سورية: "هيئة التحرير الوطنية" لتوحيد فصائل المعارضة وساستها

18 أكتوبر 2015
التدخل الروسي جعل المعارضة السورية تُدرك أنه يهدد وجودها(الأناضول)
+ الخط -
تلوح في الأفق ملامح ولادة جبهة سورية معارِضة واسعة، تعمل أطراف داعمة للثورة السورية على تمهيد الطريق لخروجها إلى النور، تجمع الفصائل المسلحة الرئيسية، فضلاً عن أبرز تيارات المعارضة المنضوية في الائتلاف السوري. جبهة سيكون اسمها "هيئة التحرير الوطنية"، وتعمل دول مثل قطر على تهيئة الظروف لنجاحها. وتبدو تلك الجهود المستجدة كمحاولة للوقوف في وجه التدخل الروسي المباشر لصالح النظام السوري، فضلاً عن توحيد الرؤية في ما يتعلق بحل سياسي، ما يترجم ما قد يتم تحقيقه من مكاسب على الأرض. وفي خلفيات جهود تأسيس "الهيئة" الجديدة، أن التدخل الروسي أخيراً جعل المعارضة السورية بفصائلها المسلحة وهيئاتها السياسية تدرك أن هذا التدخل قد بدأ يهدد وجودها، ما لم تقم بخطوات جدية تقوم على توحد الفصائل في ما بينها، ضمن جسم عسكري بإدارة مركزية ممثل بهيئة سياسية تنظم عمله، وتشكل معه جسماً متماسكاً وقوياً يستطيع تحقيق انتصارات ميدانية، بموازاة فرض رؤيته بشكل أفضل ضمن أية مفاوضات سياسية.

المحاولة الأكثر جدية هي التي كشف عنها مصدر خاص من المعارضة السورية لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى نية بعض الجهات السياسية السورية وبمشاركة كبرى الفصائل العسكرية المسلحة، تشكيل جسم جديد تحت مسمى "هيئة التحرير الوطنية"، مقرها الأراضي السورية، وتضم عدداً من السياسيين وممثلين عن كل فصيل عسكري، وتضم الفصائل العسكرية كلا من أحرار الشام وجيش الإسلام وفيلق الشام وعددا من الفصائل الكبرى، باستثناء جبهة النصرة. ويشدد المصدر السوري المعارض، على أنه لم يتم تحديد ما هي علاقة المولود الجديد بالائتلاف السوري، "لكنه لن يكون بديلاً له، وسيبقى الائتلاف هو المظلة السياسية للثورة السورية" على حد تعبيره، موضحاً أن مهمة هذا الجسم ستكون "إفشال مخططات روسية وإيران بإعادة تقوية النظام السوري".

وفي هذا السياق، عقد وزير الخارجية القطري خالد العطية سلسلة اجتماعات مع ممثلين عن الفصائل العسكرية وعدد من الشخصيات السياسية في إسطنبول أخيراً، للتفاهم حول طبيعة الجسم الجديد، وآلية عمله ومهامه، ومن بين الشخصيات السياسية المعنية بالمشروع الجديد، رئيس الائتلاف خالد خوجة، وأعضاء الائتلاف مصطفى الصباغ، ورياض حجاب.

اقرأ أيضاً: إيران تؤكد تنظيم مائة ألف سوري في "تشكيلات شعبية"

ويشير المصدر نفسه إلى أن هذا الجسم الجديد يندرج في خانة مواجهة التدخل الروسي والإيراني العسكري، واعتبار هذه المرحلة هي مرحلة تحرير، وخصوصاً أن الائتلاف اعتبر التدخل الروسي "عدواناً سافراً وقوة احتلال". ولا تقتصر الأهداف على ذلك، إذ تسود قناعة لدى القيمين على المشروع تفيد بضرورة توحيد القوى السياسية والعسكرية والثورية، ليكون لها ثقل حقيقي في مفاوضات العملية السياسية، على الرغم من اقتراب الائتلاف والفصائل العسكرية من الإعلان عن تشكيل القيادة العسكرية العليا.

ومن خلال هوية الأطراف العسكرية والسياسية التي اجتمعت لتشكيل هذا الجسم، يمكن توقع أن يكون له ثقله العسكري المتركز في الشمال السوري المحرر من سلطة النظام. كما يبدو أن القوى السياسية التي ستشارك فيه، ستضم من الائتلاف الوطني المعارض كلا من كتلة مجلس رجال الأعمال وكتلة الإخوان المسلمين.

ومن المرجح أن يساهم الدعم القطري لتشكيل هذا الجسم، في إقناع فصائل أخرى بالانضمام إليه، وتشكيل نواة لجيش بإدارة مركزية، وخصوصاً أن حركة أحرار الشام، الفصيل الأكبر الداخل ضمن هذا التشكيل، سبق له أن أعلن عن عزمه إعادة هيكلة فصائله وتحويلها إلى قوة عسكرية منظمة تتمتع بإدارة مركزية.

وكانت محاولات أخرى مدعومة دولياً قد برزت بهدف تشكيل أجسام عسكرية موحدة، لكن بأهداف مختلفة؛ فقد أعلن الأسبوع الماضي عن تشكيل عسكري جديد تحت اسم "قوات سورية الديمقراطية" في شمال شرق البلاد، بدعم أميركي وبهدف تشكيل قوات من المعارضة لمواجهة تنظيم "داعش".

وبحسب بيان تأسيس هذا الجسم العسكري، فإن التشكيل العسكري الجديد يضم "التحالف العربي السوري، وجيش الثوار، وغرفة عمليات بركان الفرات، وقوات الصناديد، وتجمع ألوية الجزيرة"، بالإضافة إلى المجلس العسكري السرياني، ووحدات حماية الشعب الكردية ووحدات حماية المرأة، وهي جميعاً تشكيلات عسكرية متواجدة في شمال شرق سورية، منها ما شكل لمحاربة "داعش" حصراً،  فيما أبرز فصائلها ينسق مع النظام في بعض المناطق، وولاؤه روسي مثلما هو حال "وحدات حماية الشعب" الكردية، وهي تعمل وفق المنظور الأميركي الذي يعتبر أولى الأولويات في سورية هي محاربة تنظيم "الدولة"، فيما ترى معظم القوى المعارضة أن التنظيم هو نتاج لوجود النظام، وترى أن إسقاط النظام وتحقيق انتصار عليه من شأنه أن يسقط التنظيم، الأمر الذي يجعل "هيئة التحرير الوطنية" فيما لو تم التوافق على تشكيلها، الجسم الأكثر قبولاً لدى الحاضنة الشعبية للمعارضة، والأكثر قرباً من التوجه السياسي لقوى الثورة والمعارضة، والأكثر قدرة على تحقيق انتصارات تدفع روسيا للعمل على حل سياسي وفق مقررات جنيف.

اقرأ أيضاً: مساع لدعم التوجه الإيراني في سورية خلال تحضيرات "ميونيخ"