تحتفي مدينة تعز، وسط اليمن، بعيد الأضحى الحالي وتستعيد فرحة سكانها المعتادة بإقامة مظاهر مجتمعية وأخرى رسمية، إذ يواصل مهرجان القاهرة العيدي فعالياته الفنية والثقافية، منذ أن دشنه مكتب الثقافة في المحافظة، الثلاثاء الماضي، بقلعة القاهرة المطلة على المدينة ويحييه خلال أيام العيد عدد من نجوم الفن والتراث والثقافة وذلك وسط حضور جماهيري واسع .
ويعد المهرجان المتنفس العيدي الوحيد لمعظم العائلات التواقة للفرحة والسعادة في مدينة يخيم عليها الموت والدمار، وتفتقر للمتنزهات والحدائق وأماكن الترفيه، وهي منغصات لا يأبه لها أهاليها في العيد، ويصنعون رغم سوء أحوالهم وصعوبة ظروفهم مظاهر احتفالية متنوعة، متجاوزين بذلك إمكاناتهم المتواضعة وظروفهم الاقتصادية المتدهورة وغلاء المعيشة، وانقطاع الرواتب وندرة الأعمال والمساعدات وجفاف مصادر الدخل، وتردي الأوضاع المادية والمعيشية، إلى جانب الحرب والحصار المطبق على المدينة من قبل جماعة أنصار الله الحوثيين للعام السابع على التوالي.
ويهدف المهرجان، المنظم على مدرجات قلعة القاهرة الأثرية، إلى إظهار الوجه الحقيقي لمدينة تعز وسط اليمن، والتذكير بدورها الفني والثقافي وإخراج سكانها من حالة البؤس والحزن والكآبة، وبث روح الأمل والحيوية والبهجة في أوساطهم وإقامة العديد من الأنشطة والمظاهر الاحتفالية، والتي تتضمن عدة رسائل أبرزها قدرة هذه المدينة وساكنيها على تجاوز الصعاب والتحديات التي أوجدتها الأوضاع الراهنة منذ عام 2015، إلى جانب التأكيد على حقهم في الحياة والعيش الكريم، وتمسكهم بقيم الحب والتعايش والسلام والمدنية والثقافة والفن والإبداع.
ويؤكد مدير مكتب الثقافة، عبد الخالق سيف، لـ"العربي الجديد"، أن "مهرجان قلعة القاهرة الرابع 2021، والمنظم خلال أيام عيد الأضحى، يمثل رسالة تعز ومكتب الثقافة في تعز، ويأتي من أجل نشر الفرح والسعادة في ظل الحرب والحصار الخانق على هذه المدنية".
ويضيف "الجمهور الكبير الذي حضر المهرجان يبحث عن الحياة و الجمال و السعادة، ولذلك يحتشد ويأتي إليه من مختلف أنحاء مدينة تعز، والتي تفرح اليوم وتغني للحياة والسلام وهذا هو ديدنها دائماً".
وحظي المهرجان في موسمه الرابع بإقبال كبير، كما تخللته الكثير من المفاجآت والفقرات الغنائية، التي أحيتها كوكبة فنانين من عدة مدن يمنية، وهو ما أدهش الحاضرين وأبهجهم ونال إعجابهم، وهو ما يشير إليه أحد المشاركين في المهرجان، نور الدين الأصبحي، والذي عد احتشاد الجمهور الكبير خلال أيام الفعالية تحدياً للحرب والحصار، وتأكيداً على استمرار الحياة والسعادة والفرح في تعز.
ورافق عيد الأضحى لهذا العام العديد من المظاهر العيدية، والتي أعادت البسمة إلى وجوه أسر كثيرة خرجت للتنزه في قلعة القاهرة وجبل صبر، الذي تتوسطه، وكذلك وادي الضباب الغني بالمياه والخضرة والمناظر الخلابة، كما تبادل أفرادها التهاني والزيارات وأحيوا عادات وتقاليد العيد القديمة والمتوارثة.
وقاد المواطنون كفاحاً ملحوظاً ليخرجوا من أجواء الحرب والتفكير بتداعياتها، ويستعيدوا سعادة وروحانية وأجواء العيد المفقودة، إذ استنفروا بشكل جماعي نحو القيام بالعديد من الأنشطة والطقوس العيدية، بينها ترديد التكبيرات في المساجد والشوارع والأسواق والمحلات والمنازل ووسائل النقل، في مشهد تخللته روحانية خاصة ونكهة فريدة بدت فيها المدينة وكأنها خالية من المواجهات والمعاناة والآلام وأخبار الموت والدمار.
ويواصل الأهالي صناعة فرحة وسعادة العيد، والتي رتبوا لها رغم الفقر والغلاء الحاد واشتروا متطلبات العيد حتى يظهروا بشكل لائق وينسوا الحزن والآلام، طبقاً للمواطنة مروى محمد والتي تقول "نحن شعب مكافح ونحاول قدر الإمكان أن نغادر واقعنا، ونعيش فرحة العيد والذي نلبس فيه الجديد ونستقبل فيه الضيوف، ونبتسم في وجه كل من نقابلهم كما نسمو على جراحاتنا وأوضاعنا المعقدة وظروفنا القاسية".
ويشارك الأطفال مع الكبار في مظاهر الاحتفاء بعيد الأضحى كما يشاطرونهم العديد من الهواجس وتقول الطفلة ريناس قائد لـ"العربي الجديد" إن "أطفال تعز يحاولون أن يحتفلو بالعيد رغم معاناتهم الكبيرة من الحرب والحصار".