إجراءات ترامب لمواجهة كورونا: "ضمادات" دون الاستنفار المطلوب

واشنطن

فكتور شلهوب

avata
فكتور شلهوب
12 مارس 2020
B78DD466-B08A-450C-9904-8354E91E85D4
+ الخط -
عندما بدأت الكلفة تكبر وتهدّد بالأسوأ، وعندما صار فيروس الفزع أخطر من فيروس كورونا، اضطر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تغيير نغمة تعامله مع الموضوع، لكن من دون تغيير في مقاربته له. فهو حتى اللحظة، لا يزال يرى أن "الخطر ضئيل جداً جداً" بالنسبة لغير المسنين، مع أن مدير مركز الأوبئة المُعدية أنطوني فاوشي أكد الأربعاء أن "كورونا قاتل للجميع عشر مرات أكثر من الإنفلونزا".

ففي كلمة وجهها ليل الأربعاء إلى الشعب الأميركي، تحدث ترامب عن خطوات وإجراءات ليست فقط متأخرة، بل بدت أقرب إلى الضمادات منها إلى الاستنفار المطلوب كالذي حصل في بلدان أخرى، مثل الصين وكوريا الجنوبية وإيطاليا. فبدل التطمين المنشود، اقتصر خطابه على توجيهات طبية معروفة، وشدّ العصب، مع وعود بمساعدات وبتخفيف الأعباء المالية للأزمة على بعض القطاعات.

وكان أكثر ما استوقف في كلمته، قراره بتعليق السفر من أوروبا ما عدا بريطانيا، ابتداءً من منتصف ليل الجمعة المقبل ولمدة شهر، قابلة للتعديل! استثناء بريطانيا أثار علامات استفهام كثيرة، فهي ليست خالية من كورونا. ثم هناك بلدان يكتسحها الوباء مثل كوريا الجنوبية، بقيت خارج مثل هذا المنع الذي اقتصر على أوروبا والذي بكل حال، جاء بعد أوانه. فالوباء يزحف بوتيرة متسارعة شملت في حدود المعروف حتى الآن، 36 ولاية، والمطلوب الآن، وفق الجهات المعنية، التركيز على التدابير والإمكانات الطبية لضبط التمدد قدر الإمكان، فضلاً عن تمكين الجسم الطبي ومؤسساته من مواجهة الضغط المحتمل لو تعاظمت العدوى. فهناك خوف من محدودية قدرة المستشفيات، التي "تحتاج إلى أكثر من مائة ألف سرير طبي لغرف الطوارئ" فيها. كما أن عملية الفحص اللازمة لحصر عدد المصابين لا تزال في بداياتها، ومن دون خطة شاملة لتحقيقها.

منذ البداية، تعاملت إدارة ترامب مع الأزمة بأقل من مستوى التحدي. اعتبرتها إنفلونزا عابرة، على الرغم من التحذيرات الطبية. بقي تشخيص البيت الأبيض مخالفاً لتشخيص المسؤولين عن الدوائر الصحية. اليوم تبدّلت القصة، وتخلى الرئيس عن لغة التهوين بعد أن رفعت منظمة الصحة العالمية كورونا إلى منزلة الوباء العالمي؛ فالمسألة جدية، وبدأت أكلافها تتبلور وتكبر. من سوق الأسهم المصاب بنزيف شبه مفتوح، إلى التراجع الذي بدأ يطاول قطاعات اقتصادية حيوية، مروراً بشبه الشلل الذي أخذ ينتشر في مؤسسات وأجهزة مختلفة مثل الجامعات، والمدارس، والأندية الرياضية والفنية، والذي بلغ حدّ فرض الحجر على منطقة مجاورة لمدينة نيويورك، واحتمال أن ينتقل مثل هذا الإجراء إلى مناطق أخرى على الطريقة الإيطالية، خصوصاً وأن فاوشي شدّد الأربعاء، وخلافاً لتطمينات البيت الأبيض، على أن القادم "أسوأ"، والعلاج متأخر، وليس قبل سنة من الآن.

تحذيره وأخبار زحف الوباء شلّت الحركة. حتى في السياسة، التي بدت وكأنه فُرض عليها حظر تجوّل. سيرة الانتخابات تراجعت. العناوين وشاشات التلفزة يملؤها الأطباء وخبراء الصحة، بدلاً من المرشحين والمحللين. ألغيت كلّ المهرجانات الانتخابية للأيام المقبلة، وثمة دعوات لوقف الحملة الانتخابية بشقيها الجمهوري والديمقراطي حتى إشعار آخر، نظراً لخطورة التجمعات في انتقال الوباء. وقد يجري صرف النظر عن مناظرة الأحد المقبل بين المرشحَين الديمقراطيَّين جو بايدن وبيرني ساندرز، أو تُجرى من دون جمهور في القاعة، وهي في كل حال لم تعد ذات شأن، باعتبار أن ساندرز صار عملياً على طريق الانسحاب لفسح المجال أمام معركة بايدن ضد ترامب. والسؤال متى؟ هل قبل المؤتمر في يوليو/تموز أم أثناءه؟

على هذه الأرضية، تسود البلبلة وكثير من عدم الاطمئنان حتى بعد كلمة الرئيس. وتبدو الإمكانات الأميركية الهائلة وكأنها تقزّمت في مواجهة كابوس كورونا. وأكثر ما يثير الخوف، هو جهل ما في جعبة اليوم التالي لأزمة مستعصية بدأت تهدّد بانفلات خطير وفائق الكلفة.

ذات صلة

الصورة
دونالد ترامب ومحمود عباس بالبيت الأبيض في واشنطن 3 مايو 2017 (Getty)

سياسة

أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه سيعمل على إنهاء الحرب وأبدى استعداده للعمل من أجل السلام
الصورة

سياسة

على الرغم من إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، إلا أنه ما زال يواجه تهماً عديدة في قضايا مختلفة، وذلك في سابقة من نوعها في البلاد.
الصورة
هاريس تتحدث أمام تجمع النتخابي في واشنطن / 29 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

حذرت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في خطاب أمام تجمع انتخابي حضره أكثر من 70 ألفاً في واشنطن من مخاطر فترة رئاسية ثانية لمنافسها الجمهوري دونالد ترامب.
الصورة
بانون وترامب في البيت الأبيض، 31 يناير 2017 (تشيب سوموديفيا/Getty)

سياسة

يستعين المرشح الجمهوري للرئاسيات الأميركية دونالد ترامب بفريق من المساعدين، من شديدي الولاء له، فضلاً عن اعتماده على آخرين رغم خروجهم من الدائرة الضيقة.