المحامون الفلسطينيون يُعلّقون العمل أمام المحاكم رفضاً لتعديلات قانونية

10 مارس 2022
محامون فلسطينيون يتظاهرون أمام المجلس التشريعي (عباس موماني/فرانس برس)
+ الخط -

علّقت نقابة المحامين الفلسطينيين العمل الشامل، اليوم الخميس، أمام كافة المحاكم النظامية والعسكرية والنيابات العامة المدنية والعسكرية في الضفة الغربية يوماً واحداً، رفضاً لتعديلات قوانين تتعلق بالقضاء الفلسطيني وعمل المحامين أقرها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بموجب قرارات بقوانين في ظل غياب المجلس التشريعي.

وأكدت نقابة المحامين، في بيان لها، أنها تلقت ببالغ الخطورة نشر تلك التعديلات في مجلة الوقائع الرسمية بتاريخ 6 مارس/ آذار الجاري، مشيرة إلى أنها تأتي في سياق الفهم الخاطئ لتطوير القضاء، وتقوّض العدالة، وتدفع باتجاه انهيار المنظومة القضائية بشكل كامل.

وتشمل التعديلات: قانون الإجراءات الجزائية، وقانون المحاكمات المدنية والتجارية، وقانون البينات، وقانون التنفيذ، وفق ما أكده عضو مجلس نقابة المحامين أمجد الشلة لـ"العربي الجديد".

وقال الشلة: "إن ما خلصت إليه اللجان القانونية بخصوص قانون الإجراءات الجزائية يؤكد أن التعديلات من شأنها المساس الخطير بمبادئ المحاكمة العادلة، وتغيير في المراكز القانونية ما بين الخصوم، تحديداً بين محامي الدفاع عن المتهمين والنيابة العامة، بحيث أصبح المركز القانوني للنيابة العامة أقوى من الدفاع، إضافة إلى وجود مواد خطرة تعارض القانون الأساسي، بحيث تغير مبدأ (المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم بات ونهائي وقطعي)، لتفرض التعديلات أن المتهم مدان قبل أن تثبت إدانته".

ورفض الشلة أن تكون تلك التعديلات حلاً للأزمة القضائية بفلسطين، قائلاً: "إن حل إشكاليات السلطة القضائية في فلسطين لا يتعلق فقط بتطوير وتعديل القوانين، بل بحاجة إلى توفير الإمكانات المادية والبشرية واللوجستية من أجل العمل في سلطة قضائية قوية قادرة على العمل في مناخ قضائي صحي".

وأضاف الشلة أن التعديلات في قانون الإجراءات الجزائية تشمل 88 مادة، ما يعني ثورة قانونية تحتاج إلى إعادة تأهيل المحامين والقضاة وطلبة كليات القانون.

وأكد الشلة أن مجلس نقابة المحامين في حالة انعقاد دائم، بحيث تم تشكيل لجان قانونية من جموع المحامين لتزويد النقابة بالملاحظات، لكنه أكد أيضاً دعوة نقيب المحامين جواد عبيدات لحضور اجتماع المجلس التنسيقي لقطاع العدالة الذي يضم رئيس مجلس القضاء الأعلى والنائب العام والمستشار القانوني للرئيس الفلسطيني ورئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، مؤكداً أن النقابة تنتظر نتائج الاجتماع.

وكانت نقابة المحامين أوضحت، في بيان لها، أن التعديلات المشار إليها تضمنت جملة من المخالفات الدستورية الجسيمة، لا سيما التعديلات القائمة على قانون الإجراءات الجزائية، إضافة إلى حالة الإرهاق القضائي التي ستنشأ نتيجة نفاذ هذه التعديلات والتي سيتحمل عبئَها المتقاضون والقضاة في ظل عدم توافر البنية التحتية الفنية والمادية اللازمة.

وأكدت نقابة المحامين أنها في أواخر شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، كانت قد تلقت معلومة عن وجود مقترحات لتعديلات تشريعية على هذه القوانين، وعلى الفور، تواصلت مع مكتب الرئيس محمود عباس واجتمعت مع المستشار القانوني له، وأرسلت مذكرة خطية توضح فيها مثالب تلك التعديلات وأثرها السلبي على العدالة والعملية القضائية برمتها، وتوجت بصدور تعليمات رئاسية بإحالة الأمر للمناقشة والتشاور من قبل المجلس التنسيقي لقطاع العدالة، إلا أن النقابة فوجئت بنشر التعديلات في الجريدة الرسمية.

وقالت النقابة: "إن التحدي الحقيقي بنفاذ هذه التعديلات في ما يتصل بتعديلات قانون الإجراءات الجزائية هو جسامة انتهاكه لحق الدفاع المقدس ولقرينة البراءة الملاصقة للمتهم كمحددات دستورية واجبة التطبيق، احتراماً وتجسيداً للكرامة الإنسانية".

أما في ما يتصل بالتعديلات على القوانين الإجرائية الأخرى والتي أحدثت تغييرا جوهريا في منظومة إجراءات التقاضي المدني والتجاري، فإنها جاءت دون أدنى تهيئة لمقومات إمكانية تطبيقها، في ظل غياب البنية التحتية، الفنية والمادية، اللازمة لحملها وتطبيقها، كما تؤكد نقابة المحامين.

وتأتي هذه التعديلات والاحتجاجات عليها بعد أكثر من عام على تعديل قانون السلطة القضائية، إذ خرج المحامون باحتجاجات، العام الماضي، ضدها، وواجهت السلطة الفلسطينية اتهامات بمحاولة الهيمنة على السلطة القضائية.

وفي هذا السياق، قال الشلة: "لا شك أن التعديلات الحالية قد تكون امتدادا لما حصل قبل سنة ونصف بتعديل القوانين التي تعلقت بالسلطة القضائية، لأن قانون السلطة القضائية الذي تم تعديله أعطى مجلس القضاء تعديل القوانين حسب ما يرتئيه، نحن نرى أن هناك حالة من عدم الحيادية في إجراء مثل هذه التعديلات، لأنها جاءت من منظور مجلس القضاء فقط".

وتابع الشلة "ولم تأخذ برأي نقابة المحامين؛ الجزء الشريك الرئيسي للقضاء، وهو القضاء الواقف، بالإضافة إلى أن المحامين هم الجمهور المستهدف بالدرجة الأولى من التعديلات، وهو ما سينعكس على جمهور المتقاضين ككل، نحن أمام قانون يخص المجتمع ككل ولا نستطيع أن نقرأ ذلك بمعزل عن تعديلات القوانين السابقة، إلا أننا نرى اليوم تعديلات قانونية تمس جوهر عمل المحامي الفلسطيني والقاضي ووكيل النيابة وكل أركان العدالة، وهو ما سيحمل أثره على المواطن".

المساهمون