استمع إلى الملخص
- أمضى الأردني أسامة البطاينة 38 عاماً في سجن صيدنايا دون تهمة واضحة، وأُفرج عنه مؤخراً بعد التأكد من هويته عبر فحص DNA، مما يسلط الضوء على معاناة المعتقلين الأردنيين.
- أكد رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان على أهمية توثيق الانتهاكات في السجون السورية لتحديد مرتكبيها وتحقيق العدالة، حيث تُظهر التقارير الدولية قتل آلاف المعتقلين بشكل منظم.
التعرف إلى طبيب يمني اعتقله الأسد في صيدنايا 13 عاماً
الأردن يستعيد مواطناً فاقد الذاكرة اعتقل بسورية 38 عاماً بلا تُهم
حقوقي سوري: يجب حفظ وثائق السجون وضبط الإفراجات لتحقيق العدالة
ما زالت شهادات المفرج عنهم من سجون نظام الأسد في سورية، تحمل المزيد من قصص المعاناة خلف أسوار السجون وأقبية الزنازين، وهو ما كشفه الإفراج عن الطبيب اليمني رياض العميسي، المعتقل منذ 2013 في سجن صيدنايا سيّئ السمعة، وما تكرر مع الأردني أسامة البطاينة الذي ظل 38 عاماً في صيدنايا ليخرج فاقداً للذاكرة كحال العميسي، وغيرها من قصص المعاناة.
العميسي.. طبيب يمني فقد الذاكرة في سجون الأسد
بثت وسائل إعلام يمنية، اليوم الثلاثاء، صوراً لطبيب يمني فاقد للذاكرة في العاصمة السورية دمشق، جنوب غربيّ سورية، وذلك بعد تحريره من قبل فصائل المعارضة السورية من سجن صيدنايا سيّئ السمعة، حيث اعتُقِل عام 2013 من قبل نظام بشار الأسد.
وقال موقع "المشهد اليمني" اليوم الثلاثاء، إن قوات فصائل المعارضة السورية تمكنت من إطلاق سراح الطبيب اليمني رياض أحمد العميسي، الذي كان محتجزاً في سجن صيدنايا، ضمن آلاف المعتقلين الذين أُفرِج عنهم بعد سقوط نظام الأسد وسيطرة فصائل المعارضة على السجن، مؤكداً أنه طالع صورة للطبيب العميسي، بعد خروجه من سجن صيدنايا المرعب، فاقداً للذاكرة.
وسائل إعلام يمنية: ظهور صورة لطبيب يمني فاقداً للذاكرة بعد الإفراج عنه من سجن صيدنايا السوري.
— سمير النمري Sameer Alnamri (@sameer_alnamri) December 9, 2024
الطبيب رياض أحمد العميسي حصل على شهادة البكالريوس في الطب البشري من جامعة صنعاء، وعمل لفترة في مدينة حجة. ثم انتقل إلى سوريا لاستكمال دراساته العليا أثناء الثورة السورية وتم اعتقاله… pic.twitter.com/kszuwLkzVI
وبحسب الموقع، فإن الطبيب رياض العميسي، الحاصل على شهادة البكالوريوس في الطب البشري من جامعة صنعاء، والذي عمل سابقاً في مدينة حجة، كان قد انتقل إلى سورية لاستكمال دراساته العليا في أثناء الثورة السورية. إلا أنه اعتُقل وأُخفي قسرياً، لينضم إلى عشرات الآلاف من ضحايا الاعتقال في سجون النظام.
وفي شباط/ فبراير 2013، كان القائم بأعمال السفير السوري في اليمن، سليمان عادل سرة، قد وعد عائلة العميسي بالإفراج عنه في غضون أيام، نافياً حينها صدور أي حكم بالإعدام بحقه، وسط تهديدات من وجهاء قبيلته بمحاصرة السفارة السورية في صنعاء إن لم يُطلَق سراحه.
وأشار الموقع إلى أن الشيخ صالح العميسي، أحد وجهاء القبيلة، أوضح أن السفير أبلغهم بأن الملحق الثقافي بالسفارة اليمنية في دمشق قدّم معلومات مغلوطة إلى المخابرات الجوية السورية، تتهم الطبيب بدعم الجيش السوري الحر، وهو ما ثبت لاحقاً عدم صحته. ولفت الموقع إلى أن خروج رياض العميسي من سجن صيدنايا بعد سنوات من التعذيب والإخفاء جاء مصحوباً بفقدان للذاكرة، ما يعكس حجم الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها المعتقلون داخل هذا السجن، مشدداً على أن إطلاق سراحه يمثل بارقة أمل لعشرات الآلاف من المعتقلين الذين ينتظرون الحرية في ظل المتغيرات الجذرية التي تشهدها سورية.
الأردني أسامة البطاينة... 38 عاماً في سجن صيدنايا
كذلك أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، اليوم الثلاثاء، استعادة مواطن "فاقد للذاكرة" اعتقله النظام السوري المنهار قبل 38 عاماً بلا تهمة. جاء ذلك وفق ما أدلى به متحدث الوزارة سفيان القضاة، لـ"العربي الجديد"، بعد وصول المواطن إلى حدود جابر الأردنية وتسليمه لذويه. وقال القضاة: "إن المواطن هو أسامة بشير حسن البطاينة، من مواليد محافظة إربد (شمال) 1968". وتابع: "بعد أن ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بقصته، تواصلنا أمس (الاثنين) مع والده وأخذنا كل المعلومات اللازمة".
وأضاف: "بحمد الله وصل السجين أسامة البطاينة إلى معبر جابر الحدودي (مع سورية)، وقد أبلغت والده بذلك صباح اليوم (الثلاثاء) مبكراً بالهاتف"، مبيناً أن رجال الأمن العام سلموه لوالده. وفي توضيحه لتفاصيل قصته، قال القضاة لـ"الأناضول" إن "أسامة، بحسب ما قال والده، كان طالباً بالمدرسة عندما ذهب لزيارة سورية عام 1986، واختفى منذ ذلك الوقت". مردفاً: "حاولنا بوصفنا وزارة خارجية منذ ذلك الوقت العثور عليه، إلا أنه كغيره من السجناء، كان هناك إنكار من النظام السوري السابق بوجوده". لافتاً إلى أنه كان ممن خرجوا من سجن صيدنايا، واصفاً وضعه بـ"المأساوي نتيجة فقدانه للذاكرة، إذ لم ينطق إلا بكلمة إربد (مدينته في شمال الأردن)".
وقال المحامي فوزات البطاينة وهو ابن خال أسامة، لـ"العربي الجديد" إنه تم التوافق على إجراء فحص (DNA) من اجل التأكد رسميا انه هو أسامة البطاينة، خاصة أن هناك تغيرات كبيرة طرأت على شكله خلال كل فترة اعتقاله. موضحا أن أسامة عند وصوله إلى البيت جرى عرض صوره القديمة عليه، وقَبل يد والده، مبينا أن كل المؤشرات توكد أنه هو، ووالده يؤكد ذلك لكن من أجل قطع الشك باليقين لا بد من ظهور نتائج فحص (DNA).
وأوضح فوزات أنه بعد سنوات من اختفاء أسامة علمت الأسرة بوجوده في سجن عدرا السوري، ثم تم نقله إلى عدة سجون لكنه استقر في صيدنايا، ودفعت الأسرة الكثير من المال في محاولة للوصول إليه فضلا عن التواصل مع الكثير من المسؤولين في الأردن وسورية بدون نتائج ومنذ عام 2000 اختفت أخباره.
بدوره قال رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان ومناهضة التعذيب، عبد الكريم الشريدة لـ"العربي الجديد" إن المنظمة أحصت 236 معتقلا بسجون النظام السوري، أغلبهم قبل عام 2013، وتم الحصول على هذه الأسماء إما من قبل ذوي المعتقلين أو من خلال التواصل مع أشخاص أُفرج عنهم سابقا، وبدأ حصر هذه الأسماء منذ عام 1992، مضيفا انه قبل عام 2013، كان هناك نشاطات كثيرة، وقفات وتظاهرات واعتصامات لمطالبة الحكومة ببذل الجهود للإفراج عن المعتقلين الأردنيين في السجون السورية، لكن الجهود توقفت مع حل المنظمة التي أعيد تسجيلها مرة أخرى.
وأضاف الشريدة: "اليوم بعد انهيار النظام السوري تصلنا بلاغات عن مفقودين، كما وصلتنا معلومات سابقة عن وفاة البعض في سجون النظام السوري لكن لم نعلن ذلك، فالكثير من أهالي المعتقلين يعيشون على الأمل"، مطالبا الحكومة الأردنية ببذل كلّ الجهود الممكنة من أجل متابعة خروج المعتقلين الأردنيين من السجون السورية، وتأمين عودتهم.
وتمكنت قوات المعارضة السورية، الأحد، من تحرير معتقلين من سجن صيدنايا المعروف باسم "المسلخ البشري"، لكونه مركزاً للتعذيب، لكن عائلات معتقلين أطلقوا مناشدات لتحرير ذويهم الذين قالوا إنهم ما زالوا محتجزين في طوابق سفلية داخل السجن. بينما أعلن الدفاع المدني السوري، مساء الاثنين، انتهاء أعمال البحث عن معتقلين محتملين في أقبية سرية بسجن صيدنايا، دون العثور على أي منهم في زنازين وسراديب سرية غير مكتشفة داخل سجن صيدنايا سيئ السمعة.
حقوقي سوري: يجب حفظ وثائق السجون لتحقيق العدالة
من جانبه، قال رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، لـ"الأناضول" إن الحفاظ على الوثائق في السجون مهم جداً لمعرفة مصير المعتقلين والمغيبين قسراً ويساهم بتحديد أسماء مرتكبي الانتهاكات بعهد النظام المخلوع، مطالباً بضبط عمليات الإفراج عن السجناء.
وقال عبد الغني: "حالياً يجب التركيز على العمل للحصول على الوثائق التي تتضمن أسماء القائمين على الأفرع الأمنية وسجلاتهم، والحفاظ عليها نظراً للحاجة الماسة إليها"، مضيفاً أن "الوثائق تحتوي على تفاصيل التفاصيل لكي نعرف المتورطين في أعمال التعذيب، ونحن بالشبكة السورية لحقوق الإنسان نعرف بعضهم، ونجهل المئات أيضاً"، موضحاً أن "تلك الوثائق تمكن مقارنتها ببيانات الشبكة، ولا بد أن نعرف أسماء المفرج عنهم ومن مات تحت التعذيب وما إلى ذلك من تفاصيل، فهذا كله يساعدنا في كشف الحقيقة".
وعن مراكز تعذيب المعتقلين لدى النظام السوري السابق، أفاد عبد الغني بأن "الأفرع الأمنية داخل دمشق ذائعة الصيت، مثل فرع الخطيب وفرع 215 والمخابرات الجوية، التي كان يُحوَّل المعتقلون إليها من مختلف الأفرع الأمنية السابقة، أصعب مراكز التعذيب". أما السجون سيئة الصيت، فاعتبر عبد الغني أنها "تأتي بالمرحلة الثانية، مثل سجن صيدنايا وسجن تدمر".
تشير تقارير دولية إلى أن آلاف المعتقلين قُتلوا بشكل منظّم وسرّي داخل السجن، حيث نفذ النظام المنهار إعدامات جماعية دون محاكمات بين عامي 2011 و2015، بمعدل يصل إلى 50 شخصاً في الأسبوع.
وفجر 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري دخلت فصائل المعارضة السورية العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاماً من حكم نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وحكم بشار الأسد سورية لمدة 24 عاماً منذ يوليو/ تموز 2000 خلفاً لوالده حافظ الأسد (1970-2000)، وفرّ من البلاد هو وعائلته إلى روسيا التي أعلنت منحهم اللجوء لما اعتبرتها "أسباباً إنسانية".