هل يطيح التدخّل في سورية بكوربين من رئاسة "العمال"؟

30 نوفمبر 2015
كوربين يعارض توجيه بريطانيا ضربات لـ"داعش" في سورية(كارل كورت/Getty)
+ الخط -

احتدم النقاش في الأوساط السياسية البريطانية منذ الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، الخميس الماضي أمام مجلس العموم، وقدّم فيه رؤيته حول أهمية توسيع المشاركة الجوية البريطانية في العراق إلى الأجواء السورية، مؤكداً أن ضرب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية، من شأنه أن يوقف الإرهاب في بريطانيا، مضيفاً أنه "على بريطانيا المخاطرة بشن الغارات الجوية على داعش في عقر داره للتقليل من خطر التنظيم". وفي محاولة لإقناع أعضاء مجلس العموم لمنحه التفويض المطلوب لتوسيع العمليات الجوية البريطانية إلى الأجواء السورية، حذر رئيس الحكومة البريطانية من التهديد الذي يشكّله "داعش" على المملكة المتحدة، مطالباً بعدم "ترك مهمة حماية أمن بريطانيا للآخرين".

خطاب كاميرون وما تضمنه أشعل ناراً كانت خامدة تحت الجمر داخل حزب العمال البريطاني، منذ سبتمبر/أيلول الماضي، يوم وصل النائب اليساري المُخضرم جيرمي كوربين إلى زعامة الحزب، مُنتصراً على ثلاثة مرشحين كانوا يمثلون تيارات أقل يسارية داخل الحزب. فقد وجد خصوم كاميرون من التيار "البليري" (نسبة لطوني بلير) المعارض ليسارية كوربين، في مسألة تأييد أو رفض التدخل العسكري في سورية، فرصة لإثارة الشكوك بإمكانية استمرار كوربين في زعامة الحزب، لا سيما أن مواقفه الشخصية لا تتوافق مع توجهات العديد من نواب الحزب. وبالفعل، فقد كشفت مصادر صحفية عن أن قيادات عليا في الحزب وعدداً من نواب الحزب في مجلس العموم قد شرعوا في أخذ المشورة القانونية بشأن كيفية الإطاحة بكوربين من قيادة الحزب، ولا سيما بعد معارضة كوربين للضربات الجوية البريطانية ضد مواقع "داعش" في سورية، ومخالفته بذلك رأي حوالي 100 نائب من الحزب عبّروا صراحة عن نيتهم تأييد أي مشروع قرار تطرحه الحكومة للحصول على تفويض بهذا الشأن.

وفي حين يرى المتابعون في الأزمة الراهنة، صفحة أخرى من أزمات حزب العمال التي لم تتوقف منذ شهرين، فإن آخرين استبعدوا أن يتمكن خصوم كوربين من الإطاحة به، ورجّحوا أن يُفوّت كوربين على خصومه فرصة انتهاز أو استغلال الخلاف حول توسيع العمليات الجوية البريطانية إلى الأجواء السورية، لتعميق الانقسامات داخل الحزب، أو الانقضاض على زعامته الشرعية، بعد أن يترك للنواب حرية التصويت حسب قناعاتهم، حتى وإن خالفت رؤيته الشخصية، والحصول على دعم قواعد الحزب الشعبية التي تبدو أكثر ميلاً إلى معارضة مشاركة بريطانيا في القصف الجوي على سورية، أو التدخّل البري في الصراع مع "داعش".

اقرأ أيضاً: انقسام في حزب العمال البريطاني حول التدخل في سورية

الحليف المُخلص لكوربين، والمتحدث باسم الشؤون المالية لحزب العمال البريطاني، جون مكدونيل، رجّح أن يسمح كوربين لنواب الحزب بالتصويت على خطة كاميرون، لتوسيع الضربات الجوية البريطانية إلى سورية، حسب قناعاتهم الشخصية. وقال مكدونيل لتلفزيون "بي.بي.سي": "في هذا النوع من قضايا الضمير من الأفضل السماح للنواب أن يتخذوا قراراتهم بأنفسهم". واستبعد أن يُؤدي الاختلاف في وجهات النظر بشأن مسألة التدخل في سورية إلى انقسام الحزب، قائلاً: "لطالما ناضلنا من أجل أن يتمكّن الناس من التعبير عن وجهات نظرنا بصدق، وعلينا الآن الاعتياد على ذلك". وبعد أن عبّر عن تأييده فكرة إعطاء نواب حزب العمال الحرية للتصويت حسب قناعاتهم الشخصية، قال ماكدونيل إن "الخطأ الرهيب" في الحرب على العراق كان جزئياً بسبب إجبار النواب وتهديدهم للتصويت لصالح قرار الحرب، خلافاً لما يؤمنون به. وأضاف ماكدونيل: "لا أعتقد أن هذا مقبول، هناك بعض القضايا، مثل الذهاب إلى الحرب، التي ينبغي أن تكون فوق السياسة الحزبية، ويكون فيها الضمير الأخلاقي فوق الاعتبارات الحزبية كذلك".

ومع أن كاميرون لم يُحدد في خطاب الأسبوع الماضي أي موعد لتقديم مشروع قرار لمجلس العموم حول توجيه ضربات جوية في سورية، بل شدد على أن ذلك لن يتم قبل ضمان الحصول على الأغلبية البرلمانية اللازمة لصالح التفويض المطلوب، فإن الأوساط الإعلامية والبرلمانية تُرجح عودة كاميرون يوم الخميس المُقبل إلى مجلس العموم لطلب التصويت، لاسيما أن أكثر من 300 نائب من الأحزاب الرئيسية في مجلس العموم أعلنوا منذ الخميس الماضي تأييدهم لكاميرون واستعدادهم للتصويت لصالح توسيع عمليات سلاح الجو البريطاني من العراق إلى الأجواء السورية.

لكن في مقابل ذلك، قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، إن بريطانيا ليست متأكدة من إجراء تصويت في البرلمان بشأن القيام بعمل عسكري ضد "داعش" في سورية لأن الأمر سيصبح "صعباً" إذا أمر كوربين أعضاء حزبه في البرلمان بالاعتراض على ذلك. وأمل فالون، في مقابلة نشرتها صحيفة "صنداي تلغراف" أمس الأحد، أن يدرس النواب من كل الأحزاب الحجج بشأن هذه القضية.

اقرأ أيضاً: كاميرون... خطوة أخرى للأمام نحو سورية