العنف يتحول إلى ممارسة يومية في تونس

09 مارس 2022
العنف بات يهدد الجميع في تونس (ياسين جايدي/الأناضول)
+ الخط -

تنذر مستويات العنف المرصودة في تونس خلال عام 2021، بتحوّله إلى ممارسة يومية تزداد استفحالا مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ويحتل العنف الأسري مرتبة متقدمة بين مختلف أشكال التعنيف.
وكشف التقرير السنوي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول ظاهرة العنف، أن العنف الأسري من أكثر الأنواع انتشارا، وغالبا ما تكون ضحيته المرأة والأطفال أو أحدهما، ويصل في تطور درجاته إلى حد الجريمة التي تنتهي بالوفاة في بعض الأحيان.
وذكر التقرير أنّ شهر يناير/كانون الثاني 2021، كان من أكثر الأشهر عنفا، إذ تم تسجيل 132 واقعة في تونس الكبرى وحدها، ما يجعل العاصمة تستأثر بـ34 في المائة من مجمل حالات العنف المسجلة في البلاد، كما أن الوسط العائلي يحتل المرتبة الثانية في ارتكاب العنف بعد الشارع بنسبة 27.7 في المائة، ويمارس الذكور العنف بنسبة 67.2 في المائة، مقابل 18.8 في المائة بين الإناث.
وسجلت محافظات تونس وسوسة والمنستير أعلى النسـب في زيادة العنف خلال 2021، مقارنة بالسنة التي سبقتها، وبلغت الزيادة 177.4 في المائة في تونس، و111 في المائة في سوسة، و107 في المائة في المنستير، والمحافظات الثلاث تسـتقبل المواطنين من مختلف المناطق، ويسمح تعدد الأصول الجغرافية لسكانها، وطبيعة الأنشطة التـي تتوفر فيهـا بزيادة منسـوب العنـف، كما يسهل رصده والكشـف عنه.
وتكشف الدراسة أن محافظتي تطاوين وقابس (جنوب) سجلتا أدنى نسب عنف خلال 2021، بواقـع 9.5 في المائة و5.5 في المائة على الترتيب، غير أن تدني نسـب العنف لا يعني انعدامه، بل هو نتاج نمط اجتماعي وثقافي سائد،  حيث لا يعتبر التبليغ عن العنف ممارسة معتادة.

وتقول منسقة مرصد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، نجلاء عرفة، إن سنة 2021 لم تكن مختلفة كثيرا عن سابقتها، وبقيت مؤشرات العنف بمختلف أصنافه لافتة، وتنذر بتفاقم الخطر، واستفحال الظاهرة، التي بدأت تتحول إلى ممارسة يومية.
وأكدت عرفة لـ"العربي الجديد"، أن "تشريعات وقوانين مكافحة العنف لم تتمكن من الحد منه كممارسة، أو وضع الحلول موضع التطبيق، كما أن العنف الأسري بلغ مستويات قياسية بسبب الحجر الصحي إبان انتشار جائحة كورونا، وامتد إلى عام 2021، ورغم أنه تحوّل إلى الشارع، غير أن المرأة والطفل يظلان أكثر الضحايا".

وأوضحت أن "ما يتم رصده من عنف ليس إلا عينة تمثيلية لما يحصل في المجتمع، وما خفي كان أخطر من حيث العدد والشكل، والاعتداء العنيف من تلميذ على أستاذه في مؤسسة تعليمية خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كان دليلا على تحوّل المجتمع إلى الممارسات العنيفة غير التقليدية، وغير المسبوقة، وهذه الحادثة كانت صافرة إنذار".
بدورها، أكدت وزيرة المرأة وشؤون الأسرة والطفولة، أمال موسى، أمس الثلاثاء، ما ورد في تقرير منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مشيرة إلى ارتفاع منسوب العنف داخل المجتمع التونسي، وأن جائحة كورونا فاقمت الأزمة، وبات العنف يستهدف الأطفال والرجال والمسنين، وليس المرأة وحدها.
وأكدت موسى لإذاعة محلية، تلقي الوزارة قرابة 7000 إشعار بالعنف ضد النساء خلال سنة 2021، كما أن هناك فارقا كبيرا بين قضايا العنف المرصودة، وبين القضايا التي يتعهد بها القضاء، إذ لا تلجأ أغلب المعنفات إلى القضاء بسبب تبعية المرأة للرجل ماليا، إضافة إلى ثقافة المجتمع الذكورية.

المساهمون