متظاهرون يقتحمون القصر الرئاسي في عدن: رسالة جديدة من الانفصاليين للشرعية

16 مارس 2021
أطلق أفراد الحراسة أعيرة نارية في الهواء لتفريق المتظاهرين (نبيل حسن/فرانس برس)
+ الخط -

اقتحم متظاهرون مدنيون وعسكريون موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، اليوم الثلاثاء، قصر معاشيق الرئاسي في عدن جنوبي اليمن، تحت لافتة المطالبة بتحسين الخدمات المتدهورة وصرف المرتبات، في أول رسالة تحدٍّ من الانفصاليين للشرعية تهدّد بانهيار اتفاق الرياض.

ورفع المتظاهرون أعلام المجلس الانتقالي، كما رددوا هتافات ضد الحكومة التي يشارك فيها الانفصاليون بخمس حقائب، وطالبوا برحيل التحالف الذي تقوده السعودية.

وكانت بيانات منسوبة للمتظاهرين، قد رفعت عدة مطالب بعضها تعجيزية، تسوية استحقاقات العسكريين من الرتب والعلاوات منذ ثماني سنوات، وإعادة المتقاعدين إلى الخدمة، وإلغاء الزيادة المفروضة على المشتقات النفطية, وتوفير خدمات الكهرباء والمياه وغاز الطبخ.  

وأفاد مصدر حكومي، "العربي الجديد"، بأنّ المجاميع تمكنت من اقتحام كلّ الحواجز الأمنية المؤدية إلى قصر معاشيق، ووصلت إلى أعلى التلة الجبلية التي يقع عليها القصر، فيما أطلق أفراد الحراسة عدة أعيرة نارية في الهواء لتفريق المتظاهرين.

وأكد المصدر أن 3 من وزراء الحكومة، بالإضافة إلى رئيس الوزراء معين عبد الملك، لم يغادروا القصر الرئاسي، فيما نقل متظاهرون لقطات مباشرة لزوارق بحرية وعليها قوات من الحراسة السعودية تغادر عبر البحر صوب مقر قوات التحالف بالبريقة.

وقال المصدر إنّ باقي الوزراء كانوا يقطنون خارج القصر الرئاسي ولم يصلوا بعد لمزاولة أعمالهم، كون المتظاهرين سبقوهم قبل بدء الدوام الرسمي لهم الذي كان مقرّراً في الحادية عشرة صباحاً بتوقيت مكة.

وأشار المصدر إلى أنّ المتظاهرين انسحبوا بعد وصول قادة عسكريين وسياسيين من المجلس الانتقالي الجنوبي للتفاهم معهم، وعلى رأسهم عبدالناصر الوالي وزير الخدمة في الحكومة، وقادة في قوات الحزام الأمني، ومدير شرطة عدن، مطهر الشعيبي.

 وفي وقت لاحق، أكدت مصادر حكومية يمنية، أن ما حدث في عدن كان هجوماً وتمرداً مسلحاً مكتمل الأركان ولا علاقة له بالتظاهر السلمي، رغم الاعتراف بوجود قصور في الخدمات داخل مدينة عدن وخصوصا الكهرباء.  
وقال مصدر لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة من وصولها إلى عدن في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تم استقبالها بهجوم انتحاري أسفر عن أكثر من 28 قتيلاً و100 جريح، وبعد ذلك عشرات المحاولات لاستهداف قصر معاشيق بطائرات مسيرة وإطلاق نيران، في مسعى من بعض الأطراف لإجبارها على مغادرة العاصمة المؤقتة لكنها فشلت.  
وأكد المصدر، أن الحكومة التي صمدت بعد هجوم المطار الدامي، ستواصل مهامها من عدن، ولن تغادر تحت أي ظروف.  
وبخصوص الخرق الأمني الكبير وتجاوز المتظاهرين عددا من البوابات والحواجز الأمنية، قال المصدر، إن ما حدث يكشف الهدف الرئيسي من عرقلة اتفاق الرياض، ومنع دخول الحماية الرئاسية من أبين إلى عدن، لافتاً إلى أن جميع الحواجز الأمنية تخضع لحراسة قوات من الانتقالي وما يسمى بحماية المنشآت، فضلاً عن وجود مدرعات سعودية أمام مقر رئيس الحكومة الذي لم يصل اليه المتظاهرون اليوم.  

واتهم وكيل وزارة الإعلام بالحكومة اليمنية محمد قيزان وناشطون، المجلس الانتقالي الجنوبي بتوجيه التظاهرات لاقتحام القصر الرئاسي، وهو ما يضع اتفاق الرياض على المحك.

وسبق للمجلس الانتقالي اقتحام قصر معاشيق الرئاسي، في أغسطس/آب 2019، وهو ما أدى إلى مغادرتها عدن وتوقيع اتفاق الرياض الذي أفضى إلى حكومة محاصصة شارك فيها الانفصاليون للمرة الأولى في حكومة شرعية بخمس حقائب.

تهديد بقلب الطاولة  
من جهته، هدّد المجلس الانتقالي، بقلب الطاولة، وإصدار البيان رقم 1، في إشارة للانقلاب على اتفاق الرياض الذي ترعاه السعودية بينهم وبين حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي. 
واعتبر القيادي البارز في المجلس الانتقالي، أحمد سعيد بن بريك، ما حدث في سيئون وعدن بأنه "جزء من مجموعة خطط ستمتد أيضاً إلى محافظتي أبين ولحج". 
وقال بن بريك في تغريدة على "تويتر"، "الخطة (ج) أبين ولحج اليوم وغداً سنقلب الطاولة ولا مجال للمراوغة والبيان رقم (1) من ساحة التحرير بخور مكسر سيكون بعد فترة وجيزة". 

في حين، أشار القيادي في المجلس الانتقالي، سالم ثابت العولقي، إلى تسهيل الحراسات دخول المتظاهرين إلى قصر معاشيق، عندما قال إن "الشعب والجيش والأمن صف واحد ويجمعهم رغيف الخبز".  
وذكر العولقي في تغريدة على تويتر، أن ما سماها بـ" سياسات التجويع وحرب الخدمات وقطع الرواتب لن تنجح في تطويع أبناء الجنوب وتركيعهم بل ستكون وبالاً على من يستخدم هذه السياسات".

وكانت قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتياً قد لمّحت عشية التظاهرة إلى ما وصفتها بـ" ثورة ستقتلع الكل" في مدن جنوب اليمن.

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي اليمني مصطفى ناجي، في تغريدة عبر "تويتر"، أن الاختلالات التي ارتكبت في تنفيذ اتفاق الرياض، وعدم الالتزام بخطوات الاتفاق وخصوصاً الأمنية والعسكرية، "ستقود حتماً إلى وضع كهذا".

وحمّل ناجي السعودية كامل مسؤولية الوضع في عدن، لافتاً إلى أن الحكومة "مجردة من أي دعم مالي، وتتعرض لتآكل الدعم السياسي من السعودية".

وتشهد المحافظات الخاضعة للحكومة الشرعية تدهوراً حاداً في الخدمات الأساسية، وانهياراً غير مسبوق للعملة المحلية، بعد أن تخطى سعر الصرف حاجز الـ900 ريال أمام الدولار الواحد.

وعجزت حكومة المناصفة التي وصلت إلى عدن على وقع هجومٍ دامٍ، في 30 ديسمبر/كانون الأول، عن كبح التدهور الاقتصادي. والأسبوع الماضي أطلقت نداء استغاثة للسعودية لتقديم وديعة جديدة للبنك ومنحة مشتقات نفطية، لكن طلبها لم ينفّذ.

المساهمون