11 عاماً على ثورة يناير: استماتة لمسح الذاكرة واختراع تاريخ جديد

25 يناير 2022
يريد السيسي ألا يفكر أي مصري باستعادة ثورته (كيم بدوي/Getty)
+ الخط -

مع القضاء على كل المنافسين السياسيين، وإحكام السيطرة على أغلب المنصّات الإعلامية، احتكر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحديث والسردية التاريخية الخاصة بثورة 25 يناير/ كانون الأول 2011، في محاولة منه لمسح ذاكرة المصرين بخصوص الحدث، وإنشاء ذاكرة جديدة تربط كلّها الثورة بـ"الخراب والدمار"، حتى لا يفكر أحد في الثورة مجدداً.

وتحدث السيسي عن ثورة يناير أخيراً في "أسبوع الصعيد" في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وقال السيسي: "المفروض يا مصريين ما تنسوهاش أبداً في كل إجراء بتعملوه وفي كل خطوة بتتحركوها ما تنسوش 2011... ليه؟... لأن اللي أنقذكم ربنا.. ربنا وحده اللي أنقذ البلد دي من مصائر الخراب والدمار لأجل خاطر الـ100 مليون والناس البسطاء والغلابة ولحكمة إلهية أنقذها".

وأكد السيسي أيضاً أنه يبني واقعاً جديداً من خلال المشاريع التي تبنتها حكومته. وقال حول ذلك: "أعاهدكم أنا والحكومة إننا نفضل نشتغل لغاية ما نغير الواقع اللي إحنا فيه".

ذكرى ثورة يناير: تسويق لواقع جديد

ورأى قيادي حزبي سابق، أن "حديث السيسي الدائم عن الثورة وربطها بالخراب والدمار فقط، هو محاولة مستميتة منه لفرض سردية جديدة خاصة به". وأضاف المصدر أن السيسي "يذكر الناس بالخراب والدمار، بحسب روايته، وفي الوقت نفسه يبيع لهم واقعاً جديداً مبنياً على مشاريع وإنجازات مزعومة، ضمن الجمهورية الجديدة التي يتحدثون عنها هذه الأيام".

واعتبر المصدر أن الرئيس المصري "يفترض بذلك أن الجماهير سوف تلعن الثورة وتلتحق بالجمهورية الجديدة، متناسياً أن الثورة هي السبب في توليه الحكم".

وقال القيادي الحزبي، الذي كان عضواً في ما كان يسمى بـ"جبهة الإنقاذ" (تكتل سياسي معارض للرئيس الراحل محمد مرسي تشكل في نوفمبر/تشرين الثاني 2012): "نحن من صنعنا 30 يونيو/حزيران (عام 2013، تاريخ التظاهرات التي خرجت ضد حكم مرسي)، ورتبنا كل التفاصيل، وقمنا بالحشد، وكان ذلك اعتقاداً منا أننا نصنع التغيير، ووقتها كان العسكر يعملون مع حكومة الإخوان المسلمين، في الوقت الذي رفضنا فيه العمل معهم".

احتكر السيسي الحديث والسردية التاريخية الخاصة بثورة يناير

وقال المصدر: "نحن من أسسنا جبهة الإنقاذ، ثم بعد ذلك أدخلنا العسكر في المشهد السياسي، وذلك كان خطأً استراتيجياً، لأن ما فعلناه في 30 يونيو جنى ثماره العسكر وحدهم، حيث تم استبعادنا من الصورة، واكتشفنا أن ما حدث كان خطة من العسكر لإطاحة الإخوان وجميع القوى السياسية الأخرى، وأن العسكر انتظروا حتى نفذنا نحن الجزء الأكبر من الخطة وهو الجزء السياسي، والحشد الجماهيري والإعلامي، والآن هم ينسبون الفضل لأنفسهم".

ومع اقتراب الذكرى الـ11 لثورة 25 يناير، صدر كتاب للصحافي ياسر رزق، المقرب من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعنوان "سنوات الخماسين... بين يناير الغضب ويونيو الخلاص"، يتناول الفترة الزمنية الواقعة من يناير 2011 حتى يونيو 2013.
وجاء الإهداء في أولى صفحات الكتاب، والذي يقول "إلى شعب عظيم لا يرضخ لظلم، ولا ينحني لعاصفة، ولا يركع إلا لرب العباد"، متسقاً مع سردية السيسي عما حدث في يناير.

وكان الرئيس المصري قد قال في كلمة له على هامش "منتدى شباب العالم": "السفيرة الأميركية في عام 2011 كانت بتقولي مين اللي ها يحكم مصر؟"، ورديت عليها "اللي ها يحكم مصر الإخوان". وقالت لي "طب وبعدين؟". قلت لها "بعدين ها يمشوا لأن الشعب المصري لا يُقاد بالقوة وما يخشش الجامع والكنيسة بالعافية".

يحاول السيسي إنشاء ذاكرة جديدة لدى المصريين تربط الثورة بـ"الخراب والدمار"

وكتب رزق في مقدمة كتابه إن "هذا الكتاب هو جزء أول من ثلاثية عن الجمهورية الثانية"، مضيفاً أنه "ليست محاولة لكتابة تاريخ، إنما محاولة لقراءة حاضر، علّنا نهتدي بها عند مفارق طرق قد تقابلنا في المستقبل".

وأضاف رزق: "أحاول في هذا الجزء من ثلاثية الجمهورية الثانية، أن أرصد وقائع مرحلة الانتقال الأولى، حين تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة دولة كانت تترنح بفعل رياح ثورة، وعواصف إقليم، ومخططات قوى كبرى، أرادت تغيير خريطة المنطقة بحراب أبنائها".

وكتب: "أقدم شهادتي عن تلك المرحلة الحرجة، التي انتهت بتسليم السلطة إلى رئيس منتخب كانت عصمة أمره بيد جماعة اختزل فيها الشعب، فاقتاد البلاد نحو طريق الهلاك".

وأضاف: "أكتب عن وقائع عشتها، وكنت شاهداً عليها، أثناء عام حكم الإخوان لمصر، وربما أتاحت لي الظروف أن أرقب عن كثب، شرر الغضب الشعبي منذ بدأ يبرق، حتى تحول إلى حريق هائل، قوّض نظام المرشد في ثورة كبرى لم يعرف التاريخ العالمي المعاصر لها مثيلاً".

وتحدث رزق عن أنه يكشف في كتابه "أسرار بطولات رجال، وتفاصيل أدوار شخصيات في ما بين الثورتين، وما بعد ثورة يونيو الكبرى، وأعرض مفارقات أقدار كانت ذروتها حينما خرجت الناس تنادي ببطل شعبی، حاكماً ينقذ البلاد وينهض بالأمة، حتى استجاب البطل لنداء الجماهير، وترشح وفاز وأدى اليمين، ليشرع في مهمته الوطنية مستعيناً بالله والشعب".

المساهمون