مصر: عودة الاحتجاجات العمالية والفئوية وشعارات 25 يناير

25 يناير 2022
جانب من احتجاجات عمالية سابقة (فايد الجزيري/Getty)
+ الخط -

مثلت الاحتجاجات الفئوية والعمالية في مصر حجر الزاوية في اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، إذ شهدت السنوات الخمس السابقة على الثورة نضالاً عمالياً لافتاً، في إطار أوسع من الحراك السياسي ضد نظام حكم الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك، والذي بدد آمال التغيير الديمقراطي إثر تمسكه بالبقاء في السلطة لمدة قاربت الثلاثين عاماً.
وبالتزامن مع الذكرى الحادية عشرة للثورة المصرية، تهب رياح الاحتجاجات من جديد في القطاعين العام والخاص على حد سواء، بعد تنظيم المئات من العاملين وأصحاب المعاشات في مبنى التلفزيون الرسمي (ماسبيرو)، تظاهرات حاشدة على مدار شهر تقريباً، وسط هتافات اعتاد المصريون على ترديدها في الثورة مثل "ارحل" و"مش هانمشي... هو يمشي".

وذلك للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة منذ شهور، لا سيما مع تردي أوضاعهم المعيشية، ومعاناتهم من الغلاء وارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات.
وطالب المحتجون بإقالة رئيس الهيئة الوطنية للإعلام حسين زين، نتيجة عدم صرف الهيئة مستحقاتهم من رصيد الإجازات ومكافأة نهاية الخدمة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2018، من دون اكتراث بمعاناة البعض منهم من أمراض مزمنة وسرطانية، ووجود أبناء لهم في مراحل التعليم المختلفة، ومن ثم عدم قدرتهم على دفع مصاريف الدراسة.
وفي سبيل احتواء تلك الاحتجاجات قبل حلول ذكرى الثورة، خصوصاً مع انتشار أنباء عن بيع مبنى التلفزيون التاريخي، ودخوله ضمن مخطط الحكومة لتطوير منطقة "مثلث ماسبيرو"، أعلن زين عن تواصل الهيئة مع وزارة المالية من أجل إنهاء إجراءات صرف مستحقات العاملين المتأخرة لدى التلفزيون المصري.

وأشار إلى إرسال الهيئة حصراً كافة مستحقات العاملين إلى الوزارة، ومطالبة الأخيرة بصرف هذه المستحقات عن طريق الدفع الإلكتروني، شرط إنهاء العاملين وقفاتهم الاحتجاجية المتواصلة داخل المبنى منذ بداية هذا العام.
كما نظم عمال شركة "يونيفرسال" للأجهزة الكهربائية مسيرة حاشدة داخل مصنع الشركة، في مدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة، للمطالبة بالإفراج عن ثلاثة من زملائهم ألقي القبض عليهم من منازلهم في سبتمبر/ أيلول الماضي (أخلي سبيلهم لاحقاً)، إثر مداهمتها من ضباط في جهاز "الأمن الوطني"، بسبب مشاركتهم في إضراب عن العمل، احتجاجاً على سياسة الإدارة في صرف الأجور على مرتين شهرياً.
وهتف المحتجون أمام أبواب مصنع الشركة: "اللي يأكل قوتي... يبقي ناوي على موتي"، و"مجدي بيه يا مجدي بيه.. العمال عملوا لك إيه"، في إشارة إلى تعسف رئيس مجلس إدارة الشركة مجدي قطب ضد العمال. وأعلن عمال الشركة البالغ عددهم 3165 عاملاً الإضراب عن العمل لحين صرف مستحقاتهم المالية المتأخرة متضمنة رواتبهم كاملة، والحوافز المقررة لهم منذ 5 أشهر.
كذلك أعلن المئات من عمال شركة "لورد إنترناشونال" في المنطقة الحرة بمدينة الإسكندرية الإضراب عن العمل، احتجاجاً على تجاهل إدارة الشركة لمطالبهم، ورفض التفاوض حولها، وأبرزها وضع حد أدنى للأجور لا يقل عن 2400 جنيه شهرياً (نحو 152 دولاراً تقريباً)، إذ يبلغ متوسط أجور العمال الذين أمضوا عشر سنوات في العمل نحو 2000 جنيه فقط.
من جهتها، رصدت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، وهي منظمة مجتمع مدني مصرية أعلنت عن وقف نشاطها أخيراً بسبب "الاضطهاد والتضييق الأمني" على العاملين بها، نحو 206 احتجاجات عمالية ومجتمعية في مصر خلال عام 2021، من بينها 21 احتجاجاً في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وشملت الاحتجاجات العمالية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي وقفة احتجاجية للعاملين في المراكز الثقافية، بسبب رفض رئيسة دار الكتاب إقرار اللائحة المالية الجديدة، وتقدم عدد من العاملين في الشهر العقاري بشكوى جماعية ضد الوحدة الحسابية في مدينة الأقصر للمتضررين من طريقة تحرير الرواتب، ووجود مغالطات كبيرة فيها.
أما شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، فقد شهد 32 احتجاجاً، وفقاً للشبكة، معظمها يعود إلى غياب دور المجلس المحلي في الأحياء والقرى، وانعدام الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي، على خلاف ما يروج له نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي من "إنجازات مزعومة" في هذه القطاعات تحديداً، تحت مسمى "الجمهورية الجديدة".
وكان إضراب العمال في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية عام 2008 هو أول مسمار في نعش نظام مبارك، والذين خرجوا للمطالبة بإسقاط النظام خرجوا بعفوية بعيداً عن النخب السياسية (آنذاك)، باعتبار أن الطبقة العاملة هي وقود الثورات دائماً، ولطالما وقفت في طليعة النضال الوطني ضد الأنظمة الاستبدادية المتعاقبة على حكم مصر.
وتعكس الاحتجاجات الفئوية والعمالية في الفترة الأخيرة حالة الغضب المتصاعد لدى المصريين ضد السيسي، بسبب تردي منظومة الأجور في الحكومة والقطاع الخاص معاً، وعدم تناسبها مع الارتفاعات المستمرة في الأسعار، في وقت يركز فيه الرئيس المصري على بناء المدن والمنتجعات الجديدة الخاصة بالأغنياء، وتوجيه الجانب الأكبر من مخصصات الموازنة العامة للدولة لبناء الطرق والجسور الرابطة في ما بينها، وفق مراقبين.

المساهمون