تنظيم "داعش" يتقدم في البادية السورية:" محاولة تغيير المعادلات تغضب روسيا

01 أكتوبر 2017
نازحة وابنها من معارك دير الزور (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
يحاول تنظيم "داعش" تغيير معادلة الصراع في البادية السورية وفي شرقي البلاد بشن هجمات مباغتة على قوات النظام وحزب الله اللبناني، الساعية منذ أشهر وراء طرد التنظيم من مواقعه وإحكام السيطرة على البادية التي تشكّل جغرافياً نحو نصف مساحة سورية، وعلى محافظة دير الزور ثاني أكبر المحافظات من حيث المساحة فضلاً عن غناها بالبترول. وأثارت التطورات المتلاحقة حفيظة موسكو حليفة النظام، متهمةً واشنطن بإنقاذ تنظيم "داعش" من "الفناء"، معتبرةً تصرفات الأميركيين في شرقي سورية "غير مسؤولة"، في مؤشر على تأزم الموقف بين الطرفين، مع سيطرة قوات تدعمها واشنطن على حقل نفطي آخر في دير الزور.

وشنّ تنظيم "داعش" هجوماً واسعاً فجر السبت على مواقع قوات النظام والمليشيات المساندة لها في مدينة القريتين بريف حمص الجنوبي الشرقي، في خطوة تهدف إلى تخفيف الضغط عن مسلحيه في عدة جبهات أخرى. ورجّحت مصادر إعلامية تابعة للنظام السوري أن يكون هجوم التنظيم عبر "خلايا نائمة"، نظراً لوجود مسافة 150 كيلومتراً تفصل بين المدنية المستهدفة ومواقع "داعش" في المنطقة المعروفة باسم "تي 3"، والتي تحوي محطة لتوزيع النفط في شرق تدمر، فضلاً عن وجود أكثر من ستين كيلومتراً بين القريتين وناحية عقيربات شرق حماة، حيث لا يزال التنظيم يمتلك قواعد لمسلحيه.

وكانت مصادر تابعة لـ"حزب الله" الذي يقاتل إلى جانب قوات النظام في سورية، نعت يوم الجمعة الماضي أكثر من 10 عناصر، خلال هجوم "داعش" على مواقعهم في مدينة السخنة بريف حمص الشرقي في قلب البادية السورية. وأكدت مصادر محلية أن التنظيم سيطر على مواقع عسكرية استراتيجية إثر عملية مباغتة. وأكد ناشطون أن تنظيم "داعش" بات على بعد أربعين كيلومتراً عن مدينة تدمر، عقب هجومه الواسع في الآونة الأخيرة، على مواقع النظام السوري في البادية السورية، في تطور من الممكن أن يعيد خلط أوراق الصراع مجدداً. كذلك، شنّ التنظيم يوم الجمعة، هجوماً واسعاً على مواقع قوات النظام من عدة محاور باتجاه مدينة السخنة شرق حمص، وسيطر على خمسة حواجز تابعة لقوات النظام وعلى جبل الطنطور الاستراتيجي المطل على المدينة، ومفرق البغالة، وقرية القليع، وشركة غاز القليع، شرق مدينة السخنة. وأشارت وكالة "أعماق" الناطقة باسم "داعش" إلى أن أكثر من 40 عنصراً من قوات النظام والمليشيات قتلوا خلال هذه المعارك الدائرة، فيما ذكرت مصادر محلية أن التنظيم سيطر على المحطة الثالثة ومحيطها شرق مدينة تدمر بالريف الشرقي لحمص.

وذكرت وسائل إعلام تابعة للنظام أن قوات الأخير صدت هجوماً عنيفاً شنه تنظيم "داعش" على عدة نقاط واقعة على أوتوستراد دير الزور-تدمر بين بلدتي الشولا وكباجب بريف دير الزور الجنوبي الغربي، لكن جرت محاصرته ضمن خط ترابط ناري، بعد التقاء قوات النظام القادمة من السخنة بالقوات الآتية من الشولا في كباجب، بحسب الوسائل الإعلامية نفسها.

غير أن تسجيلا مصورا بثته وكالة "أعماق" أظهر عشرات القتلى من قوات النظام غربي دير الزور، كما تحدث ناشطون عن وقوع عدة حافلات تقل عشرات الجنود لقوات النظام في كمين لعناصر "داعش" قرب بلدة الشولا. في المقابل، أوردت صفحات موالية للنظام، على مواقع التواصل الاجتماعي، أن هؤلاء القتلى الذين ظهروا في الشريط هم عناصر من قوات النظام كانوا على متن الحافلات، فيما تؤكد مصادر محلية أن قوات النظام محاصرة حالياً في السخنة، وسط تطورات متسارعة تشهدها المنطقة، من خلال تبادل السيطرة بين الطرفين.

وأكد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن خسائر قوات النظام و"حزب الله" بلغت، في يومين، أكثر من 100 قتيل خلال اشتباكات البادية ودير الزور، من ضمنهم 20 قتيلاً على الأقل من "حزب الله" اللبناني.

وأثارت التطورات العسكرية في البادية السورية ودير الزور حفيظة الروس حلفاء النظام، متهمين الأميركيين بالتسبب في استعادة تنظيم "داعش" زمام المبادرة في الصراع إثر تراجعه الكبير. واعتبر المتحدث باسم قاعدة حميميم الروسية في الساحل السوري، أليكسندر إيفانوف، أن هجمات التنظيم "الارتدادية" بحسب وصفه، ضد قوات النظام "مثيرة للريبة". وأضاف أن "التنظيم المتشدد فقد التوازن بشكل كامل في الآونة الأخيرة، لكنه الآن يستعيد توازنه بشكل سريع بعد تدخل واشنطن عبر قوات سورية الديمقراطية شمال دير الزور ووضعها لقيود حالت دون استكمال القضاء على التنظيم المتشدد بشكل كامل"، بحسب قوله. ويشن التنظيم هجمات معاكسة على قوات النظام في مدينة دير الزور ومحيطها، خاصةً في حويجة صكر، وعلى محور خشام، وحطلة فوقاني. وحمّل إيفانوف الجانب الأميركي مسؤولية تبعات الهجوم الذي يشنه تنظيم "داعش" ضد قوات النظام في دير الزور. وقال في تصريحات نشرها أمس السبت، على صفحة "قاعدة حميميم" على موقع "فيسبوك"، إن "هذا الهجوم لم يكن ليحدث لولا التدخل الأميركي شمال دير الزور والذي كان بمثابة إنقاذ للتنظيم الإرهابي الدولي من الفناء في لحظاته الأخيرة". وأضاف الناطق الروسي أن "هذه التصرفات غير المسؤولة ستؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا في سورية، وارتفاع في وتيرة العنف من جديد"، في مؤشر على تأزم العلاقة بين موسكو وواشنطن حيال التطورات العسكرية المتلاحقة في شرقي سورية.

في غضون ذلك، استطاعت "قوات سورية الديمقراطية"، المدعومة أميركياً، تحقيق اختراق جديد من شأنه تأجيج الصراع على محافظة دير الزور، إذ سيطرت على حقل نفطي جديد شمال شرقي مدينة دير الزور بالجانب الشمالي من نهر الفرات في سياق حملة "عاصفة الجزيرة" التي بدأتها في التاسع من شهر سبتمبر/أيلول الحالي. وأعلنت المتحدثة الرسمية باسم حملة "عاصفة الجزيرة"، ليلوى العبد الله، أن "قوات سورية الديمقراطية" انتزعت السيطرة أمس السبت، على حقول الجفرة النفطية شمال شرقي مدينة دير الزور، مشيرةً في تصريحات صحافية، إلى أن تنظيم "داعش" فقد أهم مصادر تمويله بعد خسارته حقول الجفرة. وكانت "سورية الديمقراطية" سيطرت أخيراً على حقل ومحطة كونوكو، وهي تسعى للسيطرة على حقول أخرى منها حقل العمر أكبر حقول النفط في سورية، إضافةً إلى حقلي التنك والورد وكلها تقع شمال نهر الفرات. وبسيطرة "سورية الديمقراطية" على حقل الجفرة، بدأت تقترب أكثر من مناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري شمال نهر الفرات، وهو ما يفتح الباب أمام صدام مباشر بين القوتين.

المساهمون