"داعش" في حضرموت يهدد "القاعدة" والسعودية

02 اغسطس 2015
حضرموت باتت مطمعاً للجماعات المسلّحة (فرانس برس)
+ الخط -
أثارت تحركات سرية لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الناشئ أخيراً في محافظة حضرموت شرقي اليمن، مخاوف من اندلاع صراع مستقبلي بين الجماعات المسلّحة تكون ساحته كبرى محافظات الجمهورية، خصوصاً بعدما ظهر التنظيم للمرة الأولى قبل يومين بشكل علني على شاكلة مواكب من السيارات الحاملة لمضادات الطائرات ومختلف أنواع الأسلحة وعليها رايات "داعش" وأقاموا نقطتي تفتيش للسيارات الآتية من المدخل الشرقي للمدينة.

وتعزّز هذه المخاوف سيطرة تنظيم "القاعدة" على مدينة المكلا مركز المحافظة، الأمر الذي يجعل من المحافظة مهيأة لأي صراع مستقبلي، في ظل تشتت أفراد المنطقة العسكرية الثانية بفعل سيطرة "القاعدة" على المدينة وهشاشة موقف المنطقة العسكرية الأولى المؤيدة للشرعية، والتي ترابط في وادي وصحراء حضرموت.

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر عسكرية أن تنظيم "داعش" في حضرموت اتخذ منطقة صحراوية شمال المحافظة بالقرب من الحدود السعودية، مركزاً لتدريب عناصره عسكرياً بعد انضمام مجموعات إلى التنظيم خلال الأشهر الماضية.

وكانت مصادر كشفت في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، أن ما لا يقل عن 10 مجموعات من مسلحي "داعش"، انسحبت قبل أسابيع من شبوة متجهة نحو مدينة المكلا التي يسيطر عليها "القاعدة". لكن المصادر أكدت أنه حتى اللحظة لا يوجد تصادم بين التنظيمين، ولا تزال علاقة الطرفين تحكمها تفاهمات محددة، على الرغم من وضع "القاعدة" لتنظيم "داعش" تحت الرقابة.

قائد المنطقة العسكرية الأولى اللواء عبدالرحمن الحليلي، كشف في حديث صحفي قبل أكثر من شهر، عن رصد تحركات لـ"داعش" في أحد الأودية، لكنه لم يشر إلى أي تحرك أو عمليات عسكرية لضبطه.

وتنظيم "الدولة" في حضرموت لا يزال في طور الإنشاء ويعمل حتى اللحظة سراً ولم يتبنَّ أي عملية عسكرية سوى واحدة راح ضحيتها جندي وحيد في أبريل/نيسان الماضي في مدينة تريم شرقي المحافظة. ويرى سياسيون أن مقتل زعيم تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" ناصر الوحيشي في يونيو/حزيران الماضي، عزّز من حظوظ "داعش" في ظل أنباء عن انضمام عدد من عناصر "القاعدة" إلى تنظيم "الدولة"، الذي كان الوحيشي يرفض وبقوة مبايعة زعيمه أبو بكر البغدادي.

كما يرجّح هؤلاء أن يكون القيادي في "القاعدة" جلال بلعيد قد بايع "داعش"، وخصوصاً أنه اختفى تماماً منذ بداية عمليات "عاصفة الحزم" في مارس/آذار الماضي، بعد أن ظهر العام الماضي في عدد من التسجيلات المصوّرة لـ"القاعدة" وهو يقود عمليات استهدفت معظمها قواعد عسكرية في حضرموت.

اقرأ أيضاً: معركة حضرموت المؤجلة تقترب

ولا يزال موقف قوات المنطقة العسكرية الأولى المناط بها حماية وادي حضرموت في حدود التصريحات ولم ينتقل لمرحلة الفعل، الأمر الذي أفقد ثقة المواطن في أن تتولى هذه القوات حماية المحافظة من تمدّد الجماعات المسلّحة. ويتخوّف أبناء حضرموت من أن تتحوّل المحافظة لساحة صراع بين الجماعات المسلحة، لكن مخاوفهم هذه تُقابل بتجاهل رسمي من السلطات الشرعية. ومحافظة حضرموت باتت مطمعاً لكل الجماعات المسلّحة لما تحظى به من موقع استراتيجي ومخزون نفطي كبير فضلاً عن شريط ساحلي طويل.

من جهة أخرى، سيُشكّل تنظيم "داعش" إذا تمدد في حضرموت تهديداً حقيقياً للسعودية التي تمتلك شريطاً حدودياً طويلاً مع المحافظة. ويبدو أن التنظيم يتهيأ لما بعد انتهاء الحرب الحالية حين تكون جميع الأطراف قد خرجت من حرب منهكة وتتطلع للاستقرار.

ومن المتوقّع أن يتسبب التراخي من قبل السلطات تجاه الجماعات المسلّحة سواء "القاعدة" أو تنظيم "داعش"، في تنامي التنظيمين وتأدية دور محوري في تحديد مستقبل المحافظة. وفيما يقول مراقبون إن تنظيم "داعش" بتناميه البطيء سيبقى بمثابة نار تحت الرماد، وكابوساً يؤرق أبناء حضرموت ما لم تعد هيبة الدولة وتفرض سيطرتها على جميع أراضيها، فإن آخرين وعلى العكس تماماً يرون أن لا وجود لـ "داعش" في اليمن وكل ما تتناقله وسائل الإعلام مجرد دق على وتر المذهبية وعناصر تستخدمهم أطراف محلية وخارجية سياسياً.

اقرأ أيضاً: المكلا.. في انتظار الشرعية اليمنية

المساهمون