نظّمت جمعيّة الثقافة العربية في مدينة حيفا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، اليوم الخميس، جولات في "باص حيفا بيروت" في الأحياء العربية الفلسطينية العريقة بحيفا، تزامناً مع الذكرى الثالثة والسبعين لسقوط المدينة، تحت عنوان "في ذكرى النكبة: جولات في باص حيفا بيروت"، وذلك بمشاركة طلاب جامعيين.
قبل النكبة، كان يسكن حيفا نحو سبعين ألف شخص. وبعد النكبة والتهجير، وفي الذكرى الـ73 لسقوط المدينة، بقي فيها نحو 3 آلاف شخص، وقد حوصروا في حي وادي النسناس في حيفا.
وانطلقت جولات إلى أربعة أحياء، وهي الحي الألماني مع المرشدة روضة غنايم، وحي عباس مع المرشدة نضال رافع، وحي وادي الصليب مع المرشد طارق بكري، وحي الحليصة مع جوني منصور، ثم إلى أحياء حيفا الفلسطينيّة ومعالمها العربيّة التي تحكي قصصها الاجتماعيّة والثقافيّة، على أن تكون هناك أربع جولات يوم غد الجمعة.
وانطلقت الجولة عند العصر من قرب مسجد الاستقلال في حيفا. ورافق الجولة المرشد وموثق قصص مشروع "كنا وما زلنا" طارق بكري من القدس. وتحدث المحامي علي رافع عن اسم وتاريخ جامع الاستقلال بحيفا، قائلاً: "سمي جامع الاستقلال لأن أوقاف حيفا كانت مستقلة عن أوقاف القدس، ولم يكن تابعا إلى الحاج أمين الحسيني والمجلس الإسلامي الأعلى. بناء عليه، كان يمكن تحريره وتحرير أوقاف مسجد الاستقلال لأنه لم يكن تابعا المجلس الإسلامي الأعلى. أول خطيب في المسجد كان الشيخ المجاهد عز الدين القسام الذي جاء من بلدة جبلة في سورية. وما يميز المسجد أنه بني من قبل إسكندر مجدلاني وهو مسيحي، ما يدل على أننا لا نميز بين المسلمين والمسيحيين".
وخلال الجولة، روى بكري بعض قصص اللاجئين، وذلك في إطار مشروع "كنا وما زلنا". وقال: "كنا وما زلنا مبادرة تعنى بتوثيق ما هو بصري في فلسطين، وتركز على الرواية الفلسطينية وربط الإنسان في أرضه، وقد انطلقت قبل سنوات عدة، استناداً إلى الرواية الفلسطينية". وأوضح أن الفلسطيني الموجود في الشتات يمكنه التواصل معنا وإرسال بعض الصور عن قريته، لافتاً إلى أننا "نقصد المكان لتوثيق المنازل والبيوت، وذلك في كل أراضي فلسطين المحتلة عام 1948".
وأشار بكري إلى أن عدد الفلسطينيين في الشتات يقدر بالملايين، ولكل فلسطيني قصته. في هذا الإطار، نوثّق تاريخ القرى الفلسطينية التي هُجّر أهلها عام 1948 من خلال الناس". أضاف: "عادة ما نكون حاضنة للفلسطينيين الذين يأتون من الشتات لزيارة قراهم".
وكان باص حيفا بيروت قد انطلق بداية عام 2019. وقال مدير مركز المشاريع في جمعية الثقافة العربية، ربيع عيد: "نظّمنا هذا النشاط لنتذكر مدينة حيفا والحياة الاجتماعية التي كانت موجودة قبل عام 48"، واصفاً خسارة المدن الفلسطينية بـ "الكبيرة". أضاف أن باص حيفا بيروت كان أحد أشكال الحياة الاجتماعية. يومياً، كان يتوجه من مدينة حيفا إلى بيروت، ويعود في اليوم نفسه، ليشكل امتداداً وتواصلاً طبيعياً وحضارياً بين الشعوب العربية.
أضاف عيد: "رأينا أنه من الجيد استحضار هذه الفكرة بعد 73 عاماً، لنرسخ أشكال الحياة التي كانت في الماضي، ونعطي أملاَ بأنه يوماً ما نسعى ونحلم بعودة الباص من دون حدود استعمارية، بالإضافة إلى معرفة ما تشهده حيفا بأحيائها وناسها وتفاصيلها المنسية، بالإضافة إلى عدم الاهتمام بصيانة المباني القديمة، بل نهبها أيضاً".