أزمة الشرعية والحراك اليمنيين: العلاقة بإيران قبل "العاصفة" وبعدها

04 يوليو 2017
الزبيدي خلال تدشينه مستشفى بتمويل إماراتي (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي يعيش فيه اليمن حالة من الجمود السياسي، واستمرار الحرب بطريقة روتينية في جبهات المواجهات المباشرة، يبدو أن مدينة عدن جنوبي البلاد، على أبواب مزيد من التصعيد بين الحكومة الشرعية والحراك الجنوبي، أو ما بات يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من الإمارات، بعد أن وصلت الخلافات والاتهامات المتبادلة إلى مرحلة غير مسبوقة، عقب القرارات الأخيرة التي أطاحت بثلاثة محافظين جنوبيين من أعضاء المجلس.

وفي أحدث التطورات وجّهت الحكومة الشرعية اتهامات خطيرة لمحافظ عدن السابق، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، بالتبعية لإيران، وقالت إنه "وأمثاله من خريجي الضاحية الجنوبية في لبنان والمرتبطين بإيران، يمارسون دوراً رديفاً لرفاقهم من الحوثيين". وتحدثت عن "علاقة مشبوهة له بقوى الانقلاب والإرهاب وبولائه لإيران، وإن ذلك معروف لدى مختلف أبناء البلاد في الشمال والجنوب". وجاء التصريح غير المسبوق، الذي يتهم حليفاً وطيداً للإمارات في اليمن، بالعلاقة بإيران، بعد اتهامات وجهها عيدروس الزبيدي، خلال مقابلة تلفزيونية، لنائب الرئيس اليمني، الفريق علي محسن الأحمر، بأنه "يرعى الإرهاب". وهو اتهام من الحساسية بمكان، أن يصدر من قبل شخصية محسوبة على أبوظبي، ضد نائب الرئيس الموجود في السعودية، فبدا الاتهام للأحمر، وكأنه موجّه ضد الشرعية التي تدعمها الرياض. وجاء رد الحكومة بأن الفريق الأحمر "يخوض حرباً مفتوحة بلا هوادة ضد قوى الانقلاب والإرهاب"، مع الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر.

ويعود اتهام الشرعية للزبيدي المتواجد في أبوظبي والذي يعد أحد أبرز رجالها في عدن، بالولاء لإيران، إلى سنوات سابقة، إذ إن إيران ومنذ عام 2009 تقريباً، استطاعت أن تمدّ علاقاتها مع الحراك الجنوبي، أو تيارات فيه بالأحرى، منها تيار النائب الأسبق للرئيس اليمني، القيادي الجنوبي علي سالم البيض، الذي أقام في لبنان لسنوات، ويدعم تياراً داخل الحراك، بما فيه مجموعات مسلحة في محافظة الضالع، التي يتحدر منها الزبيدي.

وأكدت مصادر يمنية لـ"العربي الجديد"، أن "علاقات أغلب تيارات الحراك بطهران، انقطعت بعد بدء عاصفة الحزم، بقيادة السعودية والإمارات عام 2015. وانتقل البيض إلى أبوظبي، فيما الزبيدي العسكري الذي يعد من أبرز قيادات الحراك الجنوبي، تحول إلى قائد للمجموعات المسلحة تحت مسمى المقاومة الجنوبية، لمحاربة جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائها الموالين لعلي عبدالله صالح، في محافظة الضالع، وتبدو الاتهامات بالعلاقة لطهران في ظل الوجود السعودي الإماراتي في الجنوب اليمني منذ عامين، على الأقل، أقل رواجاً، لكن التطورات الأخيرة تجعل الوضع مفتوحاً على كافة الاحتمالات".



في المقابل، وباعتبارهم الحليف المحلي الأبرز لأبوظبي، يردّد أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي، اتهامات متكررة للشرعية، بأنها تحت تأثير جماعة "الإخوان المسلمين". ويتركز هجمومهم ضد الفريق الأحمر، الذي كان أحد أبرز أذرع النظام السابق. غير أن اتهامه من قبل الزبيدي، نفسه، بدعم الإرهاب، نقل المعركة بين "الشرعية" و"الانتقالي"، إلى نقطة جديدة، وربما أثار غضب التحالف الذي يدعم الأحمر، في حين جاء تصريح الشرعية ضد الزبيدي، هو الآخر، مثيراً للتساؤلات، إذ إنه يتهم مسؤولاً عينه هادي محافظاً لعدن في ديسمبر/كانون الأول 2015، واستمر بمنصبه حتى أبريل/نيسان2017.

وتعكس التصريحات بمجملها أزمة في أوساط الشرعية - التحالف، حيث إن القيادات الجنوبية التي كانت حتى وقتٍ قريب، في إطار الشرعية، وتتواجد في أبوظبي أو تدعمها الأخيرة، دخلت في صراع معلن مع القيادة الشرعية التي يتواجد أغلب رموزها بما فيهم هادي في العاصمة السعودية الرياض، ما قد يُفسر بخلافات بين الدولتين الفاعلتين في التحالف، ومن غير المستبعد أن تسبق تغييرات ما، قد تجري على قيادة الشرعية، بعد تسريبات بتوجه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، لدعم عودة خالد بحاح إلى منصب بقيادة الشرعية (نائب على الأرجح).

من زاوية أخرى، جاء هذا التراشق في الاتهامات، ليعزز احتمالات الأوضاع في عدن والمحافظات الجنوبية المحيطة بها، نحو مرحلة مزيد من التصعيد بين الشرعية و"الحراك الجنوبي"، الأمر الذي لا يستبعد معه حصول مفاجآت وقرارات جديدة، وأفادت مصادر محلية في عدن لـ"العربي الجديد"، أن أنصار "المجلس الانتقالي"، يواصلون التحضير لفعالية جماهيرية تصعيدية ضد الشرعية من المقرر أن تُقام في السابع من الشهر الحالي، ويقول الداعون إليها إنها ستدشن خطوات تصعيدية جديدة، استكمالاً للتصعيد الذي بدأ مطلع مايو/أيار الماضي، وتكلل بتشكيل "المجلس الانتقالي الجنوبي" في 11 مايو.


المساهمون