"يونامي" تدعم جهود إعادة العراقيّين من مخيم الهول السوري وتدعو الدول إلى سحب رعاياها

18 نوفمبر 2024
طفل في مخيم الهول السوري، 28 يوليو 2024 (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق على أهمية إعادة العراقيين من مخيم الهول السوري، مشيدًا بالجهود العراقية في إعادة أكثر من 10 آلاف نازح منذ مايو 2021، ودور مركز التأهيل في منطقة الجدعة.
- وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية أكدت على الشراكة مع الأمم المتحدة لإعادة النازحين وإغلاق المخيمات تدريجيًا، مع تغيير اسم "مخيم الجدعة" إلى "مركز الأمل لتأهيل العائدين".
- المحلل السياسي العراقي حذر من بقاء مخيم الهول كتهديد، مشيرًا إلى أن تأخر العودة يمثل خطرًا، بينما الإعلامي عمر الجنابي انتقد تعامل الحكومة والأمم المتحدة مع ملف النزوح.

أفاد رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) محمد الحسّان بأنّهم وضعوا ملفّ إعادة العراقيين من مخيم الهول السوري من ضمن أولويات برنامجها. أتى ذلك في مؤتمر صحافي مشترك عقده الحسّان مع وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية إيفان فائق جابرو بمدينة الموصل، مساء أمس الأحد، عقب زيارة لمخيم للنازحين جنوبي الموصل (شمال).

وقال الرئيس الجديد لبعثة يونامي إنّ "الأمم المتحدة ملتزمة بدعم جهود الحكومة العراقية في ملف إعادة العراقيين من مخيم الهول بأسرع وقت ممكن"، مشدّداً على أنّ البعثة "تؤكد أهمية استمرار العودة من المخيم من مختلف الفئات". كذلك، دعا الحسّان كلّ الدول إلى سحب رعاياها الموجودين في مخيم الهول السوري الواقع في محافظة الحسكة شمالي البلاد، فيما حثّ المجتمع الدولي على الاضطلاع بمسؤولياته تجاه هذا الملف تمهيداً لإغلاق مخيم الهول الذي عانى فيه العراقيون طيلة سنوات.

وأشاد المبعوث الأممي بالجهود التي يبذلها العراق في إطار ملفّ إعادة العراقيين من مخيم الهول السوري، قائلاً إنّ "النهج الاستباقي الذي اتّبعه العراق بشأن مخيم الهول يُعَدّ مثالاً إيجابياً ينبغي التوقّف عنده والاقتداء به"، مبيّناً أنّ "مركز التأهيل في منطقة الجدعة" الواقعة إلى الجنوب من مدينة الموصل "يمثّل بوابة لعبور العراقيين العائدين من مخيم الهول إلى مناطقهم ومدنهم الأصلية"، فيما أشار إلى أنّ "أكثر من 10 آلاف عراقي نازح عاد من المخيم منذ مايو/ أيار 2021".

من جهتها، أفادت وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية، في المؤتمر الصحافي نفسه، بأنّ الأمم المتحدة "شريك حقيقي للحكومة العراقية، وتحديداً لوزارة الهجرة والمهجّرين" في إعادة العراقيين من مخيم الهول السوري، و"إيجاد الحلول المستدامة لهذا الملف، من بينها تأهيل العائدين والإشراف على دمجهم في المجتمع" من جديد.

وأشارت فائق جابرو إلى أنّ الحكومة العراقية "وضعت من ضمن أولوياتها في ملف الهجرة إعادة جميع النازحين في العراق وإغلاق المخيمات تدريجياً من جهة، ومن الجهة الأخرى إعادة العراقيين من مخيم الهول السوري". وأوضحت أنّ وزارتها تتطلّع إلى مزيد من التعاون مع الأمم المتحدة في وضع الخطط والبرامج المستقبلية لتحقيق النتائج الإيجابية المتعلّقة بإعادة دمج العراقيين في المجتمع وإعادتهم إلى مناطقهم. ولفتت فائق جابرو إلى أنّ وزارة الهجرة والمهجّرين اتّخذت قراراً، أخيراً، يقضي بتغيير اسم "مخيم الجدعة" لاستقبال العراقيين العائدين من مخيم الهول إلى "مركز الأمل لتأهيل العائدين".

وتعمل الحكومة العراقية على إعادة مئات العائلات العراقية الموجودة في مخيم الهول تدريجياً، فتنقل دفعات منها في محطات زمنية متقاربة إلى مخيم الجدعة الواقع في محافظة نينوى المجاورة لمحافظة الحسكة السورية، ليتابع أفراد تلك العائلات هناك دورات تأهيل نفسي، وكذلك اجتماعي وتعليمي، قبل السماح لهم بالعودة إلى منازلهم في مدنهم الأصلية التي تركوها قبل احتلال تنظيم داعش في عام 2014.

وكانت منظمة العفو الدولية قد بيّنت في تقرير نشرته، الشهر الماضي، أنّ العراقيين الموجودين في مخيم الجدعة يلقون معاملة سيّئة وتعذيباً، بالإضافة إلى الإخفاء القسري بعد احتجازهم فيه. وشرحت المنظمة الحقوقية أنّ المحتجزين يتعرّضون للضرب والصعق الكهربائي والاحتجاز في وضعيات مؤلمة، وقد دعت السلطات العراقية إلى التحرّك قبل أن يتعرّض آلاف آخرون لانتهاكات مماثلة.

بقاء مخيم الهول خطر على العراق

يقول المحلّل السياسي العراقي غانم العابد لـ"العربي الجديد" إنّ "بقاء مخيم الهول مستقبلاً وعدم إعادة العراقيين الموجودين فيه يمثّلان تهديداً للعراق"، ويلفت إلى أنّ "الخطوات الرسمية بشأن إعادة العراقيين من مخيم الهول تبقى أفضل من عدم الإتيان بأيّ خطوة، على الرغم من الملاحظات وعلى الرغم من بطء هذه العملية".

ويوضح العابد أنّ "المشكلة الكبرى التي تواجه الحكومة العراقية هي رفض الدول استقبال رعاياها من مخيم الهول، الأمر الذي يمثّل عبئاً على العراق لأنّ المخيم يقع على مقربة من الحدود العراقية، ولا سيّما في ظلّ الصراع الحالي الذي تشهده المنطقة". ويضيف أنّ "تأخّر عودة العراقيين أو منعهم من العودة يمثّلان خطراً، إذ إنّ 20 ألف عراقي تقريباً ما زالوا في مخيم الهول السوري، وهؤلاء يعيشون القهر والتطرّف الاجتماعي بسبب الظروف والأوضاع المأساوية في المخيم". ويحذّر العابد من أنّ "بقاءهم هناك يعني تهيئة جيل جديد في ظلّ التطرّف والحرمان والقهر المجتمعي، الأمر الذي يجعلهم مستقبلاً عناصر تهديد للاستقرار والأمن في العراق"، مشدّداً على "أهميّة أن تسارع الحكومة العراقية إلى إعادة جميع العراقيين من مخيم الهول السوري وأن تضغط على الدول من أجل سحب رعاياها هناك وإغلاق المخيم نهائياً".

متطلبات كثيرة لإعادة النازحين

وإعادة النازحين العراقيين إلى مناطقهم أمر يتطلّب تأمين متطلبات كثيرة، في مقدّمتها سحب الفصائل من المدن وتوفير الخدمات وتعويض المتضرّرين وإعادة إعمار مساكنهم، في حين أنّ السلطات العراقية لم تؤمّن ذلك، بحسب ما يقول الإعلامي العراقي عمر الجنابي لـ"العربي الجديد". ويضيف الجنابي أنّ "البعثة الأممية (يونامي) سقطت في الخطأ نفسه الذي سقطت فيه وزارة الهجرة والمهجّرين بشأن إغلاق مخيمات النزوح. وعملية إغلاق المخيمات وإعادة النازحين إلى مناطقهم موضوع إعلامي لا أكثر"، مشيراً إلى أنّ "الحكومة العراقية تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة على نقل النازحين من المخيمات إلى العشوائيات، مثلما حصل في مخيم بزيبز" بالفلوجة وسط العراق.

ويتابع الجنابي أنّ "ثمّة قضايا كثيرة لم تعالجها الحكومة العراقية وسكتت عنها الأمم المتحدة"، مبيّناً أنّ عودة النازحين الكريمة إلى مناطقهم تتطلّب إخراج الفصائل المسلحة من تلك المناطق، وإعادة الخدمات إليها وتشغيل المدارس والمستشفيات والبنى التحتية، إلى جانب إعادة إعمار المنازل المدمّرة وتطهير المناطق من المخلفات الحربية. ويرى الجنابي أنّ إغلاق مخيمات النزوح بالطريقة الحالية يُعَدّ "عملية تشريد جديدة للنازحين"، لافتاً إلى أنّ "الأمم المتحدة تجاهلت الخروقات والانتهاكات المسجّلة في مخيمات النازحين، مثلما حصل أخيراً في مخيم الجدعة، بحسب ما أفادت منظمات دولية حقوقية".

المساهمون