واشنطن والرياض بعد قضية خاشقجي: إدارة أزمة بلا محاسبة

13 أكتوبر 2018
قضية خاشقجي تتفاعل(أوران كوبان/الأناضول)
+ الخط -

توجه السفير السعودي في واشنطن خالد بن سلمان إلى الرياض، يوم الخميس، وسط أجواء نقمة أميركية عارمة على اختفاء الصحافي جمال خاشقجي.

ويبدو أنه طُلب منه الذهاب إلى المملكة للمجيء بتفسير أوضح حول الحادثة، بعدما تعذر الحصول عليه من خلال الاتصالات التي أجراها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو والمستشاران جون بولتون وجارد كوشنر، مع المسؤولين السعوديين.

المتحدثة الرسمية في الخارجية هاذر ناورت، اعترفت أنه جرى الاتصال بالسفير "بعدما علمنا باعتزامه السفر، لإبلاغه بأن واشنطن تتوقع منه أن يأتي بجواب أو أي معلومات تتعلق بهذه القضية، فور عودته". لكنها نفت أن تكون الإدارة قد طلبت منه المغادرة.

مع ذلك، بدت مطالبة السفير بالجواب أكثر من مصادفة، فالبيت الأبيض في موقف حرج جداً. قصة المغدور به تحولت إلى كابوس. باتت حديث الساعة في واشنطن وفي وسائل الإعلام. الأسئلة حول ملابساتها تطارد المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية. الكونغرس بحزبيه الجمهوري والديمقراطي، يتوعد بإجراءات "قاسية" لو ثبتت المسؤولية ضد المملكة.

العديد من المسؤولين السابقين الدبلوماسيين والاستخباراتيين وأهل الرأي وخبراء السياسة الخارجية في مراكز الأبحاث (مثل بروكنغز ومجلس العلاقات الخارجية)، أعربوا وبصوت هادر عن إدانتهم للعملية، مع التشديد على وجوب متابعتها لكشف كامل خيوطها ومعاقبة الجهة المسؤولة عن اختفاء خاشقجي.

موجة اعتراض صاخب وواسع وضعت الرئيس دونالد ترامب في موقف صعب. لا هو قادر على الدفاع بصورة مكشوفة، ولا هو راغب في الإدانة المباشرة. ردوده بدت حتى الآن كمن يحاول المشي بين حبال المطر من دون أن يتبلل. يحاول تسويغ عدم الإدانة الصريحة، من خلال تلميحه بأن خاشقجي ليس أميركياً وأن هناك "صفقة سلاح بـ110 مليارات دولار مع السعودية" لا يجوز التفريط بها. علماً بأن هذا الرقم "وهمي" كما يقول الخبير بروس رايدال.

وما زال الرئيس يزعم حتى اليوم بأنه "لا نعرف بعد ما حصل بالضبط". مع أن القرائن التركية باتت جازمة. واستناداً إليها كما إلى الأدلة الظرفية، باتت سائر الجهات في واشنطن تتعامل مع القضية خاصة في الأيام الأخيرة، على أساس أن الرجل "تمت تصفيته في القنصلية" أو في منزل القنصل محمد العتيبي.

الاحتقان الأميركي ضد السعودية، تزايد في السنوات الأخيرة، وحرب اليمن رفعت منسوبه. وكذلك ممارسات ولي العهد محمد بن سلمان. ترامب ركب الموجة حتى الآن لكن بصورة ملتوية. حفظ خط الرجعة لحماية العلاقات المتعددة الجوانب مع الرياض، وقد أعطى أكثر من إشارة في هذا الاتجاه، آخرها عدم إلغاء مشاركة وزير ماليته ستيفن منوشين في "مؤتمر الاستثمار" المقرر عقده في السعودية الأسبوع المقبل، ولو أن عدداً كبيراً من الشركات الأميركية قرر عدم حضور هذا المؤتمر بعد اختفاء خاشقجي. ترامب يعمل على إدارة أزمة طرأت مع السعودية وليس محاسبتها عليها.

تلميحاته تشير إلى أنه ينوي تنفيس النقمة قدر الإمكان وتهدئة الكونغرس المشغول حالياً بالانتخابات، من خلال التذرع بإيران والحاجة إلى تعاون السعودية في تطبيق العقوبات الأميركية النفطية والمالية ضدها، والتي ستدخل التنفيذ في مطلع الشهر المقبل. ويعرف ترامب أن للعلاقات الأميركية -السعودية حراسها في واشنطن، فهي "مربوطة بمصالح أمنية ونفطية مشتركة وتجاوزت أزمات كبيرة مثل حظر النفط عام 1973 وهجمات 11/9 التي كان معظم منفذيها سعوديين"، حسب مجلس العلاقات الخارجية.

لكن حتى هؤلاء يعترفون بأن العلاقات تخلخلت ومرت في توترات كبيرة في السنوات الأخيرة. وقضية خاشقجي ستزيد من الخلخلة والرضوض، إن لم يكن الكسور في العلاقات، فالاستياء كبير والمطالبات أكبر "بإعادة النظر" في الروابط بين الطرفين.

المساهمون