تفاصيل اجتماع بين طرفي الأزمة الليبية تستضيفه القاهرة الإثنين

30 يونيو 2018
شبه تخلٍّ فرنسي عن حفتر (اتيان لوران/ فرانس برس)
+ الخط -
عاد الحديث مجددا عن محاولة التقارب السياسي بين طرفي الأزمة الأساسيَين في ليبيا، وفي هذه المرة ستكون القاهرة هي حاضنة اللقاء بين رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، وممثلين عن المجلس الأعلى للدولة، الإثنين المقبل، بعد لقاء الأول رئيسَ المجلس، خالد المشري، في الرباط في إبريل/ نيسان الماضي.

وقال مصدر دبلوماسي مقرب من مجلس الدولة بطرابلس لـ"العربي الجديد"، إن "القاهرة هي التي دعت إلى لقاء الإثنين المقبل وأن يكون استمرارا للقاء الرباط، لكن أجندة هذا اللقاء تركت دون تحديد تفاصيلها"، مشيرا إلى أن البنود الأساسية بقيت رؤوس أقلام.

وأوضح المصدر، الذي رفض كشف هويته، أن "مجلس الدولة اقترح مناقشة مستجدات البلاد وعلى رأسها سبل توحيد إدارتي مؤسسة النفط وإدارتي البنك المركزي، بالإضافة إلى مناقشة سبل عاجلة لتوحيد الحكومة، لكن عقيلة صالح يرى أن أعضاء الوفد، وهم ثلاثة أعضاء، غير مؤثرين في قرار المجلس الأعلى"، لافتا إلى أن عقيلة يناور منذ الآن للتهرب من مسؤولية نتائج اللقاء ليقول إنه غير رسمي كما حدث في لقائه المشري في الرباط.

وإن بدت القضايا المطروحة من وفد مجلس الدولة عناوين كبيرة لا يمكن أن يستوعبها لقاء عابر، إلا أن مجلس الدولة يبدو أنه أراد بخطوته تحديد مواطن الخلاف، وأن الصراع السياسي ومن خلفه العسكري يدوران حول هذه المسائل المفصلية.

وتحاول القاهرة أن تقف بحياد وعلى مسافة واحدة بين الطرفين، ظاهريا، إلا أنها توالي مجلس النواب وجناحه العسكري المتمثل في اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، الذي صعّد بشكل كبير الأوضاع أخيرًا، من خلال نقل تبعية حقول وموانئ النفط لحكومة يسيطر عليها، وبالتالي الاستحواذ على مواردها المالية، واستمراره في شيطنة خصومه ووصمهم بالإرهاب وانتصاره عليهم لا سيما في درنة أخيرا، واتهام حكومة الوفاق بدعمها عودة إيطاليا وتمركزها عسكريا جنوب البلاد.

لكن المصدر قال إن "التقارب الفرنسي الأخير مع الفاعلين السياسيين في طرابلس، لا سيما مجلس الدولة وحكومة الوفاق كان وراء الدعوة المصرية"، مشيرا إلى توافق مصري- فرنسي حول رؤية الحل في ليبيا.


القاهرة تزحزح من مواقفها

وكشف المصدر النقاب عن "شبه تخل فرنسي عن حفتر وإصرار منها على إقناع الأطراف العربية الداعمة إياه ومنها القاهرة التي لا تزال تدعمه بحكم مصالحها الأمنية، لا سيما على طول حدودها مع ليبيا".

ولم تكن استضافة ممثلي مجلس الدولة، الخصم الأكثر وضوحا لحفتر، في القاهرة هي الأولى فقد سبق وأن زارها مسؤولون عن المجلس لمناقشة سبل التقارب، كما أن القاهرة تسير في خط آخر يتعلق بجهود لتوحيد مؤسسة الجيش حضرها ممثلون عن خصوم حفتر العسكريين على مدى ستة لقاءات توقفت عند التباحث حول الهياكل الأساسية لمؤسسة الجيش.

ويشير المصدر الدبلوماسي إلى أن القاهرة اتجهت في سياستها إلى مسارين؛ الأول مستمر في دعم حفتر الذي يسيطر على شرق البلاد باعتباره يشكل عمقا أمنيا لها، وهو سبب مقنع للمجتمع الدولي، ومسار آخر سياسي تحافظ من خلاله على علاقة مع حكومة الوفاق وحلفائها الدوليين من جهة واستجابة لرغبات باريس الجديدة التي يبدو أنها ترغب في التخلي عن حفتر لأسباب لم تظهر بعد.

المصدر ذاته يعتبر أن القاهرة المرغمة على دعم حفتر بدت محرجة من إجراءاته وتصعيده، لا سيما قراره الأخير بنقل تبعية حقول موانئ النفط إلى الحكومة التي يسيطر عليها في البيضاء شرق البلاد، وهو قرار لا يمكن تطبيقه على الإطلاق كون بيع النفط وتصديره أمر مرتبط بقوانين ولوائح منظمة "أوبك"، التي لا تعتمد سوى مؤسسة النفط في طرابلس، كما أنه يصادم قرارات مجلس الأمن القاضية بجعل النفط تحت رعاية وشرعية طرابلس.

وطلبت القاهرة، بعد طلب من حكومة الوفاق، مزيدا من الوقت لإقناع حفتر بالتخلي عن قراره والإبقاء على مسألة التصدير والإنتاج النفطي، على الأقل، بيد طرابلس، لكن حرج القاهرة زاد بشكل كبير بعد محاولة حفتر أخيرًا تفجير أزمة جديدة بين روما وفرنسا بالإعلان عن مساعي إيطاليا بالوجود عسكريًا في الجنوب الليبي الذي تعتبره فرنسا مجالا تاريخيا طبيعيا لها. كما أن مواقع النفط فيه أغلبها تابع لشركة نفطية فرنسية، بحسب المصدر.

وأكّد أن لقاء القاهرة المرتقب سيكون كمثيله من اللقاءات العربية والدولية؛ "لن ينتج شيئا سوى مزيد من التعنت من قبل حفتر"، متسائلا عن وضع القاهرة بعد هذا اللقاء التي تعزف على وتر الخلاف بين حفتر وعقيلة صالح، المقرّب من وزارة خارجيتها، لا سيما أن الأخير سيكون على رأس اللقاء المرتقب.


وقال: "على الأقل، القاهرة ستزحزح من مواقفها بشأن حفتر ولو بشكل نسبي تحت ضغوط فرنسا ودول أخرى وإزاء قرارات حفتر العشوائية"، مضيفًا أن القاهرة تريد أن تقول من خلال هذا اللقاء "نعم للحلول السياسية"، وبالتالي إن بدءها في ممارسة ضغوط على حفتر للقبول على الأقل بمبادرة فرنسا كحلّ سياسي يمكن أن يحفظ له مكانا يحميه من غضب دولي يمكن أن يقصيه نهائيا.