لم يتوقّع المقدسي أحمد السعو ووالده محمود أن تتحوّل "كاتيوشا"، الكلبة التي تقتنيها أسرتهما منذ سنوات، إلى حكاية أخرى من حكايات استهداف جورة النقاع في حيّ الشيخ جرّاح بالقدس المحتلة، إذ استهدفتها وحدة "الياسام" الإسرائيلية الخاصة.
وبينما كانت عائلات حيّ الشيخ جرّاح تنافح وتكافح وما زالت لبقائها في الحيّ أمام غلواء التطرّف التي يقودها ويتزعّمها عضو الكنيست اليميني المتطرّف إيتمار بن غفير، كانت وحدة النخبة في الشرطة الإسرائيلية "الياسام" المعروفة بقسوتها في التعامل مع احتجاجات الفلسطينيين منشغلة في كيفية التخلص من الكلبة "كاتيوشا" التي باتت في نظرهم تشكّل خطراً داهماً على أفراد الوحدة الذين لم يتجرؤوا على صعود سطح منزل عائلة محمود السعو و"اقتحام عرين" هذه الكلبة. فعملية الصعود محصورة بأحمد صاحب "كاتيوشا" التي يخصّها باهتمام كبير.
قبل نحو أسبوعَين، داهمت طواقم من بلدية الاحتلال في القدس ودائرة الصحة والبيطرة التابعة للبلدية منزل عائلة السعو وسلّمتها إخطاراً بالتخلّص من الكلبة تحت طائلة فرض غرامة مالية عالية على العائلة، أو الحصول على رخصة صحية تجيز لها امتلاكها بعد مرورها بعملية تعقيم حتى لا تنجب، لأنّ تكاثرها يشكّل خطورة على حياة العامة، بحسب زعم طواقم بلدية الاحتلال.
ويحكي محمود السعو لـ"العربي الجديد" عن استغرابه الشديد إزاء طلب بلدية الاحتلال في القدس الذي جاء بناء على توصية من وحدة النخبة في الشرطة الإسرائيلية "الياسام". ويتساءل السعو: "لماذا يريدوننا أن نتخلّص من كاتيوشا في هذه الأيام التي يتهدّد خطر الإخلاء عائلات عديدة في حيّ الشيخ جرّاح؟ حتى الكلاب لا تسلم منهم... يريدون ترحيلها أيضاً! لماذا تذكّروها الآن على الرغم من أنّها لدينا منذ سنوات؟ لماذا يفطنون لها اليوم ولا يتذكرون بن غفير الذي يتسبّب وجوده بالحيّ في كلّ هذه الفوضى وانعدام أمن أهالي الحيّ؟".
تجدر الإشارة إلى أنّ اسم "كاتيوشا" الذي أطلقه أحمد نجل محمود محطّ تساؤلات موظفي بلدية الاحتلال في القدس. فأتى جواب محمود أنّ ابنه أحبّ هذا الاسم فأطلقه على كلبته.
وبعد نحو أسبوعَين من تسلّم الإخطار، اضطرّ أحمد إلى نقل كلبته إلى منزل صديق له بعيداً عن حيّ الشيخ جرّاح إلى حين تلبية شروط بلدية الاحتلال في القدس، فيُسمح له باقتنائها وعودتها مجدداً إلى عرينها فوق سطح منزله. ويقول: "علينا أن نجري لها عملية تعقيم حتى لا تنجب". وبعد ذلك، سوف يحتاج أحمد إلى تصريح لاقتنائها من قبل بلدية الاحتلال في القدس ودائرة البيطرة فيها، وهو مصمّم على إعادتها ثانية إلى حيّ الشيخ جرّاح، مهما كلفه ذلك من جهد وعناء.
ولا يخفي أحمد حزنه وغضبه على إبعاد "كاتيوشا" عنه، فهي عاشت مع عائلته وأهالي الشيخ جرّاح على مدى سنوات من دون أن تؤذي أحداً. وتُعَدّ "كاتيوشا" حارسة الحيّ، ولوجودها فيه معنى يفوق وجود الغرباء في هذا الحيّ، بحسب أحمد الذي يؤكد أنّه "منذ إبعادها، تعيش كاتيوشا حزينة كئيبة، وبالكاد تأكل طعامها". في سياق متصل، يعبّر عوض السلايمة، وهو من أبرز نشطاء حركة "فتح"، لـ"العربي الجديد"، عن استغرابه من "محاربة دولة بأكملها لكلبة مثل كاتيوشا لم تؤذِ أحداً".