القواعد العسكرية الأميركية في سورية... هل تستطيع قوة عربية ملء الفراغ؟

23 ابريل 2018
قاعدة أميركية قرب منبج، إبريل 2018 (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
أعاد موضوع الاستعاضة بقوات عربية عن القوات الأميركية المتواجدة في سورية، والذي كشفته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، الفكرة التي طرحتها السعودية، وتم رفضها من قبل الإدارة الأميركية في العام 2015، قبيل التدخل الروسي العسكري، والتي تقوم على إرسال قوات برية، على شكل قوات تحالف عربية، إلى سورية، لتأمين المدنيين السوريين ضمن مناطق آمنة محددة، وذلك على خلفية المطالبات بمناطق آمنة في سورية. وجاء تأكيد الولايات المتحدة من خلال تصريحات متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على صحة ما جاء في صحيفة "وول ستريت جورنال" ليزيد من تعقيدات الوضع في سورية، سواء لناحية إمكانية تشكيل قوة عربية تقوم بهذه المهمة، أو لناحية قدرة هذه القوة على ملء الفراغ الذي ستتركه الولايات المتحدة، أو لناحية سماح الدول الإقليمية التي ستتمركز هذه القوات على حدودها بهذا الأمر.


وبالرغم من تأكيد السعودية، عبر وزير خارجيتها عادل الجبير، استعدادها للمشاركة بقوة تكون ضمن قوات التحالف الإسلامي ضد الإرهاب في سورية، إلا أن تنفيذ هذا المشروع قد يفتح الباب على مجموعة من التعقيدات التي تجعل تنفيذه بحكم غير القابل للتطبيق، وذلك بسبب طبيعة وحساسية المناطق التي تنتشر فيها القوات الأميركية، والتي يمكن أن تتسبب بصدام بين تلك القوات والقوى الإقليمية في المنطقة. إذ تنتشر القوات الأميركية في مناطق شرق وشمال شرق سورية ضمن مناطق حدودية يتطلب قدوم قوات بديلة لها، موافقة بعض الدول، التي من الصعب أن تقبل باستقدام مثل هذه القوات العربية. فتركيا التي تدخلت بقوات عسكرية ضمن الأراضي السورية بهدف تأمين حدودها من المليشيات التابعة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، وتنسق وتفاوض الأميركيين على المناطق المتبقية على شريطها الحدودي بعد طرد المليشيا الكردية من منطقة عفرين، من الصعب أن تسمح بدخول قوات عربية بديلة للقوات الأميركية. كما أن وجود قوات عربية ضمن مناطق محاذية للحدود العراقية، وتحتوي معظم الثروات الباطنية السورية، وتقع على خط طهران بيروت الذي تعمل إيران على فتحه، قد يفتح الباب أمام احتمالات تصعيد بين إيران وتلك القوات، هذا بالإضافة إلى دخول الولايات المتحدة كضامن لمنطقة خفض التصعيد الأولى الواقعة في الجنوب السوري، على حدود كل من الأردن وإسرائيل، ما يتطلب موافقتهما لدخول قوات عربية إلى المنطقة. كما أن استعداد دول عربية أخرى، غير السعودية، لدخول سورية يبدو أمراً مستبعداً. فمصر التي تأتي على رأس الدول المرشحة للدخول في هذا التحالف رفضت التدخل بقوات عسكرية في اليمن، رغم تبعيتها للسعودية، ورغم أن تعقيدات الوضع في اليمن أقل بكثير من سورية.

وتمتلك الولايات المتحدة 12 قاعدة عسكرية في سورية، تمتد من الحدود العراقية الأردنية جنوباً، وحتى الحدود التركية شمالاً. ففي أقصى الجنوب السوري تقع قاعدة التنف العسكرية الأميركية بالقرب من المثلث الحدودي لكل من العراق والأردن مع سورية، في منطقة صحراوية تتبع إدارياً لمحافظة حمص. ويتواجد في الموقع عناصر عسكرية أميركية وبريطانية، بالإضافة إلى مقاتلين من الفصيل، المدعوم أميركياً، المسمى "مغاوير الثورة"، بقيادة الضابط المنشق، مهند طلاع. وفي شمال شرق محافظة دير الزور يوجد قاعدة عسكرية أميركية في بلدة صباح الخير. والقاعدة، التي أطلق عليها تسمية "صباح الخير" بناءً على اسم البلدة، عبارة عن قاعدتين عسكريتين تستخدمان فقط لهبوط المروحيات الحربية.


أما القاعدة الأميركية الثالثة، فهي قاعدة تل سمن، وتقع شمال مدينة الرقة مباشرة، ومهمتها "بحسب مصادر عسكرية" التنصت وقطع اتصالات مسلحي تنظيم "داعش" اللاسلكية والسلكية، بالإضافة إلى توفير الاتصال مع المقر المركزي للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب. فيما تقع القاعدة العسكرية الرابعة في محافظة الرقة أيضاً، وتقع في مدينة الطبقة التي تتبع إداريا لمحافظة الرقة. وهذه القاعدة تستعمل كمهبط للطائرات الأميركية.
وتقع القاعدة العسكرية الأميركية الخامسة في بلدة الجلبية في ريف حلب الشمالي، إلى الشرق من مدينة منبج بالقرب من الحدود مع تركيا. وتعتبر هذه القاعدة منطقة مغلقة تحتوي على 40 طائرة نقل عسكري حديثة ومدرج للطائرات وقاذفات مجهزة بأسلحة ثقيلة حديثة وغيرها من الأسلحة الحديثة. وإلى الغرب من قاعدة الجلبية تقع القاعدة العسكرية الأميركية السادسة في بلدة حرب عشق في ريف حلب الشمالي قرب الحدود التركية، وتؤوي مجموعات صغيرة مجوقلة من القوات الأميركية. أما القاعدة العسكرية السابعة فتقع في مدينة منبج في ريف حلب الشمالي. وتكتسب هذه القاعدة أهمية استراتيجية كبيرة، إذ تتواجد في منطقة يحتمل أن تشهد صراعاً بين الجيش التركي والجيش السوري الحر من جهة ومليشيا "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تسيطر على المدينة من جهة أخرى.

وتملك أميركا قاعدة عسكرية ثامنة في بلدة عين عيسى شمال مدينة الرقة، ليس بعيدا عن الحدود مع تركيا، تستعمل لنقل الذخيرة والسلاح إلى "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، ويبلغ تعداد أفرادها 200 عسكري أميركي و75 عنصراً من القوات الفرنسية بحسب مصادر عسكرية لـ"العربي الجديد". كما أن هناك قاعدة عسكرية تاسعة في بلدة ديريك في محافظة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي لسورية، وهي عبارة عن كتلتين عسكريتين، يتم نشر أفواج قوات الإنزال الجوي الأميركية فيها، بالإضافة إلى هبوط طائرات النقل العسكرية. كما يتم تقديم الدعم الأكبر لوحدات "قوات سورية الديمقراطية" من هذه القاعدة العسكرية. وتقع القاعدة العسكرية الأميركية العاشرة في جبل مشتنور في شمال شرق مدينة منبج في منطقة قريبة جداً من الشريط الحدودي مع تركيا، وهي عبارة عن مركز يوجد فيه أجهزة إرسال تابعة للقوات الخاصة الأميركية والفرنسية. ويبلغ العدد الإجمالي للعناصر في القاعدة نحو 200 جندي. وتقع القاعدة العسكرية الأميركية رقم 11 في بلدة سيرين شرقي نهر الفرات، وهي قاعدة قريبة جداً من الحدود السورية التركية، وتستخدم كموقع لنشر وحدات الإنزال الأميركية. أما القاعدة العسكرية الأخيرة، فهي قاعدة تل تمر، التي تقع في مدينة تل تمر التابعة لمحافظة الحسكة، والتي تقع في شمال غرب مدينة الحسكة، ويتواجد فيها نحو 200 جندي أميركي و70 جندياً فرنسياً. وتم في القاعدة تدريب مجموعات مسلحة كانت تعرف باسم "جيش سورية الجديد" الذي ما لبث أن تفكك.