وساطة محلية تُنجز صفقة تبادل للأسرى بين الحوثيين والحكومة اليمنية

29 سبتمبر 2021
أسفرت صفقة التبادل عن إطلاق نحو 200 أسير لدى طرفي الصراع في اليمن (فيسبوك)
+ الخط -

حققت الوساطات المحلية في اليمن، الأربعاء، اختراقاً جديداً في الملف الإنساني المتعثر منذ أكثر من عام، وذلك بعد نجاحها في إبرام أكبر عملية تبادل أسرى بين الجيش اليمني وجماعة الحوثيين في محافظة تعز، جنوب غربي البلاد، بالتزامن مع معارك طاحنة بين الجانبين في الأطراف الجنوبية لمحافظة مأرب.  

وشهدت مديرية سامع، جنوبي محافظة تعز، تبادل نحو 200 أسير ومعتقل لدى طرفي النزاع اليمني، في أكبر عملية منذ صفقة التبادل التي جرت برعاية الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتم بموجبها تبادل 1056 أسيراً.  

وحسب محور تعز العسكري، تم بموجب الصفقة الجديدة الإفراج عن 70 مقاتلاً حوثياً كانوا في سجون القوات الحكومية، فيما أفرجت جماعة الحوثيين عن 136 معتقلاً ومختطفاً. 

ووصف محور تعز، في بيان صحافي وصل إلى "العربي الجديد"، الصفقة التي أبرمها بعيداً عن اللجان الحكومية في لجنة شؤون الأسرى بـ "المجحفة بالنسبة للمؤسسة العسكرية"، نظراً لأن المُفرج عنهم من سجون الحوثيين مدنيون، وتم اختطافهم من الشوارع وحواجز التفتيش. 

ولم يصدر أي تعليق من الوفد الحكومي المفاوض في لجنة شؤون الأسرى، كما أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تكن على علم بالعملية، وفقاً لمصدر تحدث لـ"العربي الجديد".

وخلافاً للأرقام التي أوردها محور تعز العسكري، كشف كبير المفاوضين الحوثيين في ملف الأسرى، عبد القادر المرتضى، أن جماعته أفرجت عن 113 أسيراً من الجانب الحكومي، أي أقل بـ 23 اسماً من الرقم الذي أورده الجيش الوطني، لافتاً إلى أنهم استعادوا من القوات الحكومية 68 أسيراً.  

وقوبلت العملية بردود فعل متفاوتة، ففي حين برّر محور تعز رعايته للصفقة التي تمت بعيداً عن الجانب الحكومي بأن الهدف منها هو "تخفيف معاناة المدنيين والانتصار للقيم الوطنية"، قال ناشطون وخبراء إنها تعيد إحياء الأمل في قدرة اليمنيين على تحقيق السلام دون الحاجة للوساطات الخارجية متى ما صدقت النوايا.

وشملت الصفقة إفراج الحوثيين عن الناشط السياسي حمزة الجبيحي، نجل الصحافي اليمني يحيى الجبيحي، الذي كانت جماعة الحوثيين حكمت عليه بالإعدام قبل أن تتراجع عن ذلك وتفرج عنه، فيما احتفظت بنجله في سجونها لأكثر من 5 سنوات.  

وقال مصدر حقوقي واكب عملية التبادل لـ"العربي الجديد" إن بعض المختطفين المُفرج عنهم من سجون الحوثيين ظهروا بحالة صحية ونفسية مزرية، فيما بدا العشرات بحالة طبيعية.  

وأشار المصدر إلى أن الشهادات الأولية التي تم الاستماع لها من المفرج عنهم، كشفت تعرضهم لتعذيب نفسي وجسدي في المدينة السكنية الواقعة في منطقة الحوبان والتي قامت جماعة الحوثيين بتحويلها إلى معتقل.  

ولا يزال هناك آلاف المعتقلين والأسرى في سجون أطراف النزاع اليمني، وخصوصاً جماعة الحوثيين، التي تُتهم باختطاف المدنيين من الشوارع بهدف مقايضتهم بعسكريين أثناء عمليات التبادل. 

وكان العام الماضي قد شهد أكبر عمليات تبادل للأسرى بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين، منذ بدء الحرب، حيث نجحت الوساطة الأممية في إبرام صفقة تبادل 1056 أسيراً، فيما نجحت وساطات قبلية محلية بتبادل أكثر من 800 أسير، إلا أن التصعيد العسكري خلال العام الجاري انعكس بشكل سلبي على الملف الإنساني.  

ترحيب حكومي

في السياق، رحبت الحكومة اليمنية بعملية التبادل التي قامت بين القوات الحكومية وجماعة الحوثيين، وذلك على لسان وكيل وزارة حقوق الإنسان وعضو الوفد التفاوضي في ملف الأسرى، ماجد فضائل.

وقال فضائل لـ"العربي الجديد": "أي خطوة تؤدي إلى الإفراج عن مختطفين وأسرى هي مرحّب بها (..) ونرحب أيضا بأي جهود تفضي إلى إخراج الأسرى والمختطفين من قبضة وتسلط مليشيا الحوثي الانقلابية".

وأشار المسؤول اليمني إلى أن كافة عمليات التبادل في جبهة تعز منذ بدء الحرب تتم عبر وساطات محلية، ولم تدخل في عمليات التفاوض التي يقوم بها الوفد الحكومي برعاية الأمم المتحدة، باسثناء الجبهة الشرقية للمدينة والتي لازالت المشاورات جارية حولها حتى الآن.

على الصعيد العسكري، تصاعدت حدة المعارك في الأطراف الجنوبية لمحافظة مأرب، إثر هجمات مكثفة لجماعة الحوثيين على معاقل القوات الحكومية في الحدود الإدارية لمديريتي الجوبة وحريب.  

وقال مصدر عسكري في القوات الحكومية لـ"العربي الجديد" إن جماعة الحوثيين دفعت بتعزيزات مكثفة صوب مديرية الجوبة، في محاولة منها لتحقيق اختراقات جديدة صوب مركز مدينة مأرب، لكنه تم التصدي لها.  

وبخصوص الوضع العسكري في مديرية العبدية، أكد المصدر أن القوات الحكومية المرابطة هناك ما زالت تحت حصار خانق منذ أكثر من أسبوع، لكن جماعة الحوثيين فشلت في اقتحامها حتى مساء الأربعاء.  

وأشار المصدر إلى أن المعارك الضارية أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى، دون الكشف عن رقم محدد، لكن مصادر إعلامية تحدثت عن 100 قتيل خلال الساعات الماضية، أغلبهم من جماعة الحوثيين.  

سياسياً، أرجع رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك، الانهيار الاقتصادي الحاصل في مدن جنوبي البلاد، إلى "حالة الاضطراب السياسي" والحرب الاقتصادية التي تشنها جماعة الحوثيين، وذلك في أول ظهور علني غداة عودته إلى عدن، بعد 6 أشهر من الغياب الإجباري.  

وفي إشارة إلى ضرورة وقف تدخلات المجلس الانتقالي، المدعوم إماراتياً، في عمل مؤسسات الدولة وخصوصا البنك المركزي، شدد رئيس الحكومة اليمنية على المسؤولية التكاملية، وأشار إلى أنه " لا يمكن ضبط الاقتصاد إلا بأدوات الدولة".

في الأثناء، رحبت السفارة الأميركية لدى اليمن بعودة رئيس الحكومة اليمنية إلى عدن، وحثت جميع الأطراف على العمل معاً من أجل استعادة السلام والاستقرار وتلبية احتياجات الشعب، وفقاً لبيان منسوب للقائمة بأعمال السفير، كاثي ويستلي، على تويتر.