وصلت طائرة تقل أسرى من جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، اليوم السبت، إلى مطار صنعاء قادمة من مطار أبها في السعودية، فيما ينتظر أن تستقبل المملكة بعد ذلك طائرة تقلّ سجناء سعوديين، في ثاني أيام عملية واسعة لتبادل أسرى في اليمن.
وتجرى العملية، التي بدأت الجمعة وتستمر حتى الأحد، في خضم جهود دبلوماسية واسعة عزّزت الآمال في إنهاء النزاع اليمني بين الحكومة التي يدعمها تحالف عسكري بقيادة السعودية والحوثيين المقرّبين من إيران.
وقالت مستشارة الإعلام لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر جيسيكا موسان لوكالة "فرانس برس": "أقلعت أول طائرة من أبها (جنوب السعودية) إلى صنعاء وعلى متنها 120 محتجزا سابقا".
وهذه الرحلة الأولى من بين ثلاث رحلات مقررة السبت بين السعودية واليمن، إذ ستحمل الرحلة الثانية 16 سجينا سعوديا وثلاثة أسرى سودانيين من صنعاء إلى الرياض، بحسب الحكومة اليمنية، فيما ستنقل آخر الرحلات 117 سجينا حوثيا من أبها إلى صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون.
وتأتي عملية تبادل الأسرى تنفيذاً للاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين الحكومة اليمنية والحوثيين في المحادثات التي اختتمت يوم 20 مارس/ آذار الماضي في العاصمة السويسرية برن، وينص على تبادل أكثر من 880 أسيراً. وبموجب الاتفاق، يُفرج الحوثيون عن 181 أسيرًا، بينهم سعوديون وسودانيون، في مقابل 706 معتقلين لدى القوات الحكومية.
وفي أول أيام التبادل الجمعة، نُقل 318 سجينًا في أربع رحلات جوية بين عدن في الجنوب وهي مقر الحكومة، والعاصمة، بواسطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
ومن بين هؤلاء وزير الدفاع السابق اللواء الركن محمود الصبيحي واللواء الركن ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، الذي توجه في وقت لاحق إلى الرياض حيث يقيم شقيقه.
وقبل إقلاع رحلة السبت، نقل السجناء في ثلاث حافلات على الأقل إلى مدرج مطار أبها، الذي تعرّض في السابق لهجمات من قبل الحوثيين بطائرات مسيّرة، ووضعت كراسي متحركة بالقرب من الحافلات قبل بدء نقل السجناء إلى الطائرة، بحسب مصور وكالة "فرانس برس".
وإضافة إلى الرحلات بين السعودية واليمن، ستسيّر اللجنة الدولية للصليب الأحمر السبت ثلاث رحلات أخرى بين المخا (غرب اليمن) الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية وصنعاء، لنقل 100 سجين من الحوثيين.
ويقول محللون إنه بعد ثماني سنوات من عمليات التحالف لإسقاط الحوثيين، أدرك السعوديون أن هذا الهدف لن يتحقق، وباتوا يتطلعون إلى إنهاء انخراطهم العسكري في اليمن.
وتلقت استراتيجية الخروج السعودية الشهر الماضي دعما جراء الاتفاق بوساطة صينية على استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران، ما قد يعني إعادة تشكيل المشهد السياسي للشرق الأوسط نظرا لانخراط الدولتين في نزاعات المنطقة وبينها اليمن.
كذلك، تضغط السعودية من أجل عودة سورية إلى جامعة الدول العربية بعد أكثر من عقد من تعليق عضويتها على خلفية قمع النظام الحركات الاحتجاجية. وقد استضافت، الجمعة، وزراء ودبلوماسيين من دول الخليج وثلاثة بلدان عربية في جدة لإجراء محادثات حول سورية، ثم أصدرت بيانًا سلط الضوء على "أهمية وجود دور قيادي عربي" لإنهاء الأزمة.
في اليمن، زار وفد سعودي صنعاء الأحد الماضي لإجراء محادثات تمحورت حول إحياء الهدنة وإرساء الأسس لوقف إطلاق نار أكثر استدامة. وغادر الوفد برئاسة السفير محمد الجابر مساء الخميس باتفاق على إجراء مزيد من المحادثات، وفقا لمصادر الحوثيين والحكومة اليمنية.
وقال مسؤول حوثي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه كان هناك "اتفاق مبدئي على هدنة" قد يجرى الإعلان عنها لاحقا، فيما وصف كبير مفاوضي الحوثيين محمد عبد السلام المحادثات بأنها "جادة وإيجابية".
ويُعتقد أن الرياض طلبت ضمانات أمنية من الإيرانيين، بما في ذلك وقف هجمات الحوثيين بالطائرات المسيّرة والصواريخ على الأراضي السعودية.
ومع ذلك، حتى لو تمكّنت المملكة من التفاوض على مخرج من الحرب، فقد يندلع القتال مرة أخرى بين الفصائل اليمنية المختلفة داخل اليمن.
وقالت مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد "تشاتام هاوس"، سانام وكيل، لوكالة "فرانس برس": "تكافح السعودية لتقليص مشاركتها العسكرية في اليمن (...) وتسعى إلى سلام دائم طويل الأمد يسمح لها بالتركيز على أولوياتها الاقتصادية".
وأضافت: "لكن على الرغم من هدفها هذا، فإنها ستكون الوسيط والمستثمر والضامن للصراع في اليمن لفترة طويلة".
(فرانس برس، العربي الجديد)