الرئيس الجزائري يشكل لجنة لصياغة دستور يُطرح للتشاور والاستفتاء خلال ثلاثة أشهر
وأعلنت الرئاسة الجزائرية، اليوم الأربعاء، أن الرئيس تبون "يعتزم القيام بإصلاح معمق للدستور، كما تعه، بغرض تسهيل بروز أنماط حوكمة جديدة"، فيما يعني رغبته في إجراء تعديلات جوهرية على طبيعة نظام الحكم في البلاد، والفصل بين المؤسسات.
وتأتي هذه الخطوات، بحسب بيان الرئاسة، "تجسيداً لالتزام كان تبون قد جعله على رأس أولويات عهدته في رئاسة الجمهورية، ألا وهو تعديل الدستور الذي يعد حجر الزاوية في تشييد الجمهورية الجديدة، من أجل تحقيق مطالب شعبنا التي تعبر عنها الحركة الشعبية"، في إشارة إلى المطالبات السياسية للحراك الشعبي.
وأفاد البيان بأن "تبون استقبل العضو في لجنة القانون الدولي بالأمم المتحدة الأستاذ الجامعي أحمد لعرابة، وكلّفه برئاسة لجنة خبراء تتشكل من كفاءات جامعية وطنية، مكلفة بإعداد المقترحات حول تعديل الدستور".
وستتولى لجنة الخبراء، بحسب البيان، "تحليل وتقييم كل جوانب تنظيم وسير مؤسسات الدولة"، ورفع مقترحاتها حول مسودة الدستور الجديد إلى رئيس الجمهورية حال انتهائها من ذلك، تتضمن "مقترحات وتوصيات بغرض تدعيم النظام الديمقراطي القائم على التعددية السياسية والتداول على السلطة، وصون بلادنا من كل أشكال الانفراد بالسلطة وضمان الفصل الفعلي بين السلطات وتوازن أفضل بينها، وهذا بإضفاء المزيد من الانسجام على سير السلطة التنفيذية وإعادة الاعتبار للبرلمان خاصة في وظيفته الرقابية لنشاط الحكومة".
ووفقاً لبيان الرئاسة، سيتكفل فريق الخبراء "باقتراح أي إجراء من شأنه تحسين الضمانات التي تكفل استقلالية القضاة، وتعزيز حقوق المواطنين وضمان ممارستهم لها، وتدعيم أخلقة الحياة العامة وكذا إعادة الاعتبار للمؤسسات الرقابية والاستشارية"، على أن تقدم اللجنة مسودة مقترح الدستور الجديد في غضون ثلاثة أشهر".
وتعهدت الرئاسة الجزائرية بإجراء مشاورات مع المكونات السياسية والمدنية في البلاد، حول مشروع الوثيقة الدستورية التي تطرحها اللجنة، "سيكون مشروع مراجعة الدستور، بعد تسليمه، محل مشاورات واسعة لدى الفاعلين في الحياة السياسية والمجتمع المدني قبل إحالته إلى البرلمان للمصادقة، ثم سيطرح النص الذي يصادق عليه البرلمان لاستفتاء شعبي".
ويعني ذلك أن الرئيس تبون لن يقرر حل البرلمان في الوقت الحالي، وسيأجله إلى ما بعد طرح مسودة الدستور الجديدة التي ستعني آلياً حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات نيابية جديدة، وحل المجالس المحلية المنتخبة، وإعادة انتخابها وفقاً للقوانين الجديدة للانتخابات والتنظيم السياسي والإداري الذي سينبثق عن الدستور الجديد.
من جهته، قال رئيس فريق الخبراء المكلّف بتحضير مسودة الدستور الجديد، أحمد لعرابة، في تصريح صحافي، إن "اللجنة تتكون من كفاءات وخبرات وطنية في القانون الدستوري"، دون أن يقدم أية تفاصيل أخرى.
وتم تعيين أعضاء الفريق الدستوري وهم الدكتور وليد عقون مقرراً عاماً للجنة، والبروفيسور في القانون بجامعة أدرار جنوبي الجزائر عبد القادر غيتاوي والبروفيسور في القانون جامعة الجزائر سعاد غوتي، والبروفيسور في القانون بجامعة وهران غربي الجزائر، بشير يلس شاوش، والبروفيسور في القانون بجامعة سيدي بلعباس غربي الجزائر مصطفى خراجي، وعضو اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان مايا سحلي، والدكتور في القانون في جنيف وقاضٍ سابق لدى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، وفاتح اوقرقوز، والبروفيسور في القانون بجامعة تمنراست عبد الحق مرسلي، والبروفيسور في القانون جامعة تلمسان نصر الدين بن طيفور.
وتضم اللجنة أيضاً البروفيسور في القانون جامعة سطيف شرقي الجزائر صاش لشهب جازية، والبروفيسور في القانون بجامعة الجزائر سامية سمري، والبروفيسور في القانون بجامعة تيزي وزو خلفان كريم، والبروفيسور في القانون بجامعة قسنطينة موسى زهية، إضافة إلى ثلاثة أساتذة جامعيين محاضرين هم عبد الرحمن بن جيلالي ومصباح أومناس ونبيلة لدرع.
وكان تبون قد أعلن، الأحد الماضي، في أول اجتماع للحكومة الجديدة، عزمه طرح دستور "الجزائر جديدة" الذي يستهدف تغيير كامل منظومة الحكم في البلاد، إضافة إلى إجراء مراجعة شاملة لقوانين الناظمة للحياة السياسية وفصل المال عن العمل السياسي في الجزائر، وإعادة النظر في منظومة الحكم، ووضع آليات الفصل بين المال والسياسة واستقلالية القضاء وترقية الديمقراطية والحريات.
وتشير الخطوة التي أقرها تبون إلى رغبته في أن يكون الحوار السياسي مع المكونات السياسية والمدنية والحراك الشعبي على أساس الوثيقة الدستورية التي ستحدد معالم النظام السياسي الجديد، ويحقق جملة من المطالب المركزية للحراك الشعبي، وهو ما يعني تجاوز بعض المطالب السياسية التي تحاول دفع تبون إلى إقرار خيار مغاير يخص انتخاب مجلس تأسيسي يتولى صياغة دستور.