الأتراك يفضلون الأرياف خلال كورونا

01 يونيو 2021
تباعد اجتماعي في إحدى حدائق إسطنبول (إيرهان ديميرتاس/ فرانس برس)
+ الخط -

ما زال الكثير من المواطنين والمقيمين في تركيا من جنسيات مختلفة، يفضلون الابتعاد عن مراكز المدن على الرغم من تراجع أعداد الإصابات بفيروس كورونا وإعادة فتح البلاد ابتداءً من اليوم الثلاثاء، على اعتبار أن "المخاطر ما زالت قائمة"، بحسب الأكاديمية فاطمة غول التي تخشى في حديثها لـ "العربي الجديد"، ارتفاع أعداد الإصابات مجدداً بعد فتح البلاد واستقبال السياح، لافتةً إلى احتمال ظهور متحورات جديدة. 
تقول غول إنّ هرب الناس من الإغلاق العام في المركز أحيا مناطق جديدة في إسطنبول. "باتت الأرياف والجزر خياراً للاصطياف وإقامة الأفراح بعدما بات مركز اسطنبول معطّلاً في ظل تفشي الفيروس والإغلاق". في هذا السياق، يقول مدير أعمال مجموعة امتلاك العقارية، بدر الدين مارديني، لـ "العربي الجديد"، إن الأسعار ارتفعت خلال عام كورونا في الأرياف بأكثر من 30 في المائة بالمقارنة مع المدن، عازياً السبب إلى وجود مساحات خضراء وقلة الكثافة السكانية. ويلفت إلى أن احتمال الإصابة بكورونا في مركز المدن أكثر من الريف، فضلاً عن أن مساحة البيوت كبيرة، الأمر الذي دفع عائلات عدة إلى استئجار منازل في الريف لقضاء العطلة أو حتى الإقامة لفترات طويلة. يضيف مارديني أنه في ظل تفشي كورونا وإنشاء مشاريع جديدة كالمطار الثالث وقناة إسطنبول، ازدهرت الحركة العمرانية والبيع والشراء، على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة.  
وقدرت صحيفة "ملييت" التركية نسبة ارتفاع بدلات إيجار المنازل في المناطق البعيدة عن الازدحام والجديدة في إسطنبول بنحو 70 في المائة، وقد زاد الطلب على المنازل الواقعة في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة. من جهتها، تؤكد مديرة شركة "يارا غروب" في منطقة بيليك دوزو، يارا دادا، لـ "العربي الجديد" أن جزر الأميرات التي توقفت فيها السياحة خلال العام الماضي شهدت إقبالاً كبيراً من المواطنين والمقيمين للسكن وقضاء العطل، وخصوصاً أن فيلاتها جميلة واحتمالات الإصابة فيها أقل. إلا أن أسعار بدلات الإيجار في جزر الأميرات بدت خيالية. كما ارتفعت بدلات الإيجار في القرى البعيدة على غرار أرناؤوط كوي وبيوك كشجمجة، التي كانت شبه مهجورة قبل تفشي كورونا. وقالت دادا إن متوسط الإيجار الشهري في جزر الأميرات وصل إلى 120 ألف ليرة شهرياً (يعادل الدولار الأميركي نحو 8,5 ليرات تركية تقريباً بحسب سعر الصرف)، لافتةً إلى أن المنازل في الجزر عبارة عن فيلات فاخرة وكبيرة وفيها مسابح.  

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

ولا ترى وجود أيّة مخاطر على التوزع السكاني أو احتمال زيادة الكثافة السكانية في الأرياف "لأنّ الهرب مؤقت وليس نزوحاً عكسياً". ونتيجة للخسائر في قطاع السياحة في البلاد، تمّ استثناء السياح من حظر التجول. ولم تعتمد تركيا الإغلاق الكامل كما حدث في معظم الدول الأوروبية، بل تركت مجالاً للتسوّق والعمل الذي تراجعت ساعاته، ولم تتشدد السلطات بملاحقة مخالفي الحظر.  
وزادت خسائر السياحة والقطاعات الإنتاجية في تركيا من جراء الحظر الأخير والكامل الذي فرضته السلطات منذ نهاية إبريل/ نيسان الماضي وحتى 17 مايو/ أيار، ما زاد الامتعاض الشعبي، بالإضافة إلى أصحاب المطاعم والمقاهي ومحال الخدمات في البلاد. لكن يأمل المواطنون عودة الحياة إلى طبيعتها بعد تراجع أعداد الإصابات بالتزامن مع حملة التطعيم الواسعة التي شملت أكثر من 16 مليون مواطن، أي ما يزيد عن 20 في المائة من السكان، مع سعي البلاد لتطعيم أكثر من 50 في المائة من السكان، الأمر الذي سيتيح العودة إلى الحياة الطبيعية. 

في ساحة تقسيم (أونور كوربان/ الأناضول)
في ساحة تقسيم (أونور كوربان/ الأناضول)

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد وعد بأن ترفع الحكومة قيود السفر بين المدن، وبإعادة فتح المطاعم والمقاهي والمتنزهات والمنشآت الرياضية اعتباراً من اليوم، في إطار تخفيف القيود المفروضة لكبح انتشار فيروس كورونا. كما ستفتح المتاحف والشواطئ، وسيستأنف موظفو الحكومة أعمالهم "لكن القيود ستظل قائمة في ساعات محددة على حركة الأفراد فوق 65 عاماً وما دون الثامنة عشرة". وأرسلت وزارة الداخلية التركية تعميماً إلى الولايات الـ 81 بالبلاد، ذكرت فيه بتدابير العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية. وأعفى التعميم المسنين (65 عاماً) وما فوق من التزام بيوتهم، وسمح لهم بالخروج من منازلهم (ضمن الساعات المحددة)، شرط أن يكونوا قد تلقوا جرعتين من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا. في المقابل، يحظر على هؤلاء، وعلى الشباب (18 عاماً وما دون) استخدام وسائل النقل العام في المدن. 

بيئة
التحديثات الحية

وبحسب وزارة الداخلية التركية، يستمر تطبيق إجراءات العمل المرن في المؤسسات العامة، عبر مواصلة عملها بين الساعة العاشرة صباحاً والرابعة بعد الظهر، وتواصل رياض الأطفال والحضانات أنشطتها خلال فترة العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية. كما تتواصل إجراءات عقد القران في الدوائر الحكومية، ولكن دون تنظيم حفلات الزفاف والمناسبات مثل الخطوبة والحناء. 

المساهمون