الانتخابات الأردنية: نتائج ضعيفة للمرأة لولا "الكوتا"

08 ابريل 2022
لا دعم للمرأة في الانتخابات الأردنية (محمد صلاح الدين/ الأناضول)
+ الخط -

ما زالت المرأة الأردنية تصارع الثقافة المجتمعية التي لا تمنحها المكانة التي تستحقها في المجالس المنتخبة، ما يكرّس استمرار ضعف تمثيلها رغم المحاولات الرسمية التي تبذل لدفعها الى الأمام عبر حصة "الكوتا" كي تعزز حضورها المؤثر في مؤسسات صنع القرار. وأظهرت النتائج النهائية لانتخابات مجالس الإدارات المحلية التي أجريت أخيراً ضعف حضور المرأة، إذ حصدت 68 مرشحة للمجالس البلدية، و6 لمجالس المحافظات مقاعد عبر التنافس المباشر الذي خاضه 4646 مرشحاً ومرشحة بهدف الفوز برئاسة 100 بلدية و1018 مقعداً مخصصة لمجالس البلديات و289 مقعداً لمجالس المحافظات. أما القانون فيخصص نسبة 25 في المائة من المقاعد للنساء في محاولة لتعديل الموازين نسبياً.
تقول دلال الشيخ التي تنتمي إلى حزب "المواطنة" ولم تنجح في الفوز بمقعد في مجلس محافظة الزرقاء، ثاني أكبر المدن في الأردن على صعيد عدد السكان، لـ"العربي الجديد"، إن "المرشحين الذكور يحاربون النساء المرشحات، ويحاولون إقصاءهن من المنافسة، خصوصاً اذا توقعوا فوزهن. وقد يصل ذلك إلى محاولة فضّ تجمعات لأنصار المرشحة والضغط عليهم للتخلي عن تأييد النساء المرشحات في ظل ثقافة مجتمعية تهمّش المرأة ولا تدعمها بشكل كبير في المعترك الانتخابي". 
وتؤكد أن "لا مشاكل مع الإجراءات الحكومية والقوانين التي تدعم المرأة عبر الكوتا، لكن العقدة الأساس التي تواجه السيدات تتمثل في الثقافة المجتمعية التي لا تؤمن بمنافستهن الرجل وحقهن في ذلك". 
وتلفت إلى أنها حاولت دائماً التواصل مباشرة مع الشارع والناخبين. وتصرّ على أن تجربتها أثبتت أن الرجال لا يرغبون في في منافسة المرأة لهم، ولا يترددون حتى في تمزيق لوحات ولافتات للدعاية الانتخابية للمرشحات بهدف التأثير على حملاتهن". 
وتعتبر الرئيسة السابقة لبلدية لواء الحسا بمحافظة الطفيلة المهندسة رنا الحجايا "العربي الجديد" أن "تراجع العملية السياسية واضح على صعيد الأداء والمشاركة وثقة الناس بنزاهة الانتخابات، ما يؤثر على جميع المشاركين". 

تتابع: "إذا أرادت المرأة الأردنية الترشح للانتخابات يجب أن تستعين بمحيطها الاجتماعي وأسرتها والأشخاص المقربين منها خاصة في ظل وجود أحزاب ضعيفة، وغياب المنظمات النسوية القوية القادرة على الوقوف إلى جانب المرشحات. والمرأة  التي لا تجد مساندة كبيرة من مؤسسات ذات ثقل تصبح رهينة للأشخاص الذين يساندونها، وتتأثر بتقلب مصالحهم". 
وترى أن "مستوى المنظمات النسوية في الأردن متدنٍ جداً، ولا تشارك في صنع القرار في شكل كبير، ما ينعكس مباشرة على مشاركة المرأة في العملية الانتخابية. والحقيقة أن لا دعم حقيقياً لمسيرة المرأة السياسية في الأردن، رغم تطبيق برامج ومشاريع، وتوفير تمويل دولي ضخم تتعلق بتصنيف الجندر، ما يؤثر على حضورها السياسي". 
وتؤكد أنه "لا يمكن لوم المرأة التي تملك رغبة كبيرة في المشاركة بالشأن العام، لكن ظروف البيئة الاجتماعية المحيطة بها لا تساعدها غالباً لأن المجتمع لا يهتم بمشاركتها، فيعتبرها البعض عبئاً على الصعيد المادي، وربما لا يرغبون أحياناً في الدخول في خلافات مع آخرين بسبب ترشح سيدة من أقاربهم". 

جرى تمزيق لوحات ولافتات لنساء مرشحات (محمد صلاح الدين/ الأناضول)
جرى تمزيق لوحات ولافتات لنساء مرشحات (محمد صلاح الدين/ الأناضول)

وتشير إلى أن "المرأة الأردنية تخوض الانتخابات منذ تسعينيات القرن الماضي، وقد فازت سيدات بلا كوتا في الانتخابات الأخيرة، لكن نسبتهن ظلت قليلة، وبالتالي يجب درس الظروف التي ساهمت في نجاحهن، والإفادة من تجاربهن في أي انتخابات مقبلة، والتركيز على الممارسات الفضلى والظروف التي ساعدتهن في الفوز، وإسقاط ظروف الفشل". 
وتصف الحجايا الإصلاحات السياسية في الأردن بأنها "خلطات جاهزة لا تنعكس على واقع الممارسة، فالحوارات التي أجراها مجلس النواب مع أطياف من المجتمع  حول مختلف القوانين المتعلقة بالتحديث والإصلاح السياسي، شكلية ولم يؤخذ بها، ومنها قانون الأحزاب وقانون البلديات، والإصلاحات التي أنجزت لا تلبي رغبات الشارع، ما يعني أنها لن تنعكس على المشاركة في الانتخابات المقبلة". 
من جهته، يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة رامي الحباشنة لـ"العربي الجديد": "تعكس نتائج النساء في الانتخابات المحلية الأخيرة الخلل الهيكلي الوظيفي داخل المجتمع الذي تترسخ فيه الثقافة الذكورية الذي يجعل الإطار الذهني الاجتماعي  يقرّ في وجدانه بأن المرأة أقل قدرة على التصدي للمهمات في الشأن العام". 

يضيف: "تعكس النتائج أيضاً المظلة الثقافية التي ينشأ فيها الفرد داخل المجتمع، فالمقارنة تحصل منذ لحظة ولادة الطفل البكر، حيث تتضاعف الرغبات لدى الأم والأب في أن يكون المولود ذكراً، وتمتد العملية الى المدرسة والجامعة حتى أن الرغبة في الحصول على عمل تميل لمصلحة الذكر في شكل أكبر في ذهنية الأسرة الأردنية التي تعتقد بأن دخل الأنثى ليس لأفرادها". 
ويعتبر أن "الأنثى في الضمير الجماعي الأردني في مراتب أقل من الذكر. وهنا نصبح أمام ثقافة تضعنا في شكل صادم أمام حقيقة المخرجات التي يتلقاها أفراد المجتمع على الأقل في بنيتهم التعليمية، وتقودنا إلى طرح السؤال حول انسياقنا إلى الثقافة الموروثة والقدرة في تجسيدها في الانتخابات من خلال ما نتعلمه ونتحدث به عن المساواة والعدالة التي ندعو لها دائماً، وتقديم مبدأ الكفاءة في اختيار المرشح، أكان ذكراً أم أنثى، فثقافة المجتمع تحرم أحياناً الأنثى مكانتها وتمنحها للذكر رغم العلم والمعرفة التي تملكها والجهد الذي تبذله. ومن المؤسف أنه حتى الأشخاص الأكاديميون يعودون الى ثقافتهم المجتمعية، لذا واضح أن التغيير بعيد، فيما تحل الكوتا جزءاً من المشكلة". 

المساهمون