دعا قرابة 800 شخصية من دول عربية وإسلامية إلى الإفراج عن رئيس مجلس النواب التونسي المنحل راشد الغنوشي، من دون قيد أو شروط، وذلك بمناسبة مرور 100 يوم على اعتقاله.
وعبّر الموقعون على العريضة، الذين ينتمون إلى 60 دولة، عن تضامنهم مع الغنوشي وباقي المعتقلين السياسيين في تونس، مطالبين بالإفراج الفوري عنهم، و"تمكينهم من استعادة حريتهم وصون كرامتهم واحترام حقوقهم والكف عن سياسات التنكيل".
وأُوقف الغنوشي (82 عاماً) منذ 17 إبريل/ نيسان الماضي من قبل الأمن التونسي، ويواجه 9 تهم بقضايا تصل عقوباتها إلى الإعدام، بحسب هيئة الدفاع عنه، على غرار قضية "التآمر على أمن الدولة"، وقضية "التسفير إلى بؤر التوتر"، و"الجهاز السري لحركة النهضة"، وقضية "إنستالينغو".
وأثار اعتقال الغنوشي جدلاً واسعاً، إذ انتقدت منظمات وشخصيات دولية اعتقاله، ودعت إلى احترام مبادئ القانون واحترام الحريات والتعددية السياسية في البلاد.
إلى ذلك، أغلقت السلطات التونسية منذ 18 إبريل الماضي مقرات حركة النهضة وجبهة الخلاص، ومنعت الاجتماعات فيها بعد ساعات قليلة من توقيف زعيم النهضة الغنوشي.
وقال الموقعون على الوثيقة من السياسيين والناشطين والبرلمانيين والأكاديميين، إن تونس التي "كانت إلى وقت قريب مصدر إلهام لشعوب المنطقة تشهد في السنتين الأخيرتين ردة خطيرة نحو الدكتاتورية، وكذلك بعد إجراءات الرئيس قيس سعيّد الانقلابية الذي استأثر بكل السلطات وصادر الحريات وفكك المؤسسات".
ومن بين الشخصيات الموقعة على العريضة الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي، ورئيسا الحكومة المغربية السابقان عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني، والسياسي المصري رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية أيمن نور، وطارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي السابق، والرئيس السابق للبرلمان التركي مصطفى شنطوب.
وذكر نص العريضة أن الجريمة الوحيدة التي اعتقل بسببها الغنوشي وباقي السجناء السياسيين "هي اعتراضهم على الإجراءات الانقلابية، وتصديهم لإصرار الرئيس سعيّد على ضرب المكاسب الديمقراطية في تونس وإعادة البلاد إلى مربع الدكتاتورية".
ونبّه الموقعون على العريضة إلى أن الغنوشي "مفكر وسياسي معروف بكونه أحد أبرز منظري التوافق والتعايش بين الإسلام والديمقراطية"، وقام "بدور مهم في تحول تونس نحو الحرية والديمقراطية بعد الثورة".
وذكرت حركة النهضة في بلاغ إعلامي، اليوم الجمعة، أنه "مع مرور مائة يوم على اعتقال الأستاذ راشد الغنوشي، مئات من شخصيات العالم العربي والإسلامي يطالبون بإطلاق سراحه وبقية المساجين السياسيين في تونس".
وأشارت العريضة الى أن اعتقال الاستاذ راشد الغنوشي "يأتي ضمن حملة قمع واسعة النطاق شملت العشرات من القادة السياسيين ونشطاء المجتمع المدني والقضاة والصحافيين، علماً أن جريمتهم الوحيدة هي اعتراضهم على الإجراءات الانقلابية، وتصديهم لإصرار الرئيس قيس سعيّد على ضرب المكاسب الديمقراطية في تونس وإعادة البلاد إلى مربع الديكتاتورية".
وأكد الموقعون أن الغنوشي هو "مفكر وسياسي، معروف بكونه أحد أبرز منظري التوافق والتعايش بين الإسلام والديمقراطية، ولعب دوراً مهماً في تحول تونس نحو الحرية والديمقراطية بعد الثورة".
وعلق القيادي في حركة النهضة بدر الدين عبد الكافي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن الغنوشي شخصية اعتبارية تحظى بمكانة واحترام كبيرين في المستويات كافة "اكتسبها بفضل فكره ونضالاته وإسهاماته وعلاقاته التي تمتد لعقود".
وأضاف: "منذ الثمانينيات وفي سنوات التأسيس آمن الغنوشي بفكر الديمقراطية سبيلاً لتجاوز الصراعات التي سادت العالم العربي والإسلامي، مدافعاً عن حرية الفكر وحق الاختلاف والتنافس أمام الشعب باعتباره الحكم، وهذه المقاربة كلفته في سنوات 1981، ليس السجن فقط في تونس، بل أيضاً هجوم عديد من تيارات المتطرفة، وغير الواعية بمقاصد الدين... كما كرّس عداوة له داخل البلد، واستهدافاً للتجربة الديمقراطية، ومحاولة تلبيس الغنوشي سلبيات الماضي، وكل الأخطاء، باعتبار رمزيته ومكانته".
وشدد على أن "الغنوشي مستهدف اليوم باعتبار موقفه الواضح وصوته العالي من الانقلاب، وما حدث بعد 25 يوليو. وما حدث له إساءة لصورة تونس وديمقراطيتها، وحتى من يختلفون معه ساءهم سجن شيخ في مثل سنه".