السيول والفيضانات تزيد مأساة اليمنيين

08 اغسطس 2024
تتكرر الفيضانات في اليمن (محمد حمود/ Getty)
+ الخط -

لقي أكثر من 50 شخصاً حتفهم في حصيلة غير نهائية، فيما لا يزال العشرات في عداد المفقودين نتيجة السيول التي اجتاحت محافظات الحديدة وحجة وتعز غربي اليمن. ويقول أحد سكان مديرية الدريهمي غربي الحديدة، عبده حسن، لـ "العربي الجديد"، إن "كل ما في المنزل تضرر بعدما غمرته السيول الجارفة، وأصبحت أسرته بلا مأوى بعد تضرر شبه كامل لمنزله، في ظل عجز السلطات عن تقديم المعونة للأسر المتضررة من السيول، بل أصبحت عشرات الأسر بلا مأوى".
بدوره، يقول أحد سكان الحديدة، سالم البرعي، لـ "العربي الجديد"، إن "الحديدة لم تشهد مثل هذه الأمطار التي استمرت ساعات عدة في ظل تدفق السيول من الأودية، ما تسبب بكارثة حقيقية بعدما جرفت السيول قرى بأكملها والسيارات ودمرت منازل، كما جرفت مزارع المواطنين وتسببت بمقتل العشرات ونفوق مئات الحيوانات التي تعد مصدر رزق المزارعين الوحيد".
وشهدت محافظة الحديدة غربي اليمن خلال الساعات الماضية سيولاً غير مسبوقة ناتجة عن الأمطار الغزيرة التي استمرت أكثر من ثلاث ساعات، ما تسبب بفيضانات وسيول جرفت عدداً من القرى ودمرت عشرات المساكن. وفي وقت سابق، تحدث محافظ الحديدة التابع لحكومة أنصار الله الحوثيين، محمد قحيم، عن 30 حالة وفاة وخمسة مفقودين ونزوح المئات من الأهالي نتيجة السيول في الحديدة.
كما تسببت السيول والفيضانات بتهجير أكثر من 500 أسرة من منازلها بحثاً عن مأوى بعدما غمرتها السيول بالكامل.
وفي المناطق المحررة من محافظة الحديدة، تسببت السيول الجارفة في مديريتي حيس والخوخة بأضرار بالغة في المخيمات التي تؤوي النازحين وممتلكاتهم والبنية التحتية. وأفاد مكتب الوحدة التنفيذية بمحافظة الحديدة بأن السيول دمرت العديد من الخيام، وتسببت في انهيار بعض المرافق الأساسية، وتضررت المزارع ومواشي المواطنين. 
إلى ذلك، يقول المتحدث باسم القوات المشتركة العميد وضاح الدبيش، لـ "العربي الجديد"، إنه "بالنسبة لعدد الضحايا من القوات المشتركة، لدينا خمسة مفقودين جرفتهم السيول في الألوية التهامية وألوية العمالقة والمقاومة الوطنية، وهم ضابطان وثلاثة أفراد. حتى الآن، تم العثور على شخصين، فيما شاهد أفراد القوات المشتركة والمواطنون عشرات الجثث التابعة لجماعة الحوثيين  في عرض البحر وفي المزارع، بعدما جرفتها السيول من أعالي الجبال".

ويكشف الدبيش أن هناك ألغاماً وعبوات ناسفة في مختلف الأشكال والأنواع وأعداداً مهولة جرفتها السيول ثم ظهرت على السطح، الأمر الذي يشكل خطراً وعبئاً كبيراً على القوات المشتركة والمواطنين، وخصوصاً أنها انتشرت في كل مكان. ويصعب الوصول إلى غالبية هذه الألغام علماً أنه تم انتشال 2800 لغم وصلت إلى مناطق سيطرة القوات المشتركة جنوبي الحديدة".
ويعزو الدبيش تراكم السيول التي وصل منسوبها إلى ما يقارب أربعة أمتار، إلى "الخنادق والثكنات العسكرية والحفريات والأتربة التي يتخذها الحوثيون متاريس للفصل بينهم وبين القوات المشتركة، والحاويات التي جعلت هذه المياه تتراكم. ولو لم تكن هذه الحواجز موجودة، لكانت السيول ذهبت إلى البحر، ولم تحصل هذه الكارثة".
ويقول الدبيش إن "الخلية الإنسانية التابعة للمقاومة الوطنية باشرت الانتشار في مناطق سيطرة الحوثيين والمزارع والقرى، ورفعت تقارير عن حجم الأضرار، وتم إنزال بعض الخيام، وتقديم بعض الإغاثة والسلل الغذائية والدعم اللوجستي للمنكوبين، وتقدمنا برسالة رسمية إلى مكتب المبعوث الأممي نطلب فيها السماح لنا بإدخال الخلية الإنسانية المدنية تحت إشراف الأمم المتحدة. لكن الحوثيين رفضوا، علماً أننا كنا نريد الوصول إلى الجراحي وزبيد وجبل رأس والمناطق المتضررة. كما امتنع الحوثيون عن تقديم أي دعم لهذه المناطق المتضررة الواقعة تحت سيطرتها".
من جهتها، نعت المقاومة الوطنية أربعة من أفرادها ضحوا بأنفسهم لإنقاذ مواطنين وأطفال من الغرق من جراء السيول. وتقول مصادر محلية إن سيول وادي المرير في مديرية حيس جرفت مساء الثلاثاء الماضي، ركن عمليات اللواء التاسع عمالقة أحمد حسن عبد السلام ومرافقه منذر السراجي، كما جرفت القيادي في اللواء الثاني زرانيق محمد عثمان مشعفل.
وأوضحت المصادر أنه عثر لاحقاً على جثة القيادي في اللواء الثاني زرانيق، فيما لا يزال مصير ركن عمليات اللواء التاسع عمالقة ومرافقه مجهولاً.
وفي السياق، حذرت فرق الهندسة في مديرية حيس، جنوبي الحديدة، السكان من خطر السباحة في مياه السيول المتجمعة بعد العثور على كميات من الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها الحوثيون وجرفتها الأمطار إلى المزارع والطرقات والأودية. وأكدت مصادر ميدانية تابعة للقوات المشتركة لـ "العربي الجديد"، أن الفرق الهندسية في القوات المشتركة عثرت على عدد من الألغام والعبوات الناسفة في منطقة وادي نخلة شرقي مديرية حيس، والتي جرفتها السيول من مواقع زرعت فيها سابقاً من قبل الحوثيين.
من جهته، أعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، أن الفيضانات التي حدثت يوم الجمعة الماضي في منطقة مقبنة بمدينة تعز أسفرت عن مقتل 15 شخصاً وتطهير الأراضي الزراعية وإلحاق أضرار في المنازل والبنية التحتية.

اليمن (محمد حمود/ Getty)
الأضرار كبيرة جراء السيول (محمد حمود/ Getty)

وأعلنت الأمم المتحدة وفاة 15 شخصاً وتضرر 10 آلاف آخرين من جراء سيول ضربت قبل أيام محافظة تعز. وجاء ذلك في بيان مقتضب لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن. وقال البيان: "‏تسببت الأمطار والسيول الجارفة في مديرية مقبنة بمحافظة تعز، في 2 أغسطس/ آب الجاري، بتضرر نحو 10 آلاف شخص". أضاف البيان أن هذه السيول "أدت إلى 15 حالة وفاة، ودفن أكثر من 80 بئراً، إضافة إلى جرف أراضٍ زراعية وتضرر المنازل والبنية التحتية". تابع: "تستجيب وكالات الإغاثة للاحتياجات العاجلة وسط صعوبات في الوصول ونقص التمويل للاستجابة السريعة".
في السياق، كشف مسؤول الوحدة التنفيذية للنازحين في محافظة حجة، عبده مساوي، عن تضرر 3571 أسرة معظمها من النازحين، من جراء سيول الأمطار في أربع مديريات شمال غرب المحافظة. وقال إن سيول الأمطار التي ضربت مديريات حيران وحرض وميدي وعبس أخيراً خلفت أضراراً كبيرة طاولت 3571 أسرة معظمها من النازحين، مشيراً إلى أن معظم الأسر فقدت المأوى وكل ما تملك وبات أفرادها مشردين.
وأوضح مساوي أن "الأضرار تمثلت بفقدان المأوى والمياه الصالحة للشرب والغذاء والدواء، عدا عن تقطع السبل وانتشار الألغام التي زرعها الحوثيون في تلك المديريات وجرفتها السيول". وأشار إلى أن معظم الأسر فقدت جميع ممتلكاتها وباتت في العراء من دون أية مقومات للبقاء على قيد الحياة، فضلاً عن تهديد ألغام الحوثيين التي جرفتها السيول إلى المزارع والطرقات بكميات كبيرة، وأصبحت تحاصر وتهدد حياة المدنيين.
إلى ذلك، حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) من مخاطر عالية للفيضانات المفاجئة والانهيارات الأرضية في اليمن نتيجة هطول أمطار غزيرة على مناطق متعددة خلال الأيام المقبلة. وأفادت في "نشرة الإنذار المبكر للأرصاد الجوية الزراعية"، الصادرة الثلاثاء الماضي، بأنه من المتوقع أن يشهد اليمن خلال الأيام القليلة المقبلة هطول أمطار غزيرة تصل إلى 300 ملم في المرتفعات الوسطى والجنوبية، مع أعلى كثافة يومية للأمطار تصل إلى أكثر من 120 ملم في 7 أغسطس/ آب.
وأشارت الفاو إلى أن الأمطار الغزيرة المرجح هطولها بين 1 و10 أغسطس قد تشمل حتى المحافظات الأكثر جفافاً مثل غرب حضرموت، التي قد تتلقى ما يصل إلى 60 ملم من الأمطار. وأكدت أن استمرار هطول الأمطار الغزيرة خلال الأسابيع المقبلة سيزيد من احتمال حدوث فيضانات وانهيارات أرضية بشكل كبير. كما أوضحت أن المناطق المعرضة لخطر الفيضانات تشمل أودية تُبن ورسلان وزبيد ورماح وسهام على طول السواحل الجنوبية والغربية، والأجزاء الغربية من وادي الجوف، بالإضافة إلى وادي بنا ووادي مور ووادي سردد التي تعيش في حالة التأهب.

وأوضحت الفاو أن اليمن عادة ما يشهد هطول أمطار غزيرة بين أغسطس وسبتمبر/ أيلول، ما يعود بالنفع على الزراعة خصوصاً في المرتفعات والسهول الساحلية. لكن أمطار هذا العام من المتوقع أن تكون أشد غزارة، ما قد يؤدي إلى أضرار واسعة النطاق، خصوصاً في المناطق الزراعية المنخفضة. وتطرقت النشرة إلى أن الأمطار الغزيرة والفيضانات الناجمة عنها ستؤثر سلباً على المجتمعات الحضرية والزراعية. وقد تفيض شبكات الصرف الصحي السيئة في المناطق الحضرية، ما يؤثر على البنية التحتية ويعطل وسائل النقل ويؤدي إلى انهيار شبكات الاتصالات.
إلى ذلك، حذر المركز الوطني للأرصاد المواطنين من الوجود في الأودية وممرات السيول، متوقعاً هطول أمطار رعدية متفاوتة في عدة محافظات خلال الساعات المقبلة. 

المساهمون