مخاوف أمنية جزائرية من عودة اعتداءات "الذئاب المنفردة"

04 نوفمبر 2018
أبدت القوى الأمنية خشيتها من موجة عنف جديدة(العربي الجديد)
+ الخط -


أعاد قتل الجيش الجزائري لأحد العناصر المتشددة الذي كان ضمن قائمة انتحاريين مرشحين لتنفيذ اعتداءات انتحارية في منطقة سكيكدة شرقي الجزائر، المخاوف من تجديد المجموعات المسلحة محاولات تنفيذ عمليات جديدة بعد تجربة فاشلة في صيف العام الماضي 2017، وتزامناً مع عودة نفس الأسلوب في الجارة تونس.

على الرغم من أن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" ما زال على رأس النشاط الإرهابي في شرقي الجزائر، إلا أن التنظيم الذي فشل في فك الخناق والحصار الذي أطبقته قوات الجيش على مجموعاته، سعى أخيراً لاستعارة أسلوب تنظيم "داعش" في سياق "الذئاب المنفردة"، لتنفيذ عمليات انتحارية واستعراضية، للعودة إلى الواجهة، بعد انحسار لافت لنشاطه منذ عام 2015، عدا الهجوم على قافلة الجيش في شهر يوليو/تموز الماضي في منطقة سكيكدة، شرقي البلاد.

وتتحدث مصادر أمنية في الجزائر عن "وجود قائمة مفترضة لانتحاريين، تقوم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بتجهيزهم لتنفيذ عمليات انتحارية، كان بينهم ساحلي علي، الذي يعرف باسمه الحركي في صفوف المجموعات المسلحة بأبي البراء، والذي تمت الإطاحة به في كمين نصب له في منطقة كركرة ببلدة القل بولاية سكيكدة مساء الجمعة". وعلي التحق بالجماعات الإرهابية عام 2010، في العام نفسه الذي نجح فيه تنظيم "القاعدة" في تجنيد عدد من الملتحقين الجدد، بهدف الدفع بهم كانتحاريين، بعد نجاح الموجة الأولى من الانتحاريين في تنفيذ هجمات بين إبريل/نيسان 2017 وأغسطس/آب من العام عينه، استهدفت قصر الحكومة والمحكمة الدستورية ومقر الأمم المتحدة ومركزا أمنيا في العاصمة الجزائرية، إضافة إلى مراكز أمنية وعسكرية في كل من بومرداس شرقي العاصمة الجزائرية، وورقلة وتمنراست جنوبي الجزائر.

وتشير المصادر الأمنية إلى أن "مصالح المخابرات الجزائرية تلاحق منذ يونيو/حزيران 2017، القائمة المفترضة للانتحاريين، الذين يُعتقد أنهم بصدد تنفيذ عمليات انتحارية بأحزمة ناسفة. وتتخوّف الأجهزة الأمنية من لجوء التنظيمات الإرهابية إلى تجنيد انتحاريين لا نشاط سابقاً لهم في صفوف الإرهاب".



بدورهم، يبدي مراقبون للشأن الأمني اعتقادهم في أن "قوات الجيش والأمن نجحت بشكل لافت منذ عام 2015، في شلّ نشاط مجموعات القاعدة، خصوصاً بعد تغيير الجيش والأمن للاستراتيجية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والتي بُنيت على العامل الاستخباراتي والاستباقي، بعد تغيير قيادة جهاز المخابرات، وفصل جهاز الأمن الداخلي. وسمح ذلك بمنع أو خفض تأثير العمليات الانتحارية بالسيارات المفخخة، ما دفع المجموعات الإرهابية إلى اعتماد أسلوب الذئاب المنفردة".

من جهته، يرى المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والجماعات المسلحة حميد ياسين، أن "الظروف التي تعيشها المجموعات المسلحة، بسبب النزيف الداخلي والحصار المطبق عليها وتراجعها إلى مناطق محدودة في الجبال، قد يدفع بالقاعدة إلى إطلاق موجة (ذئاب منفردة) جديدة، في محاولة لخلخلة المشهد الأمني في الجزائر". ويضيف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "هذا يبقى أمراً وارداً، خصوصاً أن التنظيم الإرهابي لديه تجارب في العمل الانتحاري في عامي 2007 و2008، وكان أخطرها محاولة اغتيال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة نفسه في سبتمبر/أيلول 2007 في منطقة باتنة، حين فجر الانتحاري هواري بلرزق نفسه، بعد التفطن له، في موكب شعبي كان في استقبال بوتفليقة خلال زيارته إلى المنطقة. ولم يصب الرئيس بأذى.

وما زاد من المخاوف الأمنية، تزامناً مع التفجير الذي استهدف شارع الحبيب بورقيبة في الجارة تونس، يوم الإثنين الماضي، أن التنظيم نفّذ فعلاً صيف 2017 اعتداءات متتالية استهدفت منشآت وحواجز أمنية. وعلى الرغم من أن تلك العمليات كانت محدودة وفشلت في تحقيق البعد الذي تتوخاه التنظيمات الإرهابية من التفجيرات الانتحارية، إلا أن مستويات الحذر التي تبديها أجهزة الأمن في الجزائر، تشبر إلى أنها تحاول استباقياً منع تكرار تنفيذ أخرى.

وشهدت الجزائر في2017 أربعة اعتداءات، استهدفت مقر المديرية العامة للأمن الوطني وسط مدينة تيارت غربي العاصمة، كما فشل انتحاري في اقتحام مركز للأمن وسط مدينة قسنطينة شرقي الجزائر، ونجح عناصر الشرطة في قتله قبل وصوله إلى المركز. وسمحت هذه العملية بانكشاف هوية عناصر سرية الانتحاريين، ونجحت أجهزة الأمن الجزائرية بعد ذلك بفترة قصيرة في الإطاحة بأمير السرية وعدد من مرافقيه، وفي نفس الفترة أخفق انتحاري آخر في منطقة قسنطينة، كان على متن دراجة نارية في الوصول إلى هدفه، إثر اعتراض وحدة أمنية سبيله وقامت بقتله والقضاء على أحد مرافقيه.



دلالات