استمع إلى الملخص
- اتخذ قرار التحرك في شمال غزة دون نقاش معمق، بهدف الضغط على السكان للانتقال إلى الساحل، مما يمهد لحصار وتجويع رغم اعتراضات قانونية ودولية.
- يرى دبلوماسيون أن نتنياهو يسعى لتمديد الحرب لتحقيق مكاسب سياسية، مما يعقد الوضع الإنساني والأمني ويعرض حياة المحتجزين للخطر.
يقدّر مسؤولون كبار في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي لا تضغط باتجاه إبرام صفقة مع حركة حماس تعيد المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، بل إنها تخلّت عنهم، وإن المسؤولين في المستوى السياسي يدفعون من أجل ضم أجزاء كبيرة من قطاع غزة، بدلاً من إنهاء الحرب وإعادة المحتجزين.
وأوضحت صحيفة هآرتس، التي أفردت تقريراً في الموضوع بعددها اليوم الأحد، أن كبار المسؤولين يقولون في المحادثات المغلقة إن فرصة التوصّل إلى صفقة تبدو الآن ضئيلة، ومنذ توقّف المفاوضات حول الصفقة، لم تكن هناك محادثات إسرائيلية في هذا الموضوع مع أطراف دولية. بالإضافة إلى ذلك، لم يُجرَ أي نقاش من قبل المستوى السياسي مع كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية بشأن وضع المحتجزين منذ ذلك الحين.
ويقول قادة ميدانيون في جيش الاحتلال، تحدّثوا لصحيفة "هآرتس" من دون أن تسمّيهم، إن قرار التحرك للعمل في شمال قطاع غزة اتُّخذ من دون نقاش معمّق، ويبدو أن الخطوة كانت تهدف بالأساس إلى الضغط على سكان غزة الذين يتعين عليهم الانتقال مرة أخرى من المنطقة (التي يوجدون فيها)، إلى المنطقة الساحلية، مع اقتراب فصل الشتاء.
قرار التحرك للعمل في شمال قطاع غزة، اتّخذ دون نقاش متعمّق
وبحسب مصادر الصحيفة، ليس من المستبعد أن ما يُنفَّذ الآن يمهد الطريق لاتخاذ قرار من قبل المستوى السياسي بتجهيز شمال قطاع غزة لتنفيذ خطة الحصار والتجويع التي وضعها اللواء في الاحتياط غيورا آيلاند (خطة الجنرالات)، وبموجبها يُخلى جميع سكان شمال قطاع غزة إلى مناطق إنسانية في جنوب القطاع، بينما أولئك الذين يختارون البقاء في الشمال سيُعتبرون ناشطين في حركة حماس، وسيكون بالإمكان المساس بهم. وفيما سيحصل سكان جنوب قطاع غزة على مساعدات إنسانية وفق الخطة الإسرائيلية، سيُجوَّع سكان الشمال إذا قرروا البقاء هناك.
وأوضح كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية، الذين طُلب منهم الرد على الخطة التي قدمها آيلاند، أنها لا تتوافق مع القانون الدولي، وأن فرص دعم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الخطة ضئيلة للغاية، بل إنها ستضر بالشرعية الدولية لاستمرار الحرب على غزة.
واستعد جيش الاحتلال لعملية برية واسعة النطاق في شمال قطاع غزة بعد فشل الاتصالات المتعلّقة بالصفقة، بذريعة الضغط على "حماس" للعودة إلى طاولة المفاوضات، رغم أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، هو من أفشل فعلياً جهود الصفقة مرة تلو الأخرى بإضافة شروط جديدة، وتقرر في نهاية المطاف نقل ثقل القتال إلى الحدود الشمالية (حدود لبنان الجنوبية). وفي المقابل، طُلب من الفرقة 162، التي بقيت في جنوب القطاع، الاستعداد لمداهمة واسعة النطاق في جباليا شماليّ القطاع، رغم عدم وجود معلومات استخبارية تبرر ذلك، وفق ما ذكرته الصحيفة العبرية.
وقالت إنه لم يكن هناك إجماع بين كبار مسؤولي المؤسسة الأمنية على ضرورة هذه الخطوة، وإن مسؤولين في جيش الاحتلال وجهاز الأمن العام "الشاباك" يرون أنّها قد تعرّض حياة المحتجزين للخطر.
دبلوماسي إسرائيلي سابق: نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب
وفي السياق، قال القنصل العام الإسرائيلي السابق في نيويورك ألون بينكاس لشبكة سي أن أن، إن نتنياهو "لا يريد إنهاء الحرب"، وإن العمليات العسكرية الإسرائيلية المتزايدة في غزة ولبنان، والرد الوشيك على الهجوم الصاروخي الإيراني "شهادة على حاجة نتنياهو إلى البقاء السياسي". وتابع بينكاس الذي كان يتحدث من تل أبيب: "لقد أراد تمديد الحرب وإطالة أمدها من أجل خلق أجواء حربية مهمة ومفيدة له سياسياً". ومضى قائلاً: "لا أرى أنه سيُنهي الحرب"، مستشهداً برفض نتنياهو المتكرر لخطط الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن غزة بعد الحرب، ورفضه التوصل إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار مقابل المحتجزين.
وأضاف: "لم يعد يذكر الرهائن، لا يزال هناك 100 رهينة في غزة". ويرى الدبلوماسي السابق أن وقف إطلاق النار في غزة فقط، من شأنه أن يؤدي إلى خفض التصعيد في لبنان، ولكن نتنياهو "رفض بشكل مشروع، ولكن خاطئ رؤية هذا المنطق".
وأوضح مسؤولون في جيش الاحتلال، خلال الأسابيع الأخيرة، أن العملية البرية في قطاع غزة تعرّض حياة المحتجزين للخطر، خصوصاً لدى اقتراب القوات من أماكن احتجازهم، مشيرين إلى واقعة العثور على جثث ستة منهم نهاية أغسطس/آب الماضي، وتخوفهم من احتمال قتلهم من قبل محتجزيهم في هذه الحالة. وذكرت المصادر التي تحدّثت إلى "هآرتس" أن الجنود الذين دخلوا جباليا لم يواجهوا مقاومين وجهاً لوجه، وأن من دفع العملية قدماً هو قائد المنطقة الجنوبية في الجيش اللواء يارون فينكلمان عشية مرور عام على الحرب.
وتزعم تقديرات مسؤولين في مخابرات الاحتلال، أوردتها "هآرتس"، وجود حوالى أربعة آلاف من سكان غزة في شمال القطاع، تعتبرهم نشطاء في حماس حتى قبل الحرب، وعددهم أكبر في جنوب القطاع. وتشير التقديرات إلى أنه على الرغم من تضرر لواء رفح، وأنه لم يعد موجوداً بصورة إطار عسكري، فقد غادر العديد من المسلحين منطقة القتال قبل دخول قوات الجيش الإسرائيلي. وتزعم المصادر نفسها أيضاً وجود نشطاء إضافيين من "حماس" يعملون من مخيمات وسط القطاع، حيث لم ينفّذ جيش الاحتلال عمليات بعد، وفق الادّعاء الإسرائيلي.
وترى دولة الاحتلال أن حركة حماس تسيطر على المجالات المدنية كافة في قطاع غزة. وأثارت المؤسسة الأمنية أمام المستوى السياسي ضرورة وجود مسؤولية دولية عن القطاع، لكن المستوى السياسي يرفض حتى الآن جميع المقترحات التي طرحها كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية.