أمنية والدة الأسير الفلسطيني المريض ناصر أبو حميد الوحيدة.. احتضانه قبل أن يستشهد
أمنية واحدة للحاجة الفلسطينية لطيفة أبو حميد "أم يوسف" وهي أن يكون ابنها الأسير المريض بالسرطان ناصر أبو حميد، 50 عاماً، بجانبها حتى تحتضنه قبل أن يستشهد "لا سمح الله"، والذي أفاد آخر تقرير طبي صادر عن مستشفى إسرائيلي، الأسبوع الماضي، بأنه لا يمكن أن يعيش سوى لأيام معدودة (طبياً) بسبب انتشار المرض في جسده.
على ميدان المنارة وسط رام الله وسط الضفة الغربية خرجت أم يوسف، السبت، مع المئات من الجموع التي قدِمت للمطالبة بالإفراج عن ناصر من سجون الاحتلال الإسرائيلي، ورفعت الجموع والدة ناصر على الأكتاف، هاتفة لـ"الأسد المقنع" القائد في كتائب شهداء الأقصى، التابعة لحركة فتح، خلال انتفاضة الأقصى.
سمعت سؤال "العربي الجديد"، واستغرقت نصف دقيقة لاستجماع أنفاسها ثم قالت إنها توقفت عن مناشدة أي زعيم عربي، معوّلة فقط على الأسرى في السجون والشعب الفلسطيني والشعوب العربية، التي تلعب الدور الأكبر في مساندة الأسرى داخل السجون؛ والذين تكبر عزيمتهم بحراك الشارع.
تتابع أم يوسف "ناشدت كل العالم، وناشدت الملك عبد الله (العاهل الأردني)، وطالبته كأم؛ أريد أن يخرج ابني للعلاج في الخارج، أريد أن أحتضنه لا سمح الله إن استشهد". ثم أرسلت رسالة قوية إلى القيادة والمؤسسات الفلسطينية "أقول أمام العالم كله؛ إذا استشهد ابني لن أسامح أحداً، وإذا استشهد لا أريد أي أحد من أية مؤسسة ولا من السلطة أن يدخل علي ويعزيني بابني".
وعبرت أم يوسف عما تراه تقصيراً بحق ابنها "لم يفعلوا شيئاً، سواء الجهات الرسمية أو غيرها، أول أمس، أخذنا التقرير ولم يتصل بنا أحد يقول إنه يقوم بعمل شيء، إدارة المستشفى الإسرائيلي تقول إنه لا علاج له وتبقى له أيام، إلى متى؟؟ أنا ناشدت كل العالم، من حقي أن أسلم عليه، أراه، ألمسه، أحس به".
وأكد يوسف شقيق ناصر لـ"العربي الجديد" أن التقرير الطبي، الذي استلمه ناصر قبل أيام، يؤكد بحسب الأطباء أنه لا يمكن أن يعيش سوى أيام معدودة، لكنه استدرك "نحن لا نؤمن بتقرير الصهاينة ومخابراتهم، نؤمن أن كل نفس ذائقة الموت، وإذا أتاهم الأجل لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"، محملاً المسؤولية عن وضع ناصر لمن سماهم بالشرفاء، ومطالباً أصدقاء ناصر وكتائب ناصر ومقاتليه، حسب تعبيره، بأن يصحوا في هذه اللحظة الحرجة.
وقال يوسف "إن العائلة تناشد كل إنسان شريف، لكنها لا تناشد المجتمع الدولي أو الأمم المتحدة بسبب تواطئهم مع الاحتلال".
وخرجت المسيرة، التي نظمتها مساء السبت مؤسسات الأسرى والقوى والفصائل الفلسطينية في شوارع رام الله، تهتف لناصر، وردد المشاركون فيها شعارات تطالب بالإفراج الفوري عنه، في ظل التدهور الخطير الذي طرأ على صحته نتيجة سياسة الإهمال الطبي، حاملين صوره والأعلام الفلسطينية.
بدوره، قال رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين، أمين شومان، لـ"العربي الجديد": "إن ما قد يحقق أمنية والدة ناصر أبو حميد هو خروج الناس بالآلاف، لأن الاحتلال لا يرضخ لمطلب أي أسير أو مطالب الحركة الأسيرة إلا إذا حصلت هبة جماهيرية في كل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية".
أما عضو المجلس الثوري لحركة فتح عميد الأسرى السابق، فخري البرغوثي، فطالب في حديث مع "العربي الجديد" السلطة الفلسطينية بأن تترك كل ما بيدها، وأن تقف إلى جانب الأسرى بمعنى الكلمة لا الشعارات، قائلاً "خلال سنة ونيف على مرض أبو حميد لم يزر أي مسؤول ناصر في سجنه، أو أي أسير آخر"، مشيراً إلى أن جنازات الأسرى الشهداء تتوالى بنفس الطريقة.
وتابع البرغوثي "أشعر أنه وعند كلمة الأسرى يضعون القطن في أذنهم، خوفاً من أن يسمعوا معاناتهم، وهم يقضون بسجون الاحتلال سنين طويلة، مثل نائل البرغوثي وكريم وماهر يونس الذين تجاوزوا أربعين عاماً، فماذا ننتظر؟ أن يعودوا بجنازات ونتسابق على المقابر بإلقاء الشعارات الوطنية ونذهب إلى أمهاتهم لتعزيتهن؟".
وكانت عائلة أبو حميد قد أطلقت الخميس الماضي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نادي الأسير الفلسطيني؛ "النداء الأخير" للإفراج عن ابنها ناصر، بعد وصول تقرير طبي جديد يفيد بأنه لن يصمد أكثر من أيام (طبياً)، وأنها تريد له أن يستشهد في خارج السجون وأن يكرم بجنازة، لا أن يحتجز جثمانه في ثلاجات الاحتلال مثل تسعة أسرى استشهدوا في السجون يواصل الاحتلال احتجاز جثامينهم.
ويُذكر أن أبو حميد كان قد أصيب بسرطان الرئة، وقد شُخصت إصابته بالمرض قبل سنة وشهر، وعانى من إهمال طبي في السجون الإسرائيلية، ما أدى خلال هذه الفترة إلى تدهور وضعه بشكل لافت، خصوصاً أن جسده لم يعد يحتمل العلاج الكيميائي والبيولوجي منذ أشهر، وقد أوقف عنه تماماً قبل شهر تقريباً، وكان يعاني من تأخر في إجراء الفحوصات الطبية، التي كان يجدر القيام بها بشكل شبه يومي، لتتأخر في كل مرة لأكثر من أسبوعين.