الاحتلال يعرقل صيانة نظام الصوتيات بالمسجد الأقصى

20 سبتمبر 2022
تدخلات لتعطيل ومنع كافة إجراءات الصيانة بالأقصى (مصطفى الخروف/الأناضول)
+ الخط -

لا يترك الاحتلال الإسرائيلي فرصة للتحكم بعمل إدارة الأوقاف الإسلامية في القدس، في صيانة وترميم المسجد الأقصى، والتي كان آخرها المنع والمماطلة بصيانة نظام الصوتيات بالمسجد، والتي يعاني منها المصلون طيلة الفترة الأخيرة.

وأكدت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة في بيان لها أمس الإثنين، عرقلة سلطات الاحتلال أعمال الصيانة التي تستهدف إصلاح الأعطال في نظام الصوتيات والسماعات في المصلى القبلي داخل المسجد الأقصى المبارك، والذي يعاني من عطل وأضرار جسيمة على مستوى سماعات الصوت الداخلية بنسبة تزيد عن 60% من إجمالي عدد السماعات الموجودة في هذا المصلى.

وقالت الأوقاف: "رغم الحاجة الماسة لإصلاح هذه الأعطال وضرورة استبدال السماعات التالفة لتلافي آثارها الجسيمة التي تؤثر على إحياء الشعائر في عموم المسجد الأقصى المبارك وخاصة المصلى القبلي، إلا أن شرطة الاحتلال وبمنتهى الاستهتار تدخلت لتعطل وتمنع كافة الإجراءات التي اتخذتها دائرة الأوقاف ولتمنع الأطقم التابعة لها من ممارسة مهامها باستبدال السماعات التالفة بأخرى جديدة (والموجودة في مخزن دائرة الأوقاف في باب الأسباط منذ أكثر من شهر ونصف)"، فيما شددت الأوقاف على أن كافة أعمال الإعمار والصيانة للمسجد الأقصى المبارك هي جزء أصيل من المهام الموكلة لها.

ووصف مسؤول كبير في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، إجراءات الاحتلال بأنها خطوة جديدة لمحاولة بسط السيطرة والتضييق على الأوقاف الإسلامية، ومصادرة صلاحياتها في إدارة شؤون المسجد، الأمر الذي يشكل عدواناً مستمراً ومتصاعداً ضد المسجد.

وفي استعراض لهذه الممارسات، قال هذا المسؤول لـ "العربي الجديد"،"إن ما نشهده مؤخراً من ممارسات لشرطة الاحتلال تجاوز كل الحدود وكل الخطوط الحمراء، بحيث لم يعد يقتصر على صيانة نظام الصوتيات بل تعداه إلى منع الأوقاف من ترميم بلاطة في ساحات المسجد، حيث بات هذا الأمر يحتاج إلى تصريح منهم، فيما تمنع شرطة الاحتلال بالقوة من القيام بذلك، وتهدد بالاعتقال والإبعاد عن الأقصى كل من يقوم بذلك من الطواقم الفنية التابعة لقسم الإعمار، وقد سبق أن اعتقل أكثر من مرة رئيس اللجنة وعدد من موظفيه والعاملين معه".

بدوره، قال الشيخ عبد العظيم سلهب رئيس مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس في حديث لـ"العربي الجديد": "إن هذه الممارسات هي لأهداف وغايات مبيتة، باستهداف جميع مشاريع الإعمار في المسجد الأقصى المبارك، ومنع استكمال المشاريع الهاشمية".

وأضاف: "مديرية مشروعات إعمار المسجد باتت لا تستطيع صيانة أو ترميم أي عطل أو خلل يطاول أبسط مرافق المسجد ويتعرض موظفوها للملاحقة والتهديد بالاعتقال والإبعاد"، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي تمنع فيه سلطات الاحتلال أعمال الصيانة والترميم اللازمة والضرورية في الأقصى، فإنها تقوم بأعمال حفر مستمرة في ساحة البراق بآليات حفر ضخمة.

في حين، اعتبر رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، استمرار الاحتلال في منع وعرقلة أعمال الترميم داخل المسجد وفي محيطه "محاولة مكشوفة لفرض سيادته على المسجد، وشل عمل لجنة الإعمار التابعة للوقف الإسلامي، وهو ما نرفضه وندينه بأِشد العبارات".

وأضاف صبري في حديث لـ"العربي الجديد"، "أن هذه الممارسات تعد تدخلًا في إدارة وشؤون الأقصى وسحب البساط من صلاحية الأوقاف، وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها عرقلة عمليات الترميم، بل هم مستمرون في عدة إجراءات عدوانية بحق الأقصى من أجل فرض السيادة عليه".

ولفت صبري إلى أن هذه الإجراءات والممارسات الاحتلالية بدأت منذ العام 2017، بعد أن فشلت سلطات الاحتلال في معركة "البوابات الإلكترونية"، لذلك أرادت أن تتدخل في موضوع السيادة من داخل الأقصى.

وفي حديث لـ"العربي الجديد"، قال رضوان عمرو رئيس قسم المخطوطات في المسجد الأقصى سابقاً، "إن الاحتلال من خلال ممارساته بحق الأقصى ومنعه أعمال الترميم إنما يهدف إلى إيجاد موطئ قدم له في المسجد الأقصى وسلطة إدارية وقانونية عليه، إضافة إلى إخضاعه لسلطة الآثار وقوانينها، ولقوانين التنظيم والبناء في بلدية الاحتلال، وهذا الأمر في غاية الخطورة".

وتابع عمرو، "إن الاحتلال وفي كل أعمال الترميم يحاول فرض مراقب من سلطة الآثار ومن قسم الإنشاءات والأبنية الخطرة في بلديته، بهدف واضح وهو جر الأقصى للاحتكام للقوانين والمحاكم الإسرائيلية، وقد بدا ذلك واضحاً في مسألة ترميم المصلى المرواني في الأعوام 1995 -2000 ، إذ دخلت المحاكم الإسرائيلية بقوة في هذا الملف، وتلقت كثيراً من الشكاوى من جماعات الهيكل ومن طرف البلدية وسلطة الآثار بهدف انتزاع قرارات من هذه المحاكم تمنع أعمال الترميم وإدخال مواد البناء بحجة أن هناك تدميراً يحدث للآثار جراء أعمال الترميم".

ووفق عمرو، "فإنه منذ العام 2000، واندلاع الانتفاضة الثانية آنذاك واحتدام الوضع بين الأوقاف والاحتلال وإغلاق باب السياحة بعد اقتحام شارون للمسجد الأقصى ثم عودة السياحة للمسجد بقوة في العام 2003، بدأ تضييق شديد على أعمال العمران والترميم والصيانة من خلال تحكم الاحتلال بأبوابه ومنع إدخال مواد ترميم، في وقت لم يكن فيه بعض مدراء الأوقاف على قدر من قدرة المناورة أو المسؤولية في إدارة هذا الملف".

وتابع عمرو، "لقد بدأ ابتزاز الأوقاف، في مقابل موافقة شرطة الاحتلال على إدخال هذه المواد، كانت تحصل على امتيازات أكبر مكنتها من إحكام سيطرتها على شؤون المسجد قابلها صمت أردني بما يدلل على أنه كانت هناك تفاهمات ما بين الطرفين، وسنة بعد سنة ضيّعت الأوقاف صلاحياتها على المسجد وتعززت في المقابل صلاحيات شرطة الاحتلال حتى وصلت إلى أن إدخال مواد الترميم رهين بحجم الترميم بمعنى إذا أردت أن ترمم بلاطة لا يسمح إلا بإدخال ما يكفي لترميم هذه البلاطة".

يذكر أن القيود المفروضة على أعمال الترميم والصيانة للمباني والمنشآت لا تقتصر فقط على المسجد الأقصى، بل تتعداها إلى جميع العقارات في البلدة القديمة بما في ذلك عقارات تتبع دائرة الأوقاف الإسلامية، حيث يشير زياد الحموري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية في تقرير كان أصدره المركز في وقت سابق، إلى وجود ما يزيد عن 1500 مبنى وعقار في البلدة القديمة من القدس بحاجة إلى أعمال ترميم وصيانة فورية منذ سنوات طويلة، إلا أن القيود التي تفرضها بلدية الاحتلال في القدس على أعمال الترميم هذه تحول دون تنفيذها، فيما فرضت بلدية الاحتلال عقوبات على أصحاب العقارات الذين أضافوا مساحات صغيرة جداً من البناء على مساكنهم القائمة.

المساهمون