عبّر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، عن قلقه العميق لتدهور الأوضاع الإنسانية في سورية ومن التطورات الأخيرة في الحسكة. وجاءت تصريحاته خلال إحاطته الشهرية، الخميس، أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك حول الوضع الإنساني في سورية.
واستهل غريفيث إحاطته بالحديث عن آخر التطورات على الأرض في الحسكة. وقال "بداية أريد التعبير عن قلقي العميق إزاء مصير مئات الأطفال المحتجزين في حصار مخيف على سجن في الحسكة. من الضروري التأكد أن كافة الأطفال موجودون وتم إخلاؤهم بشكل آمن ويحظون بالدعم". وأضاف "حتى لو غادروا هذا السجن فإن مستقبلهم غير مؤكد. هم ليسوا خارج دائرة الخطر وفرصتهم في العودة لحياة طبيعية ضئيلة. يجب أن يتعافوا وأن يتم إدماجهم في المجتمعات". ثم علق بأنه ما كان من المفترض أن يكون هؤلاء الأطفال في ذلك السجن أصلاً.
وأضاف حول الوضع الإنساني عموما في سورية "يرتجف عدد أكبر من الفتيات والفتيان السوريين بردا في الثلوج والمخيمات. وكثر محتجزون فيها وفي مراكز الاحتجاز. ولا أمل بخروجهم منها". ثم أضاف "أما الملايين الذين يعيشون في مساكن وبين أفراد أسرهم، فإنهم ما زالوا لا يحصلون على غذاء صحي وليسوا في المدارس". وشدد على أن المجتمع الدولي وبعد قرابة 11 عاما على الصراع "مستمر في خذلان الشعب السوري، كان يمكن أن نقول إننا نوفر لهم الحد الأدنى، لو تمت حماية المدنيين وقدمت المساعدات الكافية لهم بما فيها الخدمات الاجتماعية الأساسية. لكننا نعجز حتى عن توفير ذلك".
وناشد الدول الأعضاء في مجلس الأمن بالعمل مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية من أجل مقاربة أفضل لتقديم المساعدات الإنسانية. وقال "ما زالت المناطق الساخنة في سورية تشهد خسائر بشرية مدنية. في العشرين من الشهر قتل ستة مدنيين، بمن فيهم أربعة أطفال عندما سقطت قذائف على عفرين. وألحق قصف جوي آخر، في بداية الشهر، أضرارا في محطة مياه أساسية تقدم خدمات لمدينة إدلب. إن الهجوم على السجن بالحسكة وتبعاته يذكرنا بهشاشة الأوضاع في الأجزاء الأخرى من البلد ويذكرنا بخطر "داعش". وأشار كذلك إلى العنف الذي يشهده مخيم الهول.
وحول الأوضاع الإنسانية وعواصف الشتاء التي خلفت وراءها أضرارا كبيرة، قال غريفيث "تعرضت آلاف الخيم للضرر في الشمال الغربي. المشردون يحرقون النفايات للحصول على تدفئة، وتزداد مخاطر الاختناق. كما توفي أحد الأطفال عندما انهارت خيمته بسبب الثلوج. علينا توفير الدعم للناس، ولا يمكن أن تستمر معاناتهم وتتجدد مع كل شتاء". ولفت الانتباه إلى نقص في تمويل صندوق المساعدات الإنسانية الخاص بسورية. وشرح أن هناك قرابة 4 ملايين سوري يحتاجون لمساعدات إضافية بسبب معاناتهم من البرد والعواصف الثلجية وغيرها من العناصر الطبيعية، إلا أن الأمم المتحدة لا يمكنها تقديم المساعدات المتعلقة بهذه الظروف إلا لنصفهم.
وتحدث عن تعمق الأزمة الاقتصادية في سورية، حيث ارتفعت قيمة السلة الغذائية، مجددا، للشهر الرابع على التوالي.
وعن الإنتاج الغذائي المحلي، نبه إلى انخفاض إنتاج القمح في سورية بنسبة ستين بالمائة خلال العام الماضي، في الوقت الذي زادت فيه الاحتياجات. وأشار إلى وجود قرابة 14 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية. وتطرّق إلى وجود عدد من المشاريع التي تقودها منظمات الأمم المتحدة والمتعلقة بالتعافي المبكر وتهدف إلى الحد من الاتكال على إعانة الغذاء، إضافة إلى توسيع مشاريع الري.
وشدد كذلك على أن المعونات عبر خطوط النزاع مستمرة بالتدفق وازدادت نسبتها، لكنه أكد في الوقت ذاته أنها لا تشكل بديلا عن المساعدات الإنسانية العابرة للحدود. وشرح في هذا السياق أن الأمم المتحدة تقدم شهريا المساعدات الغذائية والسلع الأساسية في الشمال الغربي من خلال المساعدات العابرة للحدود (باب الهوى).