مع بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، اتخذت الحكومة الألمانية منعطفاً في السياسة الخارجية والدفاعية، وأنشأت صندوقاً خاصاً لدعم الجيش الألماني بمبلغ إضافي قدره 100 مليار يورو لزيادة الإنفاق العسكري وتجهيز الجيش مجددا، ليكون أكثر فعالية وحداثة من أجل أمن وحماية ألمانيا. وفي ضوء تهديدات الكرملين والتخوف من تصعيد عالمي، أُعلن عن توجه ألماني لشراء منظومة "القبة الحديدية" الإسرائيلية المخصصة لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، كما يتم النظر في شراء النظام الإسرائيلي "حيتس 3"، القادر على تدمير الصواريخ بعيدة المدى.
هذا المعطى، أكد عليه المستشار أولاف شولتز في مقابلة مساء الأحد، مبيناً أن ألمانيا تدرس إقامة درع دفاع صاروخي على أساس النموذج الإسرائيلي لصد التهديدات المختلفة وأنظمة الأسلحة التي تمتلكها روسيا، قائلًا: "بات علينا جميعاً الاستعداد لحقيقة أن لدينا حالياً جاراً مستعداً لاستخدام العنف لفرض مصالحه، ولهذا السبب يتعيّن علينا العمل معا بقوة حتى لا يحدث ذلك"، من دون أن يعلّق على تفاصيل الخطة التي يتم مناقشتها، والتي تلقى اعتراضاً سياسياً من قبل بعض الأحزاب، وفي مقدمتها "المسيحي الديمقراطي".
نظام الدفاع الإسرائيلي ضعيف أمام الأسلحة الروسية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت
وانتقد خبير الشؤون الخارجية في البوندستاغ، رودريش كيزيفتر فيه، الأمر، وشدد، في حديث مع شبكة التحرير الألمانية، يوم الاثنين، على أن "الشراء سيكون متسرعاً، فعمليات التسليح الأخرى ضرورية للغاية"، محذراً من أنه سيتم استخدام الموارد بمليارات اليوروات بشكل غير صحيح في نظام دفاعي صاروخي.
ولفت إلى أن "نظام الدفاع الإسرائيلي ضعيف أمام الأسلحة الروسية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت. وإذا كان هناك درع صاروخي فوق ألمانيا، فربما يفترض المرء أنه سيتم مواجهتنا من جميع أنحاء بولندا".
كذلك، دعا كيزيفتر، الحكومة الاتحادية، إلى إجراء تحليل متزن أولا للتهديدات المتنوعة التي تتعرض لها ألمانيا بالفعل، قائلاً: "بدلاً من دفع المليارات على القبة الحديدية، يجب أن نوفر للقوات المسلحة الألمانية والدفاع المدني موارد مالية أفضل؛ ومن حيث المبدأ المطلوب درع وقائي أقوى على الحدود الخارجية للناتو".
ووفق ما تشير التقارير نقلاً عن دوائر أمنية، فإن النظام الصاروخي الإسرائيلي، وإذا ما تم اعتماده، سيكون جاهزاً للعمل في وقت مبكر من عام 2025، وسيصار بعدها لإنشاء أنظمة رادار صاروخية من نوع "سوبرغرينه باين" في ثلاثة مواقع في ألمانيا، والتي سترسل بياناتها إلى مركز القيادة. وفي حالة الطوارئ ستطلق إحدى منصات الإطلاق الموزعة في جميع أنحاء ألمانيا صاروخ "حيتس 3" الذي سيدمر أي صاروخ مهاجم.
وبيّنت صحيفة "بيلد" أن أجهزة الرادار قوية، لدرجة أن الدرع الواقي يمكن أن يغطي أيضا بولندا أو رومانيا أو دول البلطيق، وهذا ما سيساهم في أن تلعب ألمانيا دورا رئيسيا في أمن أوروبا.
وعن وضعية الجيش الألماني بعد سنوات من التقشف، أبرزت مجموعة "فونكه" الإعلامية أن ألمانيا كانت قادرة دائماً على تلبية طلبات "الناتو" من خلال جمع العتاد من جميع وحداتها، إذ تمتلك 900 دبابة قتال رئيسية، إلى جانب 250 دبابة اشترتها أخيراً من الولايات المتحدة الأميركية، فيما هناك أنظمة أسلحة رئيسية تعمل فقط بثلاثة أرباع قدراتها، و60% من طائرات "الهيليكوبتر" غير قادرة حاليا على الطيران والغواصات لا يمكنها الإبحار، إلى التأخير في الحصول على مركبة المشاة القتالية من طراز "بوما" بسبب العيوب المستمرة التي ينبغي أن تكتمل حتى عام 2030، وعمليات الإنتاج التي تستغرق أحيانا عقودا، مشيرة إلى أن الحكومة قررت أخيرا "شراء 35 طائرة مقاتلة من طراز "أف 35" لتأمين مشاركة ألمانيا في الحلف، واستبدال جزء من أسطول طائرات "تورنادو" التي عفا عليها الزمن.