الأمم المتحدة تحذر من انهيار وكالة أونروا: لا بديل عنها

12 يوليو 2024
مركز وكالة أونروا في رفح، 13 ديسمبر 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **الوضع الكارثي في غزة وأزمة التمويل:** أكد أنطونيو غوتيريس أن القتال والدمار في غزة غير مبررين ويؤثران على كل فلسطيني، مع فجوة تمويلية عميقة تواجهها أونروا، مشدداً على ضرورة التوصل إلى اتفاق سياسي.

- **استهداف أونروا ومعاناة موظفيها:** تعرضت أونروا وموظفوها لهجمات واعتقالات من قبل قوات الأمن الإسرائيلية، وأكد غوتيريس أن فقدان الدعم سيؤدي إلى انهيار الوكالة، التي تعتمد على المساهمات الطوعية.

- **الوضع الإنساني الحرج ودور أونروا:** وصف فيليب لازاريني الوضع في غزة بأنه أسوأ مأساة منذ 75 عاماً، محذراً من أن تفكيك أونروا سيؤدي إلى انهيار الرد الإنساني، مشدداً على ضرورة وقف إطلاق النار وسد فجوة التمويل.

غوتيريس: الفلسطينيين يجبرون على التحرّك كما لو كانوا كرات بشرية

فرنسيس: يجب أن نشعر بالقلق أنّ أونروا أصبحت على حافة الانهيار

لازاريني: قدرة أونروا على العمل بعد أغسطس تعتمد على سداد التمويل

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، خلال مؤتمر للمانحين عقدته الأمم المتحدة من أجل حثّ الدول على التبرع لوكالة أونروا التي تعاني من فجوة هائلة في تمويلها، إنّ مستويات القتال والدمار الشديدة التي تشهدها غزّة "غير مبررة أو مفهومة"، موضحاً أن مستوى الفوضى يؤثر على كل فلسطيني في قطاع غزّة وكل من يحاول يائساً إيصال المساعدات إليهم.

وأضاف أنه "في الوقت الذي اعتقدنا فيه أن الوضع في غزّة لا يمكن أن يزداد سوءاً، فإن المدنيين يُدفعون بطريقة مروعة إلى دوائر أعمق من الجحيم". وأكد غوتيريس في هذا السياق: "نجتمع كل عام للمساعدة في سدّ الفجوة بين ما تم التعهد به لأونروا وما هو مطلوب، لكن الوضع هذا العام مختلف حيث نواجه فجوة تمويلية عميقة". وتحدث عن أن ذلك يأتي في الوقت الذي يواجه فيه الفلسطينيون تحديات في مجالات إضافية عديدة، مبيناً أن "القانون الدولي والنظام تعطلا تماماً" في قطاع غزّة.

وتوقف الأمين العام للأمم المتحدة عند "أوامر الإخلاء الجديدة" (التهجير القسري) التي أصدرتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وجلبت معها "المزيد من معاناة المدنيين وإراقة الدماء"، قائلاً إنّ "الفلسطينيين يجبرون على التحرّك كما لو كانوا كرات بشرية يتم تقاذفها وسط مشهد من الدمار والموت". ثم شدد على ما قاله مرات عديدة في السابق أن "لا مكان آمناً في غزّة". وأضاف أنّ "كل مكان عبارة عن منطقة قتل محتملة"، مشدداً على ضرورة أن "تُظهر الأطراف الشجاعة والإرادة السياسية للتوصّل إلى اتفاق". 

وكرر رسالة سابقة له كان قد قال فيها إنّ "لا شيء يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني. ومع ذلك يعاني الفلسطينيون، بما في ذلك، بطبيعة الحال، لاجئو فلسطين، من الفترة الأكثر دموية منذ إنشاء الوكالة، ولم يسلم زملاؤنا في أونروا من سيناريو الرعب، حيث قُتل 195 من موظفي الوكالة، وهو أعلى عدد من القتلى في تاريخ الأمم المتحدة، والعديد منهم قتل مع عائلاته وأحبائه". ولفت الانتباه إلى أن كثيرين منهم يعملون أطباء ومدرسين وغير ذلك في الوكالة.

وتوقف الأمين العام للأمم المتحدة كذلك عند استهداف وكالة أونروا بطرق مختلفة، إذ "تعرض موظفو أونروا لاحتجاجات عنيفة متزايدة وحملات تضليل شرسة. واعتقلت قوات الأمن الإسرائيلية بعضهم، وأفادوا في ما بعد عن سوء المعاملة الذي وصل إلى حدّ التعذيب أحياناً. وفي الضفة الغربية المحتلة، فرضت السلطات الإسرائيلية قيوداً شديدة على موظفي أونروا وتحرّكاتهم". 

ثم تطرّق إلى الاستقرار الذي يجلبه عمل المنظمة الأممية، وقال إنّ "عمل أونروا يعد واحداً من أعظم العوامل التي توفر الأمل والاستقرار في جميع أنحاء المنطقة المضطربة، وبدون الدعم والتمويل اللازمين لأونروا، فإن لاجئي فلسطين سيفقدون شريان الحياة الحاسم، آخر بصيص أمل بمستقبل أفضل". وحثّ الدول الأعضاء على التبرع لسدّ الفجوة الهائلة وناشد الجميع "لحماية أونروا وموظفيها وولايتها"، قائلاً: "اسمحوا لي أن أكون واضحاً: لا بديل عن أونروا".

تحذيرات من توقف عمل أونروا

من جهته حذر رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الحالية، دنيس فرنسيس، من أنّ عدم توفير الأموال اللازمة لدعم المنظمة الأممية سيعني انهيارها، حتى لو كان هناك تفويض لها من الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأضاف: "يجب أن نشعر جميعاً بالقلق من أنّ أونروا أصبحت على حافة الانهيار المالي، وكما قال مفوض أونروا (فيليب لازاريني) في السابق، فإن القصور في الميزانية قد يدفعها لوقف عملياتها هذا العام، على الرغم من تمديد ولايتها حتى يوليو/تموز من عام 2026".

ويشار في هذا السياق إلى أن الجمعية العامة التابعة للأمم التمحدة هي التي تقوم بالتصويت والتفويض لعمل وكالة أونروا مرة كل ثلاث سنوات. ومع أنّ أونروا منظمة أممية إلا أنّ ميزانيتها لا تقتطع من ميزانية الأمم المتحدة الرئيسة، بل تعتمد أساساً على المساهمات الطوعية للدول الأعضاء، مما يزيد من تعقيدات عملها ويجعلها رهينة لنفوذ تلك الدول ومزاجها السياسي.

وكانت الولايات المتحدة واحدة من أكبر الدول المانحة لأونروا، إلا أنّ إدارة الرئيس جو بايدن أعلنت في يناير/كانون الثاني تجميد تمويلها الوكالة مؤقتاً بحجة اتهام إسرائيل لعدد من العاملين فيها بالاشتراك في عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ولم تثبت صحة تلك الاتهامات ولم تقدم إسرائيل أدلة عليها، كما أن الأمم المتحدة مستمرة في التحقيق بالموضوع. وفي مارس/آذار الماضي توصل الكونغرس والبيت الأبيض إلى اتفاق لتمديد تجميد تمويلها لعام إضافي.

لازاريني: الوضع في غزّة أسوأ مأساة منذ 75 عاماً

أما مفوض أونروا فيليب لازاريني، فأشار في مستهل حديثه إلى أنّ الوضع في غزّة حالياً يمثل أسوأ مأساة يشهدها الفلسطينيون منذ 75 عاماً. ولفت الانتباه إلى الخدمات التي تقدمها وكالة أونروا، بما فيها التعليم والرعاية الصحية وغيرها. وتوقف عند الهجمات التي تشنّها إسرائيل على الوكالة والعاملين فيها ليس في غزّة فحسب، بل في القدس والضفة على مباني الوكالة وموظفيها، بالإضافة إلى التدابير التعسفية التي فرضتها إسرائيل على الوكالة وحركة موظفيها. وقال إنه لم يشهد طوال عمله في المجال الإنساني هذا المستوى من الهجمات على العاملين والمنشآت.

وحذر من أنّ غض النظر عن تلك الهجمات يمثل سابقة خطيرة ولن تقتصر تبعاته على فلسطين. وأضاف: "تتوصل الجهود لتفكيك وكالة أونروا وتغيير المعايير السياسية للسلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا يشمل الهجمات على الوكالة بما فيها تلك التي على وسائل التواصل الاجتماعي ومقترحات تشريعية لطرد الوكالة من مقرها في القدس ولتصنيفها من إسرائيل منظمةً إرهابية.

وشدد لازاريني على أنّ "الوكالة مستهدفة بسبب دورها في صون حقوق اللاجئين الفلسطينيين، ولأنها تجسّد التزاماً دولياً تجاه حل سياسي". ولفت الانتباه إلى أنّ "أونروا تفتقر إلى المصادر المالية المطلوبة للقيام بعملها، وقدرة الوكالة على العمل بعد شهر أغسطس/آب المقبل تعتمد على سداد الدول الأعضاء فجوة التمويل وتقديم مساهمات جديدة للميزانية الأساسية".

وأضاف مفوض أونروا: "طلبنا مبلغ 1.2 مليار دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية حتى نهاية هذا العام، ولم يتلق هذا النداء إلا قرابة 20% من الأموال المطلوبة". وحذر من انهيار الوكالة إن لم تقدم الأموال اللازمة للخدمات الأساسية. وأكد أنه "تم تأسيس أونروا وكالة مؤقتة قبل خمسة وسبعين عاماً، بانتظار الوصول إلى حل سياسي لقضية فلسطين. استمر وجود الوكالة لأن الحل السياسي لم يتحقق، هي قائمة بدلاً من أن تكون محلها دولة تقدم الخدمات الأساسية والحيوية". وحث الجميع على الدفاع عنها لأن "احتمالية تفكيك الوكالة من دون أن يؤدي ذلك لانهيار الرد الإنساني في غزّة ونشر الفوضى، لهي فكرة ساذجة في أبسط وصف لها". وشدد على ضرورة وقف إطلاق النار في غزّة، محذراً من أن استمرار الوضع القائم سيؤدي إلى انهيار الوكالة وسيدفع الملايين من الفلسطينيين ثمناً باهظاً.
 
يُشار في هذا السياق إلى أنّ وكالة أونروا تلعب دوراً رئيسياً ليس في قضية الحفاظ على حقوق اللاجئين الفلسطينيين الموجودين داخل فلسطين وخارجها (الأردن وسورية ولبنان) فحسب، بل كذلك في ما يخص الاستجابة الإنسانية. وتعتبر الأمم المتحدة أن الوكالة "بمثابة العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في قطاع غزّة، إذ كانت تدعم، قبل بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول، ثلثي السكان في غزة من خلال التعليم والرعاية الصحية والإغاثة، والخدمات الاجتماعية، والمساعدات الغذائية، والنقدية، وهي أكبر منظمة تنمية بشرية في قطاع غزّة (...) في الوقت الحالي، جميع سكان غزة تقريباً (2.1 مليون شخص) بحاجة للمساعدة".