الأسيرتان الشقيقتان أماني وصفا جرادات غابتا عن مائدة رمضان وعيد الفطر

15 مايو 2021
أماني وصفا مصدر الفرح وروح الدعابة في العائلة (العربي الجديد)
+ الخط -

لأول مرة في حياته، لم يسمع الفلسطيني حازم جرادات (53 عاماً)، من بلدة سعير بمحافظة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، جملة "كل عام وأنت بخير يابا" من ابنتيه الأسيرتين صفا (23 عاماً) وأماني (22 عاماً)، صباح عيد الفطر، ولم يتمكن من تقديم العيدية لهما، فقد غابتا عن طابور العيدية العائلي.

إذ اقتصر طابور العيدية العائلي لعائلة جرادات، هذا العام، على شقيقات صفا وأماني الثلاث، مروة "الأخت الكبرى" وتعيش بعيداً عن عائلتها كونها متزوجة، بالإضافة إلى هبة وسوار، وأخويهما غير الشقيقين ليث وعلي، بعد أن اعتقلهما الاحتلال قبل مُنتصف مارس/ آذار الماضي، بتهمة ممارسة أنشطة طلابية في جامعة الخليل.

يلتئم في الأعياد شمل ملايين العائلات حول العالم، وفي فلسطين يفرّق الاحتلال العائلات بالاعتقال رغم حلول العيد. إذ عادةً ما تتشارك الشقيقات في أي عائلةٍ مهام تحضير معمول العيد والحلويات والأكلات التقليدية، واستقبال المهنئين والزوار، ومعايدة كبار السن، لكن الاحتلال الإسرائيلي فرض على الشقيقتين أماني وصفا جرادات، من بلدة سعير شمال شرق الخليل جنوبي الضفة الغربية، تشارك تجربة الأسر في سجونه هذا العيد.

يقول حازم جرادات لـ"العربي الجديد"، وكأنّ صوته يحمل ألم شخصين، الأب والأُم، فقد غيّب الموت زوجته قبل سنوات: "صفا وأماني محبوبتان في المنزل، ونحن نفتقدهما كثيراً، خاصة مع شهر رمضان وعيد الفطر، كانتا تتشاركان إعداد المائدة بوصف أنهما الأكبر في العائلة، وتصنعان أجواءً جميلة ومرحة في البيت". قالها وهو يذكر افتقاده الشديد لابنتيه، اللتين تقبعان في سجن الدامون، عدّة مرات.

 

يقصد الآباء والأمهات الفلسطينيون سجون الاحتلال ليروا أبناءهم من خلف الزجاج، أو ليسمعوا أصواتهم عبر الهاتف، أمّا حازم جرادات، وبحجة جائحة كورونا، فتحمّل مشقّة السفر من الخليل إلى محافظة رام الله والبيرة، لمدة تزيد أحياناً عن الساعتين، ليسمح الاحتلال له في نهاية المطاف برؤية ابنتيه عبر تطبيق "زووم"، خلال خمس جلسات محاكمة عقدت لابنتيه صفا وأماني، كما يؤكد.

"ستحكي لكم هبة المزيد عن شقيقتيها.. تعالي يا هبة"، يناديها الوالد الذي أثقل اعتقال ابنتيه مسؤوليته الأبوية تجاه العائلة. تقول هبة جرادات لـ"العربي الجديد" إنّ صفا كانت تصنع حلويات العيد ورمضان، وتتشارك ذلك مع أماني التي تطغى بروحها المرحة على أجواء المنزل. وتضيف: "وكأنّ منزلنا بعد أماني وصفا صار خالياً، جهزنا معمول العيد بدونهما لأول مرة. وهذا العيد لم ترافقني صفا التي كنت أقصد كل عام معها سوق مدينة الخليل لشراء ملابس العيد. كما اعتدنا خلال مشاوير العيد زيارة جدتي لأمي، واستقبال الأقارب في منزلنا، والسهر مع بنات أعمامنا طيلة الليل.. اعتقالهما ترك فراغاً كبيراً، وفعلنا ما سبق أنا وسوار فقط". تحكي هبة التي ضحكت اشتياقاً لشقيقتيها اللتين تؤكد أنهما كانتا مصدر الفرح والمواقف التي تحمل نكهة "النهفة" وروح الدعابة في العائلة.

تؤكد عائلة الأسيرتين صفا وأماني جرادات أنّ الاحتلال نغّص على صفا أيضاً فرحة التحاقها بالعمل حديثاً، عقب تخرجها في جامعة الخليل بتخصّص المحاسبة والعلوم المالية قبل حوالي العام ونصف العام، كما أجهز على فرصة إنهاء أماني متطلبات تخرجها الجامعي بتخصص "الرياضة"، فهي على مقاعد التخرج وفي آخر فصل دراسي، وبدلاً من أن تواجه صفا تحديات العمل وأماني أساتذتها لمناقشة مشروع التخرج، واجهت الشقيقتان الاعتقال في سجون الاحتلال.

المساهمون