البرلمان العراقي يبحث عن دور لحل الأزمة مع كردستان

01 سبتمبر 2019
خطوات البرلمان جاءت بعد لقاءات الرؤساء الثلاثة (فرانس برس)
+ الخط -

دخل البرلمان العراقي على خط الأزمات العالقة بين حكومتي بغداد وأربيل، محاولاً القيام بدور مهم خلال فصله التشريعي المقبل، الذي يبدأ في الثالث من سبتمبر/أيلول الحالي، للتقريب بين الطرفين، وتحجيم دائرة الخلاف بينهما. البرلمان الذي لم يدخل المفاوضات والحوارات السياسية علناً، حدد دوره في هذه الأزمة من خلال مراجعة بعض القوانين التي تُعد محط خلاف بين الطرفين، ساعياً إلى تشريعها وفقاً لتوافقات سياسية.

خطوات البرلمان جاءت بعد لقاءات جمعت بين رئيسه محمد الحلبوسي ورئيسي الجمهورية برهم صالح والحكومة عادل عبد المهدي، والذين يعملون بشكل متوازٍ لتحجيم دائرة الخلاف بين بغداد وأربيل، بينما عدّ مراقبون دخول البرلمان على خط الأزمة بأنه مسعى لتحقيق إنجاز ما، بعدما كان دوره التشريعي ضعيفاً جداً خلال الفصل التشريعي الأول.

وبحسب عضو في البرلمان، فإنّ "الخطوات اللاحقة التي سيتخذها البرلمان مع بداية فصله التشريعي، هي تشكيل لجان لمراجعة عدد من القوانين المعطّلة، التي لها صلة بالخلافات بين بغداد وأربيل"، موضحاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "أبرز تلك القوانين هي النفط والغاز، وموازنة العام المقبل، والمحكمة الاتحادية، والبحث عن إمكانية تشريع المادة 140 من الدستور، والتي تخص المناطق المتنازع عليها بين الطرفين". وأكد أنّ "البرلمان يريد أن يكون له دور موازٍ لدور الحكومة، وليس متقاطعاً معها، وأن أزمة حكومتي الإقليم والمركز من الأزمات التي تبنّاها لأجل التوصل إلى حلول بشأنها"، مشيراً إلى أنّ "مراجعة القوانين العالقة بين الطرفين، في ظل التقدّم الحاصل في عدد من الملفات بين الطرفين، سيدفع نحو حسمها في البرلمان وتمريرها، ما سينعكس إيجاباً على حل الخلافات بين الطرفين".

مسؤولون أكراد أكدوا إمكانية أن يكون للبرلمان دور في حسم القضايا الخلافية مع بغداد، معربين عن تفاؤلهم بالتوصل إلى حلول قريبة لعدد من الملفات العالقة. وقال النائب عن "الاتحاد الوطني الكردستاني" بيستون زنكنة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك جدية من قبل الحكومتين (بغداد وأربيل) لحسم الخلافات التي بقيت عالقة بينهما على مدى دورات برلمانية متعاقبة"، مؤكداً أن "وفداً كردياً رفيع المستوى سيقوم بزيارة قريبة إلى بغداد، لبحث واستكمال نتائج ما حققته زيارة وفد بغداد إلى أربيل أخيراً، من قبل وزير النفط ومسؤولين آخرين في حكومة بغداد. وهناك استجابة جدية من الطرفين، خصوصاً في ملفات النفط والغاز ورواتب الإقليم التي نسعى لحسمها". وأشار زنكنة إلى أنّه "ستكون هناك مواضيع مهمة على طاولة البحث، ومنها موازنة 2020، وسنسعى مع بداية الفصل التشريعي إلى حسم الخلافات العالقة بشأنها، وتلك القائمة حول حصة الإقليم منها، ورواتب البشمركة، والتخصيصات المالية الأخرى، مقابل التزام حكومة أربيل بتسليم واردات النفط إلى بغداد، والمنافذ الحدودية". وأكد "إمكانية قيام البرلمان العراقي بدور مهم في حسم الخلافات، وقد كان للأحزاب الكردستانية لقاءات وحوارات مع الأحزاب والكتل الأخرى وقادة الكتل السياسية، وتم التوصل إلى بعض التفاهمات بشأن عدد من الملفات، وعقدنا عدة جلسات سابقة"، موضحاً أن "هناك تفهماً داخل البرلمان لعدد من القوانين ذات التماس مع أزمات بغداد وأربيل، والتي تعد قوانين خلافية بينهما، والسعي لحلها، وننتظر الفصل التشريعي الجديد على أمل أن تتابع تلك الملفات المهمة".



من جهته، قال النائب عن تحالف "سائرون" علاء الربيعي إنّ "البرلمان يسعى إلى بناء الدولة، وإنهاء كل الخلافات السياسية التي تقف عقبة أمام بناء مؤسسات الدولة وتطويرها"، موضحاً، في تصريح صحافي، أنّ "من بين القوانين التي سيعمل البرلمان على تشريعها خلال الفصل التشريعي الجديد، النفط والغاز، والتقاعد، والكسب غير المشروع وغيرها". وأشار إلى أن "البرلمان سيسعى لأن تكون القوانين المشرّعة لها صلة بالخلافات بين الحكومة المركزية من جهة، والحكومات المحلية والإقليم من جهة أخرى".

وفي ظل أجواء الحوار المستمر بين الطرفين، يرى مراقبون أن دخول البرلمان على خط الأزمة، يأتي ضمن سعي رئاسته لتحقيق إنجاز عملي في الفصل الجديد. وقال الخبير السياسي مزهر الجميلي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "رؤى رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة شبه متطابقة باتجاه موضوع الأزمة مع الإقليم، وهم يسعون حالياً لتفكيكها"، مضيفاً، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "ليست القضية بالسهولة المتصورة، وأي تحرك يحتاج إلى توافق سياسي، إذ إن عمل البرلمان أساساً قائم على التوافقات، فلا تشريع من دونها". وأكد الجميلي أنّ "رئيس البرلمان يُحاول من خلال هذا الحراك أن يحقق للبرلمان دوراً بتفكيك أزمة مهمة، وقوانين معطلة، وأن يغطي على الفصل التشريعي الأول الذي عُدّ فاشلاً في عمل البرلمان"، مرجحاً أن "تفضي تفاهمات الرؤساء الثلاثة إلى حل بعض الملفات العالقة بين بغداد وأربيل". يشار إلى أن بغداد وأربيل تأملان بحسم بعض الملفات العالقة بينهما، في ظل تطور ملحوظ في العلاقات المشتركة.

المساهمون