لم تتمكن الفلسطينية فاطمة مرتجى، زوجة الأسير في السجون الإسرائيلية، محمد مرتجى، من زيارته، أو الاتصال هاتفيا به منذ ما يزيد على أربع سنوات، والعائلة من بين عدد من الأسر الفلسطينية التي ترفض سلطات الاحتلال زيارتهم أبناءهم المعتقلين.
وتتكرر المعاناة مع عائلات ما يزيد على 250 أسيرا فلسطينيا من قطاع غزة، والذين منعوا من التواصل مع أبنائهم، سواء من خلال الزّيارات، أو عبر الهاتف، منذ مارس/آذار 2020، بحجة مكافحة تفشي فيروس كورونا، في حين منعت عائلات أخرى من زيارة أبنائها منذ سنوات بالمخالفة لكل المواثيق والمعاهدات الدولية.
تقول زوجة الأسير مرتجى، من منطقة المشتل غربي مدينة غزة، إن قوات الاحتلال اعتقلت زوجها على حاجز بيت حانون/إيرز في عام 2017، خلال توجهه لحضور اجتماع لمؤسسة تركية كان يعمل مديرا لها، وحُكم عليه بالسجن تسع سنوات، موضحة أنها مُنعت منذ اللحظة الأولى من زيارته لـ"أسباب أمنية" وفق ادعاء الاحتلال الذي لم يسمح للأسرة سوى بزيارتين فقط خلال العام الأول، تمكنت فيهما والدته من زيارته برفقة أحد أبنائه، لكن العائلة كلها حُرمت منذ عام 2018 من زيارته.
وتؤكد فاطمة مرتجى، لـ"العربي الجديد"، أن زوجها أمضى من حُكمه خمس سنوات في ظروف اعتقال صعبة للغاية، وحرم خلالها أولاده الثلاثة وطفلته الرابعة من رؤيته، مضيفة: "اعتقل زوجي حين كان عمر طفلته سنة واحدة، وخلال السنوات اللاحقة باتت دائمة السؤال عنه".
وتوجهت زوجة الأسير الفلسطيني إلى العديد من المؤسسات المعنية بالأسرى، وفي مقدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، للمطالبة بزيارة زوجها، إلا أنها لم تفلح حتى في معرفة أسباب المنع، وما زالت غير قادرة على إيصال الملابس إليه، حتى صور أولادهما لا تصل إلى والدهم المعتقل.
لا يختلف حال أم أمجد، زوجة الأسير الفلسطيني هشام حرارة، المُعتقل منذ عام 2015، إذ مُنعت من زيارته منذ 2017، وتقول لـ"العربي الجديد"، إنه اعتُقل على حاجز بيت حانون/إيرز، ووُجِهَت إليه لائحة اتهام، وحُكِم على إثرها بالسجن تسع سنوات، وطوال فترة اعتقاله لم تتمكن من زيارته سوى خمس مرات في أول عامين، وتضيف "من أبسط حقوقنا زيارة زوجي للاطمئنان على وضعه، لا يمكن حرماننا من ذلك الحق وفق أي من الدساتير أو القوانين".
ويؤكد مدير مركز الأسرى للدراسات، الأسير المحرر رأفت حمدونة، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الزيارات حق لكل أسير فلسطيني كفلته كل الاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها اتفاقيتا جنيف الثالثة والرابعة، على اعتبار أنها حلقة التواصل، والأسرى الآن أحوج إلى الزيارات لإدخال الملابس والمقتنيات، خاصة في ظل انخفاض درجات الحرارة، لكن مصلحة السجون الإسرائيلية تحاول التنغيص على الأسرى من خلال حرمانهم من حقهم في الزيارة كنوع من أنواع العقاب الجَماعي، وتُرجع الأسباب في كل مرة إلى حجج واهية".
ويوضح حمدونة: "كانت الزيارة في البداية مفروضة كل أسبوع للأسير الموقوف، وكل أسبوعين للأسير المحكوم، وذلك تحت رعاية اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وتم بعد ذلك إصدار العديد من القوانين المتعلقة بالزيارة، والتي استندت إلى ذرائع وحجج أمنية، ثم مُنعت الزيارات الخاصة بأسرى حركتي حماس والجهاد الإسلامي تمهيدًا لمنع زيارات أهالي قطاع غزة بشكل كامل، وانتقلت الحجج الإسرائيلية منذ عام 2020 من الذرائع الأمنية إلى ذريعة المنع بسبب فيروس كورونا".