وحدة أحزاب إسلاميي الجزائر: فرصة لانتصار انتخابي في مايو

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
08 يناير 2017
01C7C8B8-2D7D-4086-B1D1-406DA404DDE0
+ الخط -
بعد تسع سنوات من الانشقاق السياسي وبعد ثلاث سنوات من جهود الوحدة، نجح الفرقاء في تيار "الإخوان المسلمين" في الجزائر بالتوصل إلى اتفاق توحيد الحزب السياسي الرئيسي الذي يمثل هذا التيار، حركة "مجتمع السلم"، وهو ما تزامن مع نجاح حزبين إسلاميين آخرين في تحقيق الوحدة التنظيمية مجدداً، بعد 16 سنة من الانشقاق.

وقد حسمت حركة "مجتمع السلم" و"جبهة التغيير" مشروع إعادة توحيد الحركة الأم. ووقعتا على وثيقة الوحدة التنظيمية، والتي أقرها مجلسا شورى الحركتين، يوم الجمعة الماضي، في خطوة تمهيدية لترتيب عقد مؤتمر موحد لحركة "مجتمع السلم" نهاية عام 2017. ومن المتوقع أن يتمخض عن المؤتمر إقرار إعادة إدماج كوادر "جبهة التغيير" في هياكل الحركة القيادية والقاعدية.

وأعلن رئيس جبهة التغيير، عبدالمجيد مناصرة، الاتفاق على إعادة توحيد الحركة، مشيراً إلى أن هذه الوحدة "هي اندماجية في حزب واحد وليست تحالفاً انتخابياً أو لجوءاً اضطرارياً، وستجسد (بشكل) قانوني في إطار حركة مجتمع السلم التي هي البيت الكبير"، وفق تعبيره.

وأقر رئيس حركة "مجتمع السلم"، عبدالرزاق مقري، بوجود بعض العقبات الواقعية والإكراهات الظرفية التي سترافق الخطوات التأسيسية للوحدة الاندماجية، لا سيما في المحطة الانتخابية الحساسة والمقبلة، في إشارة إلى طموح بعض كوادر الحركة للترشح في الانتخابات البرلمانية، ما يعني أن عودة كوادر "جبهة التغيير" سيجبر الحركة على اقتسام القوائم مناصفة مع كوادر "التغيير". لكن المراقبين لا يعتقدون أن يشكل ذلك حائلاً دون الوحدة، لا سيما أن هذه الكوادر عملت معاً في نفس الحركة لعقود قبل الانقسام.

واعترف مقري أن "إعادة توحيد الحركة عشية الانتخابات البرلمانية من شأنه أن يقوي وضعها وحظوظها في الانتخابات المقبلة". وقال إن "هذه الوحدة وفي ظل قانون الانتخابات الحالي، ستُعطي لنا قيمة مضافة قد تنقذنا من عتبة الإقصاء في العديد من الولايات، وستحد من التزوير ضدنا، خاصةً في ظلّ تحالفات أخرى قد تكون على حسابنا شعبياً أو سلطوياً، كما أنها ستوفر لنا خطاباً انتخابياً مريحاً، يجنّبنا التبرير في حالة بقاء الانقسام"، بحسب تأكيده.

وشهدت حركة "مجتمع السلم" مساراً من الانقسامات الداخلية، بدأت عام 2003 عندما توفي مؤسس تيار "الإخوان المسلمين" في الجزائر، الشيخ، محفوظ نحناح، تاركاً وراءه إرثاً سياسياً كبيراً يتعلق بحركة "مجتمع السلم" التي كانت تمتلك حينها تأثيراً لا يستهان به، باعتبارها أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر وشريكة في الحكومة. لكن دعمها للسلطة ارتد عليها بشكل سلبي، وجعلها تتعرض لانتقادات واسعة من قوى المعارضة، وتسبب بخلافات داخلية بين كوادر الصف الأول فيها. وقد زادت هذه الخلافات وتعمقت أكثر فأكثر بعد عام 2003.

ومع اقتراب أول مؤتمر للحركة عام 2008، كانت كتلة من قياداتها قد قررت الانشقاق وتأسيس حزب بديل تحت اسم "جبهة التغيير"، بسبب خلافها مع رئيس الحركة الجديد، أبو جرة سلطاني، ورفضها مساره السياسي.

وشكل الانشقاق ضربة موجعة لحركة "مجتمع السلم" التي عرفت منذ تأسيسها عام 1990 بالانضباط التنظيمي. وأخفقت كل مساعي إعادة المنشقين إلى الحركة الأم. وتفاقم الخلاف السياسي الداخلي بسبب دعم السلطة لجهود تفتيت الأحزاب السياسية الفاعلة حينها. هكذا تحول الحزب إلى حزبين، ما لبث أن انشق كل منهما على نفسه. ففي عام 2012، قررت حركة "مجتمع السلم" فض التحالف الرئاسي الذي كان يجمعها مع حزبي السلطة، "جبهة التحرير الوطني"، و"التجمع الوطني الديمقراطي"، وعدم المشاركة في الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية التي كانت قد جرت في العاشر مايو/أيار 2012. لكن ذلك دفع كتلة من الكوادر بقيادة وزير الأشغال العمومية حينها، عمار غول، إلى الانشقاق عن الحركة وتأسيس حزب جديد باسم تجمع "أمل الجزائر". وفي الجهة المقابلة، انشقت كتلة أخرى عن "جبهة التغيير"، وأسست حركة "البناء".

لكن تجربة إعادة توحيد حزب "الإخوان المسلمين" في الجزائر، سبقها بأقل من شهر إعادة توحيد حزب إسلامي آخر كان انشق منذ عام 1999. ويتعلق الأمر بحركة "النهضة" التي نجح طرفاها، رئيسها السابق عبدالله جاب الله، الذي يقود حالياً جبهة "العدالة والتنمية"، وقيادة حركة "النهضة"، بترسيم اتفاق سياسي يقضي بإعادة توحيد "النهضة التاريخية"، واندماج الحزبين تحت سقف سياسي واحد.

وفي عام 1999، كان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، مرشحاً من السلطة والجيش للانتخابات الرئاسية للمرة الأولى. وكان بصدد البحث عن أكبر إجماع سياسي ممكن. وكانت حركة "النهضة" من بين الأحزاب السياسية التي استهدف الحصول على دعمها السياسي. لكن رئيس الحركة حينها، جاب الله، رفض دعم مرشح السلطة، وكان ذلك بدايةً الخلاف داخل الحركة، ما دفع كوادر الصف الأول إلى عقد مؤتمر للحزب استحدث خلاله بالإجماع منصب أمين للحركة، سحب مجمل الصلاحيات من رئيسها. وأعلنت الحركة بإجماع مجلس الشورى على دعم ترشح بوتفليقة، ما دفع جاب الله إلى الانسحاب مع كتلة كبيرة من قيادات الحركة الموالية له. وقرر ترشيح نفسه في الانتخابات لمنافسة بوتفليقة، كما أسس حزباً سياسياً جديداً باسم حركة "الإصلاح". وحاز الحزب على المرتبة الثالثة في الانتخابات البرلمانية عام 2002. لكن كوادر الحزب الجديد ما لبثوا أن انقلبوا مجدداً على جاب الله الذي أسس حزباً ثالثاً باسم جبهة "العدالة والتنمية".

ويبدو أن التطورات السياسية التي شهدتها الجزائر في السنوات الأخيرة، والتقارب الكبير في المواقف بين حركة "النهضة" وجبهة "العدالة والتنمية" وانخراطهما ضمن "تنسيقية التغيير والانتقال الديمقراطي" التي تضم عدداً كبيراً من أحزاب المعارضة، فضلاً عن فترة 16 سنة من الانشقاق، كانت كافية لمعالجة الجرح السياسي الذي خلفه انشقاق عام 1999. وهناك عدة عوامل ساهمت في إلغاء الخلافات السياسية التي كانت سبباً في هذا الانشقاق. كما أن المرحلة السياسية باتت تفرض على الطرفين البحث عن ظهير مشترك، في ظل تغول السلطة وأحزابها، لا سيما عشية الانتخابات البرلمانية المقبلة المقررة قبل العاشر مايو/أيار المقبل.

إعادة توحيد وترميم البيت الداخلي بين 5 أحزاب إسلامية، هي: حركة "مجتمع السلم" و"جبهة التغيير" وحركة "النهضة" و"العدالة والتنمية" وحركة "البناء"، تهدف بحسب مصادر مسؤولة في حركة "النهضة" تحدثت لـ"العربي الجديد"، إلى "استغلال هذه الفرصة التاريخية انتخابياً على الصعيد الوطني في إطار قوائم موحدة". وستكون هذه أول مرة يتجه فيها الإسلاميون إلى تقديم قوائم موحدة في الانتخابات البرلمانية، خصوصاً أن أحزاب السلطة تبدو في حالة إفلاس سياسي وضعف تنظيمي بسبب الصراع داخلها مع كبار رجال الأعمال والممولين الكبار الذين يسعون للسيطرة على البرلمان، وبسبب الخيبات الاجتماعية والاقتصادية التي انتهت إليها البلاد، وأدت إلى حراك احتجاجي اجتماعي متواصل.

ذات صلة

الصورة
فارسي سيكون إضافة قوية للمنتخب الجزائري (العربي الجديد/Getty)

رياضة

يشهد معسكر المنتخب الجزائري الجاري حالياً في مركز سيدي موسى بالعاصمة الحضور الأول للظهير الأيمن لنادي كولومبوس كرو الأميركي محمد فارسي (24 عاماً).

الصورة
إيمان خليف تعرضت لحملة عنصرية أولمبياد باريس 2024 (العربي الجديد/Getty)

رياضة

وصل الوفد الجزائري، أمس الاثنين، إلى البلاد بعد مشاركته في أولمبياد باريس 2024، وكانت الأنظار موجهة بشكل أكبر صوب الثلاثي المتوج بالميداليات.

الصورة
جمال سجاتي بعد تتويجه بالميدالية البرونزية على ملعب ستاد فرنسا، 10 أغسطس/آب 2024 (Getty)

رياضة

اجتمع عدد من سكان بلدية السوقر في مقاطعة تيارت غربي الجزائر في صالة متعددة الرياضات، وهناك نصبوا شاشة عملاقة من أجل متابعة ابن منطقتهم جمال سجاتي (25 عاماً).

الصورة
عبد اللطيف المكي في العاصمة التونسية، إبريل 2020 (ياسين قايدي/الأناضول)

سياسة

استخدم الرئيس التونسي قيس سعيّد القضاء لتوجيه ضربة لمنافسيه في الانتخابات التونسية الرئاسية، حيث صدرت أحكام بالسجن على عدد من المرشحين.
المساهمون