جاءت مظاهرات الغضب في أم الفحم ضد العنف والجريمة وتواطؤ الشرطة مع عصابات الإجرام، بعد سنوات طويلة لم يشهد فيها الداخل الفلسطيني حشدا شعبياً بهذا الزخم، منذ المظاهرات ضد مخطط بيغن- برافر الممتدة حتى ديسمبر/كانون الأول 2013.
لا شكّ بأن الانتفاضات في منطقتنا أتت نتيجةَ ضيق الأوضاع الحياتيّة والحقوقيّة إلى حدّ لم يعد يُطاق. لكن ما كان للشّعب أن ينتفض لو أنه لمس إمكانيّة إحداث تغييرٍ ما من داخل النّظم، أي اعتماداً على إصلاحات النّخب السّياسيّة.
تعتبر الانتخابات من أهم وسائل التغيير المعتمدة عالميا، نظراً لكلفتها المنخفضة مقارنة بكلفة التغيير عبر الثورة أو الانقلاب أو التمرد العسكري أو سواها من وسائل التغيير ذات الكلفة المادية والبشرية الباهظة على المستوى الوطني.
يلعب الصراع العربي - الإسرائيلي وازدياد التداخلات الخارجية دورا مهما في الفعل السياسي الفلسطيني ولاعبيه السياسيين تاريخيا لصالح القضية الفلسطينية وقضاياها الكبرى.
تستعد الفصائل الفلسطينية للاحتفاء بـ "عرسها الديمقراطي"، بعد الاتفاق على إجراء انتخابات عامّة بالتتالي، تبدأ بالمجلس التشريعي في شهر مايو/أيّار القادم، ومن ثمّ رئاسة السلطة في شهر تموز، لتنتهي بانتخابات المجلس الوطني في آب.
من غير المتوقع أن تؤدي الانتخابات الفلسطينية إلى معالجة أزمة الشرعية الفلسطينية، طالما أنها ستتم بمعزل عن مسار يوائم بين عدالة القضية الفلسطينية وطنياً وسياسياً وحقوقياً، وضرورات إنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني.
الانتخابات الفلسطينية وفق مرجعيات اتفاقيات أوسلو تجعل من الديمقراطية الفلسطينية ديمقراطية ناقصة، ليس فقط لأنها تتم في ظل استمرار الاحتلال، بل أيضا لأنها تستبعد مشاركة نصف الشعب الفلسطيني اللاجئين في الشتات.