجاز سلطات الاحتلال الجثامين ما هو إلا استفزاز لمشاعر الأهالي، وللشبان الفلسطينيين، ومحاولة لقهرهم، ورغم أن العائلة تؤمن كما قالت، بأن روح ابنها عند الله، إلا أنها كانت بحاجة لوداعه ودفنه وإكرام جثمانه.
وتعبر فرحة هذه العائلة باستلام جثمان ابنها، ودفنه، عما تمر به العائلات الفلسطينية من حسرة وألم من سياسة احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين، والتي انتهجها الاحتلال عشرات السنين، وتوقفت بشكل مؤقت، بعد انتفاضة الأقصى، ثم عادت في عام 2015، كسياسة عقاب لأهالي الشهداء، خاصة من يتهمهم الاحتلال بتنفيذ عمليات فدائية ضد جنوده وضد المستوطنين.
وبحسب الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، والكشف عن مصير المفقودين، فإن سلطات الاحتلال تواصل احتجاز 143 جثماناً لفترات مختلفة، وكلهم احتجزوا بعد عام 2015، ومعظم تلك الجثامين تحتجز في الثلاجات، فيما تواصل احتجاز 256 جثماناً في مقابر تعرف بمقابر الأرقام، ما قبل تاريخ 2015، وتسجل الحملة 75 فلسطينياً كمفقودين وتطالب بالكشف عن مصيرهم.