المطاعم الشعبية في العراق: حالات تسمم مستمرة ودعوات للرقابة الصحية

10 يوليو 2024
تفتقر المطاعم الشعبية في العراق للرقابة الصحية، 30 أكتوبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

تسجل المحافظات العراقية بشكل شبه مستمر حالات تسمم بين مواطنين بالعشرات والمئات أحيانا، إثر تناولهم وجبات طعام في المطاعم الشعبية والتي تفتقر لشروط النظافة والإجراءات الصحية المطلوبة، وبينما يؤخذ على المؤسسة الصحية في البلاد ضعفها في محاسبة أصحاب تلك المطاعم وإغلاق المخالفة منها، تتصاعد المطالبات إثر كل حادثة تسمم بتشكيل فرق صحية للرقابة والمحاسبة.

وتعدّ مطاعم الأكلات السريعة في الأسواق والمناطق الشعبية ومرائب نقل المسافرين من أكثر تلك المطاعم تلوثا وعدم التزام بالشروط الصحية، حيث إنها موجودة أساسا بأماكن غير مناسبة لتناول الطعام، فضلا عن أنك لا تجد أيا من المطاعم الشعبية هناك ملتزما بنظافة عماله ولا حتى بأدوات الطهي وغيرها.

المطاعم الشعبية بلا رقابة

وأمس الثلاثاء، سجلت في محافظة ديالى نحو 70 حالة تسمم مواطنين نتيجة تناول وجبات سريعة من مطعم محلي، وقال المتحدث باسم صحة ديالى فارس العزاوي: "تم تسجيل تلك الحالات بسبب تناول وجبات سريعة في مطاعم بقضاء المنصورية"، مبينا في إيجاز صحافي أنه "تم اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمعالجة المصابين، حيث تم تقديم الرعاية الصحية لهم في المستشفيات والمنازل وفقا للحالة الصحية لكل مريض منهم".

عضو مجلس بلدة المنصورية في المحافظة راغب العنبكي أكد في تصريح صحافي أن "الفرق الصحية في قطاع المنصورية قامت بجهود مكثفة لمعالجة حالات التسمم تلك، حيث تم تقديم العلاج اللازم للمصابين واتخاذ الإجراءات الرقابية اللازمة تجاه المطاعم الشعبية التي قدمت الوجبات السريعة، كما نظمت فرق الصحة جولات ميدانية لمتابعة حالات المرضى".

إدارة صحة ديالى بدورها أقدمت على إغلاق المطعم الذي تسبب بتلك الحالات، وقالت في بيان إن "الرقابة الصحية في المنصورية أغلقت أحد المطاعم في مدينة دلي عباس لمخالفته الشروط الصحية وورود حالات تسمم غذائي بسبب تناول الطعام من هذا المطعم، وأيضاً تم فرض غرامة مالية عليه"، مؤكدة أنه "تم فرض غرامات مالية على عدد من العاملين في المطعم لعدم امتلاكهم البطاقات الصحية وشهادات التربية الصحية".

ولم تعلق وزارة الصحة العراقية رسميا على الحادث، على الرغم من الأعداد الكبيرة للمصابين، إلا أن المسؤول في دائرة التفتيش في الوزارة حسن العبودي أكد أن "الوزارة لديها لجان خاصة بالتفتيش والتحري الوبائي في عموم المحافظات، وتلك اللجان تعمل وبشكل مستمر بمهامها الموكلة إليها، من ناحية الرقابة والتفتيش"، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أن "أي مطعم مخالف للشروط الصحية تتم محاسبته بحسب لائحة القوانين التي نعمل بها"، مبينا أن "الفترات السابقة شهدت إغلاق الكثير من المطاعم الشعبية في بغداد والمحافظات بعد رصد حالات تسمم فيها، والتأكد من مخالفتها للشروط الصحية"، لافتا إلى أن "تلك اللجان تواصل أعمالها، وهي تتابع وتتلقى بلاغات من مواطنين بتقصير وإهمال صحي في مطاعم معينة، وعند ذاك تجري بشكل مباشر عمليات التفتيش والفحص للمطعم ومدى مطابقته للشروط الصحية"، مؤكدا على "أهمية تعاون المواطنين بالإبلاغ عن تلك المطاعم لتتم محاسبتها من قبل الوزارة".

من جهته، أكد عضو نقابة الأطباء العراقيين عدنان البياتي أن التقصير واضح من قبل وزارة الصحة بإدارة ملف الرقابة الصحية على المطاعم، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "الكثير من المطاعم في البلاد، وخاصة مطاعم الوجبات السريعة، تعمل من دون رخص، وأن هذا الواقع المؤلم مستمر منذ العام 2003، وأن أعدادا كبيرة من تلك المطاعم أصبحت بؤرة للأوبئة ونقل الأمراض وحالات التسمم، إذ إنها لا تلتزم بأدنى مستوى من النظافة والإجراءات الصحية، وهذا أمر لا يمكن استمراره بأي شكل من الأشكال"، مؤكدا أن "العمل الرقابي في وزارة الصحة ضعيف، وأن الوزارة تعمل على غلق المطعم المخالف على أثر تسجيل حالات التسمم، وهذا إهمال واضح، إذ إنها لا تطبق القوانين على المطاعم المخالفة للشروط إلا بعد أن تسجل كوارث التسمم والتي تتسبب بعضها بحالات وفاة".

وشدد على أنه "يجب أن تكون هناك فرق خاصة للرقابة الصحية اليومية، وأن تنفذ جولات ميدانية بشكل يومي، وأن تداهم تلك الفرق المطاعم بشكل مفاجئ وأن تتابع مدى مطابقته للشروط الصحية، وأن تكون هناك محاسبة شديدة وإغلاق للمطاعم المخالفة من دون أي مجاملات"، مؤكدا أنه "لا يمكن التساهل بهذا الملف الذي يمس صحة المواطن بشكل مباشر".

وسجّلت البلاد خلال الأعوام الأخيرة حالات تسمم كبيرة، إذ أصيب أكثر من 500 شخص بالتسمم إثر تناولهم وجبات سريعة في مطعم شعبي بمحافظة ميسان، جنوبي البلاد، كما تم تسجيل 35 حالة تسمم بسبب مأكولات مطعم في شرقي العاصمة بغداد، وقبلها تكررت هذه الحالات في محافظتي كركوك وديالى وغيرهما، وعادة ما تقوم قوات الأمن بالتنسيق مع السلطات الصحية بغلق المطاعم المتسببة في ذلك.

المساهمون