يقاطع عدد من الأعضاء المستقلين في"المجلس المركزي"، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، جلسته الثلاثين، المنوي عقدها مساء غد الأحد، في رام الله، في ظل خلاف في الساحة الفلسطينية حول الدعوة للجلسة وأهدافها وجدول أعمالها، وفي ظل مقاطعة من كل من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" و"المبادرة الوطنية الفلسطينية" للجلسة، وخلافات داخل "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" وحزب "الشعب" الفلسطيني حول المشاركة.
وفيما أرسل كل من أحمد جميل عزم، وفيحاء عبد الهادي، ومحسن أبو رمضان، اليوم السبت، رسالة مشتركة موجّهة إلى رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون، للاعتذار عن الجلسة، أعلن كل من حسن خريشة وإحسان سالم عن المقاطعة خلال مؤتمر صحافي، أما جورج جقمان فأكد، لـ"العربي الجديد"، أنه لن يحضر، وأنه كان استقال من المجلس قبل توجيه الدعوة إلى حضور الجلسة بأيام.
كما أعلنت العضو السابق للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حنان عشراوي، عن مقاطعة الجلسة عبر نشرها رسالة الاعتذار عن عدم الحضور على "تويتر". وعشراوي كانت استقالت من اللجنة التنفيذية عام 2020.
رسالتي إلى رئاسة المجلس المركزي حول اعتذاري عن حضور جلسة المجلس ٦-٧ شباط ٢٠٢٢. pic.twitter.com/ifweITnAAl
— Hanan Ashrawi (@DrHananAshrawi) February 5, 2022
وقالت المستشارة البحثية والشاعرة والمحاضرة عضوة المجلس، فيحاء عبد الهادي، لـ"العربي الجديد": "إنها اتخذت قراراً شخصياً بالاعتذار عن الجلسة، لكنه أيضاً بالتشاور مع مستقلين آخرين"، مؤكدة وجود محاولة لأخذ موقف جماعي ما أمكن.
وتابعت عبد الهادي "نحن كلنا مجموعة المستقلين نحرص على منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ومن باب هذا الحرص نريد المشاركة في مجلس غير خلافي، وهذه الجلسة بالذات خلافية، وحتى اللحظة هناك قوى سياسية لم تعلن بعد قرارها، نفضل كمستقلين أن نشارك في جلسة فيها توافق وليس خلاف، هذه نقطة مهمة من زاوية الوحدة الوطنية والجانب الوحدوي".
وأكدت عبد الهادي على الزاوية القانونية، معتبرة أنها "جوهرية"، حيث أدرج في جدول أعمال الجلسة انتخاب رئيس المجلس الوطني، ورئيس مجلس إدارة الصندوق القومي، وملء الشواغر في اللجنة التنفيذية للمنظمة، بينما ينص النظام الداخلي على الانتخاب المباشر من أعضاء المجلس الوطني.
وتابعت عبد الهادي: "صحيح أنّ كل أعضاء المجلس المركزي هم أعضاء في المجلس الوطني، ولكن أين البقية؟ لماذا يحرمون من انتخاب ممثليهم في اللجنة التنفيذية ورئاسة المجلس الوطني؟".
وأضافت عبد الهادي: "لدي مشكلة دائمة، بأنه يجب نقاش بنود جدول الأعمال، ويجب أن يشارك أعضاء المجلس قبل اتخاذ القرارات وقبل البيان الختامي، لكن في الحقيقة وخلال الجلسة السابقة، من قام بالنقاش هم سبعة من أعضاء اللجنة التنفيذية، ورئيس المجلس الوطني، ولم يسمح سوى لشخصين أو ثلاثة بالحديث من أصل أكثر من مائة شخص حضروا، وأنا كنت ضمن 29 شخصاً طلبنا التحدث ولم يسمح لنا، شعرت أنني سأذهب وأكرر نفسي وأنا لا أريد أن أكرر المكرر".
وتابعت عبد الهادي، "أرى أنه من غير المعقول أن أعود وأسأل الأسئلة ذاتها التي سألتها بعد الجلسة السابقة، فهي أسئلة ما تزال مطروحة، كنت أريد أن أسأل: لماذا لم تنفذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، وهذا حق أعضاء المجلس، أن تتم متابعة قراراتهم".
بدوره، قال المحاضر في جامعة بيرزيت، جورج جقمان، لـ"العربي الجديد"، إنه لن يحضر الجلسة، مشيراً إلى موقف سابق له منذ اقتراح اسمه لعضوية المجلس قبل الجلسة الأخيرة في عام 2018، من دون استشارته، حيث لم يحضر الجلسة، وقدم استقالته، حيث أرسل نص الاستقالة إلى رئيس المجلس الوطني، قبل أن يتصل به شخص من المجلس المركزي لدعوته لجلسة غد الأحد.
تداخل الصلاحيات وقرارات تتعارض مع الأنظمة والقوانين
وقال جقمان "صحيح أنّ موقفي ليس حديثاً، ولكن هناك أمور مستجدة، عملياً التوجه الآن أن يحل المجلس المركزي محل المجلس الوطني، وكذلك مكان المجلس التشريعي، وليس من الواضح إن كانت ستجرى انتخابات للمجلسين التشريعي والوطني، والمجلس الوطني سيتخذ القرارات، هذا كله يتعارض مع الأنظمة الداخلية وأنظمة المنظمة، بما في ذلك القرار السابق بأن المجلس الوطني يفوّض صلاحياته للمجلس المركزي، هذا أيضا غير قانوني".
أما النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي المنحلّ، حسن خريشة، وإحسان سالم عن "قوات الصاعقة"، فأعلنا بوصفهما عضوين في المجلس المركزي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع عضو المجلس الوطني، تيسير الزبري، اليوم السبت، عن مقاطعة الجلسة.
وقال سالم إنّ "انعقاد المجلس بشكله الحالي تكريس للانقسام وشطب للأسس القانونية والشرعية وغياب الإجماع الوطني، وأنه كان من الأجدر تنفيذ القرارات العديدة التي رحّب بها الشعب الفلسطيني من المجلسين الوطني والمركزي، لأنها كفيلة بإنهاء الانقسام، في إشارة إلى قرار تحديد العلاقات مع الاحتلال".
أما خريشة فقد طالب بعقد انتخابات المجلس الوطني الذي بدوره ينتخب لجنة تنفيذية جديدة للمنظمة، وهي بدورها تنتخب رئيساً للمنظمة، وبذلك يدخل الجميع في المنظمة وينتهي الانقسام، وطالب بالتراجع عن قرار إلغاء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني والذهاب لحوار جدي.
أسباب المقاطعة
وتظهر الرسالة التي وجهها عزم وعبد الهادي وأبو رمضان، عدة أسباب لمقاطعة الجلسة أهمها، على المستوى السياسي، عدم تنفيذ قرارات المجلسين المركزيين، في 2015 و2018، وقرارات المجلس الوطني في 2018، وعدم الالتزام بمناقشة جميع بنود جدول الاجتماع لجلسات المجلس المركزي السابقة، مثل جلسة المجلس المركزي التي عقدت في عام 2018، حيث تمّ تجاهل بند مراجعة التجربة، ضمن جدول الأعمال المعلن، وجاء في الرسالة أن من أسباب المقاطعة عدم الالتزام باحترام وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، ومؤسساتها، وأن جلسة المجلس خلافية.
ومن الناحية التنظيمية، رأت الرسالة أنه قد تم تجاهُل النظام الداخلي للمجلس الوطني، وأهمها تعدّي المجلس المركزي على صلاحيات المجلس الوطني، مما يهدِّد بإلغاء الدور الأساسي الهام للمجلس الوطني، وعدم تسلّم تقارير تفصيلية من دوائر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قبل الاجتماع، وتضمين جدول الأعمال عقد انتخابات لعضوية اللجنة التنفيذية ورئاسة المجلس الوطني، ورئيس الصندوق القومي الفلسطيني، رغم أن هذه من صلاحيات المجلس الوطني وحده، ومصادرة حقّ بقية أعضاء المجلس الوطني بالترشّح لانتخابات اللجنة التنفيذية، ولهيئة رئاسة المجلس الوطني، باعتبار أنّ "انتخابات أعضاء المكتب سرية وفردية بالنسبة إلى الجميع"، كما جاء في المادة 4 من النظام الداخلي للمجلس الوطني الفلسطيني.