منطاد صيني ثانٍ يحلّق فوق أميركا اللاتينية ومسؤول صيني يبحث مع بلينكن "معالجة الحوادث العرضية"

04 فبراير 2023
وانغ أبلغ بلينكن أن على الطرفين التواصل في الوقت المناسب (Getty)
+ الخط -

​أعلن البنتاغون الجمعة أن "منطاد تجسس صينياً ثانياً" يحلّق فوق أميركا اللاتينية، بعد رصد منطاد أول في أجواء الولايات المتحدة في اليوم السابق، فيما قالت وزارة الخارجية الصينية، اليوم السبت، إن مدير اللجنة المركزية للشؤون الخارجية الصينية، وانغ يي، تحدث إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عبر الهاتف مساء الجمعة، وناقش معه كيفية معالجة الحوادث العرضية بطريقة هادئة ومهنية.

وقالت الوزارة، في بيان، إن وانغ أبلغ بلينكن أن على الطرفين التواصل في الوقت المناسب وتجنب أي سوء تقدير.

وقال المتحدث باسم البنتاغون بات رايدر، في بيان: "نحن على علم بتقارير عن منطاد يحلّق فوق أميركا اللاتينية. نعتبر أن الأمر يتعلق بمنطاد تجسس صيني آخَر"، من دون أن يحدد موقعه بدقة.

وفي اتصال مع وانغ يي، قال بلينكن إنّه "أخذ علماً بمشاعر الأسف التي أعربت عنها الصين، لكنّه أشار إلى أنّ هذا عمل غير مسؤول، وانتهاك واضح لسيادة الولايات المتحدة والقانون الدولي، يقوّض الغرض من الرحلة"، وفق الخارجية الأميركية.

وشدد على أن الولايات المتحدة تأمل "إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة" مع بكين، مشيراً إلى أنه قد يتمكن من زيارة بكين مجدداً "حين تسنح الظروف".

وقال مسؤول أميركي رفيع إن حادثة المنطاد "كانت لتحُدّ بشكل خطير من برنامج المحادثات، إذا ما بقيت زيارة بلينكن لبكين في موعدها".

وعلّق بلينكن زيارته للصين، بعدما كانت مقررة الأسبوع المقبل، في الوقت الذي لا يزال فيه منطاد صيني يحلّق على ارتفاعات عالية في الأجواء الأميركية،

وجولة بلينكن كانت ستشكل الزيارة الأولى لوزير خارجية أميركي للصين منذ 2018. وكان هدفها تخفيف التوتر بين الولايات المتحدة والعملاق الآسيوي الذي تعتبره واشنطن منافسها الرئيسي في العالم.

وكان بلينكن قد أشار الشهر الماضي إلى أن الزيارة ترمي إلى منع تحوّل التوتر في العلاقات إلى نزاع مفتوح.

واغتنمت المعارضة الجمهورية هذه الواقعة للتنديد بسياسة اليد الممدودة التي تنتهجها إدارة بايدن تجاه بكين، حسب قولها.

وجاء في تغريدة للسناتور المتشدد توم كوتون الذي كان قد حضّ بلينكن على إلغاء الزيارة أن "الرئيس بايدن يجب أن يتوقّف عن التساهل مع الشيوعيين الصينيين ومهادنتهم. أسقِطوا المنطاد فوراً، واستغلوا تقنياته"، مشيراً إلى أنه قد يشكل كسباً استخبارياً كبيراً.

وفي منشور على موقعه للتواصل الاجتماعي "تروث"، كتب الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب: "أسقِطوا هذا المنطاد!".

وكان البنتاغون قد أعلن الخميس أنّه يتعقّب تحرّكات "منطاد تجسّس" صيني يحلّق على ارتفاع شاهق فوق الولايات المتحدة، ويشمل ذلك مناطق تضمّ مواقع عسكرية حسّاسة.

وبناءً على طلب بايدن، بحث البنتاغون في إمكان إسقاط المنطاد، لكنّه قرّر في نهاية المطاف عدم فعل ذلك بسبب المخاطر التي يشكّلها تساقط الحطام على الناس، بحسب مسؤول دفاعي كبير.

وأضاف المسؤول: "نتخذ خطوات لحماية أنفسنا في مواجهة عملية جمع معلومات حساسة"، مشدداً على "القيمة المحدودة للمنطاد لناحية جمع معلومات استخبارية".

وتابع: "اعتبرنا أنّ المنطاد كبير بما يكفي ليسبب الحطام أضراراً" إذا أسقِط في منطقة مأهولة. 

حادث ثانٍ

وبحسب وسائل إعلام أميركية، حلّق المنطاد فوق جزر ألوشيان في شمال المحيط الهادئ، ثم مرّ عبر الأجواء الكندية قبل أن يدخل الأجواء الأميركية قبل يومين.

من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الكندية أنّ "الكنديين في أمان، وكندا تتّخذ التدابير لضمان أمن مجالها الجوي، بما يشمل تتبّع حادث ثانٍ محتمل".

ولم تذكر كندا الصين. وأضافت الوزارة: "وكالات الاستخبارات الكندية تعمل مع شركائها الأميركيين وتواصل اتخاذ كلّ التدابير اللازمة لحماية كندا من تهديدات تجسّس أجنبي".

وقال مسؤول دفاعي أميركي: "واضح أنّ القصد من هذا المنطاد هو المراقبة، ومساره الحالي يقوده فوق عدد من المواقع الحساسة"، خصوصاً قواعد جوية ومخازن صواريخ استراتيجية في ولاية مونتانا في شمال غرب الولايات المتحدة.

وأشار المسؤول إلى أن المنطاد دخل المجال الجوي الأميركي "قبل أيام عدة"، مضيفاً أن الاستخبارات الأميركية كانت تتعقبه قبل ذلك بفترة طويلة، وأن هذه ليست أول مرة يرصد الجيش الأميركي خرقاً مماثلاً، لكن هذه المرة بقي المنطاد في المجال الجوي للولايات المتحدة فترة أطول.

وعند تبلغه بالأمر، طلب بايدن على الفور من وزير دفاعه لويد أوستن الذي كان في الفيليبين الأربعاء، أن يقدّم له خيارات، ثم أجرى الأخير مناقشات مع قادة الجيش في البنتاغون. وطبقاً للمسؤول نفسه، اقتربت طائرات مقاتلة من المنطاد فوق مونتانا.

عمل مزعزع للاستقرار

وأثارت واشنطن القضية مع السلطات الصينية. وقال المسؤول الأميركي: "أبلغناهم بخطورة الواقعة. أوضحنا لهم أننا سنفعل كل ما هو ضروري لحماية شعبنا على أراضينا".

واستنكر رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي مساء الخميس "العمل المزعزع للاستقرار" الذي تقوم به الصين و"يتجاهل بلا خجل سيادة الولايات المتحدة".

ودعا مكارثي بايدن إلى "عدم التزام الصمت"، مطالباً الإدارة بإبلاغ أعضاء الكونغرس بتفاصيل ما يحصل.

وفي بيان مشترك قال البرلماني الجمهوري مايك غالاغر وزميله الديمقراطي وراجا كريشنامورثي اللذان يرأسان لجنة برلمانية حول الصين إنّ "هذا الانتهاك للسيادة الأميركية قبل أيام فقط من زيارة وزير الخارجية بلينكن للصين، يُظهر أنّ الدلائل الأخيرة على الانفتاح" من جانب بكين "لا تعكس تغييراً حقيقياً في السياسة" الصينية.

بكين: السياسيون الأميركيون استخدموا حادثة المنطاد "ذريعة لتشويه صورة الصين"

وقالت الخارجية الصينية إن تحليق "منطاد" صيني فوق الولايات المتحدة كان جراء أسباب قاهرة، متهمة السياسيين ووسائل الإعلام الأميركية باستغلال الوضع لتشويه سمعة الصين.

وقالت الوزارة إنّ الحفاظ على قنوات الاتّصال على كلّ المستويات أمر مهمّ "خصوصاً في التعامل بطريقة هادئة وموثوقة مع بعض المواقف غير المتوقّعة".

وكانت الصين قد أصدرت في وقتٍ سابق بياناً نادراً عبّرت فيه عن الأسف، وألقت باللوم على الرياح في دفع ما وصفته بأنّه منطاد مدنيّ إلى المجال الجوّي الأميركي.

(فرانس برس، رويترز)​

المساهمون