ما الذي قد تنتهي إليه رئاسة ترامب بعد تزايد العزلة عليه؟

22 ديسمبر 2020
انفض عن ترامب أركانه وحلفاؤه الأقوياء في الإدارة والكونغرس (Getty)
+ الخط -

في غضون أسبوع، تقلصت جبهة الرئيس الأميركي دونالد ترامب السياسية في واشنطن إلى شبه هيكل عظمي، بعد أن انفض عنه أركانه وحلفاؤه الأقوياء في الإدارة والكونغرس

بسرعة انفرطوا من حوله ليبقى لوحده مع لفيف ضيق من المؤيدين، مساعدين ومحامين وإعلاميين. تماديه في الإصرار على نقض الانتخابات وبطرق تلامس عصب النظام، دق ناقوس الخطر وحمل حتى الجمهوريين، خاصة في مجلس الشيوخ، على الانفصال عن الرئيس والعمل على إحباط سعيه هذا قبل فوات الأوان، ثم جاء انكشاف قضية الاختراق السيبراني الروسي حسب التقديرات، لمواقع عدة مؤسسات ووكالات أميركية، وسكوت ترامب عليها، ليوسّع من دائرة الارتياب تجاه الرئيس، لاسيما بعد أن تولى البيت الأبيض ما يشبه الدفاع عن موسكو في هذا الموضوع، ومحاولته لصقه بالصين.

وقد انضم الإثنين وزير العدل المستقيل وليام بار إلى وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي وجه أمس إصبع الاتهام صراحة إلى موسكو على أنها الجهة التي قامت بالاختراق الواسع الذي أثار ضجة كبيرة ومخاوف أكبر في واشنطن، خاصة لجهة استمراره منذ مارس/ آذار الماضي من دون اكتشاف آثاره.

تمادي ترامب في الإصرار على نقض الانتخابات وبطرق تلامس عصب النظام، دق ناقوس الخطر وحمل حتى الجمهوريين، خاصة في مجلس الشيوخ، على الانفصال عن الرئيس والعمل على إحباط سعيه هذا قبل فوات الأوان

السيناريوهات التي توالت تسريباتها من البيت الأبيض طوال عطلة نهاية الأسبوع، والتي لم تتوقف بعد، أخذت على محمل الجد، ولو أنه من الصعب تصور ترجمتها. فإعلان حالة الطوارئ التي طرحها مستشار الرئيس السابق للأمن القومي الجنرال مايكل فلين، لإعادة إجراء الانتخابات في ولايات معينة، أقرب إلى التخيّل منها إلى الواقع، فهي تقفز فوق القانون والدستور، وتتطلب الاستعانة بقوات كبيرة، وفي ذلك مجازفة خطيرة لناحية ردود الفعل المتوقعة، وما قد تؤدي إليه من فوضى عارمة. 

وكذلك الأمر بالنسبة لما تردد عن محاولة وضع اليد على ماكينات التصويت في هذه الولايات، بزعم فحصها للتأكد مما إذا كانت مزودة ببرامج تسهّل عملية التلاعب بالأصوات وتزويرها. 

وثمة خيار آخر يقضي بتعيين محقق خاص للنظر في "المخالفات" الانتخابية التي حصلت. وكلها إما متعذر إجراؤها أو سبق وعرضت على القضاء الذي ردها لانتفاء الأدلة. 

ومع ذلك، سارعت الجهات المعنية إلى الاستباق الأشبه بالردع للحيلولة دون الذهاب فيها إلى حدود التنفيذ. الناطق العسكري شدد على أن "القوات المسلحة لا تتدخل في موضوع الانتخابات". 

كلام كان سبق لرئيس هيئة الأركان الجنرال مارك ميلي أن كرره مرتين خلال الصيف الماضي، وذلك في رسالة واضحة إلى البيت الأبيض لحذف التعويل على العسكر في أي محاولة للانقلاب على نتائج الانتخابات. كما حاول اليوم وزير العدل بار قطع الطريق على تعيين محقق خاص لموضوع الانتخابات، "لأنه لا داعي له". 

لكن الرسالة الأقوى صدرت عن قيادة الجمهوريين في مجلس الشيوخ، والتي شددت، وبلا لبس، على أن جو بايدن هو الرئيس الذي سيؤدي القسم يوم 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، كما قال السناتور جون بارّاسو، الرجل رقم 3 في كتلة الجمهوريين في مجلس الشيوخ. 

وكان سبق لزعيم الأغلبية السيناتور ميتش ماكونيل أن اعترف قبل أيام بفوز بايدن. 

والآن تدور معركة نفوذ بين السيناتور والرئيس حول تصويت الكونغرس في السادس من يناير/ كانون الثاني للتصديق على النتيجة التي رسا عليها المجمع الانتخابي لصالح بايدن. 

البيت الأبيض بحاجة إلى سيناتور واحد يبدي اعتراضه على هذه النتيجة ليثير بانضمامه إلى النواب الموالين للرئيس تعقيدات تعرقل استكمال موافقة الكونغرس على الخطوة الدستورية الأخيرة التي طالما كانت شكلية إلى حد أنها لم تكن تحظى بالمتابعة. 

ومع أنه من المستبعد أن تحول هذه المناورة دون تصديق الكونغرس، إلا أن لعبتها تزيد من علامات الاستفهام حول شرعية رئاسة بايدن لدى خصومه.

المجهول والخوف توأمان في أميركا هذه الأيام. بدلاً من الحديث عن حصيلة العام المنصرم ومراجعة أهم أحداثه ومحطاته، فضلاً عن محاولات استقراء ملامح وأجواء العام القادم، ينحصر الاهتمام في متابعة مجزرة كورونا، ولو في ظل حملة التلقيح؛ كما في قراءة الإشارات المضطربة الصادرة عن البيت الأبيض لمعرفة ما الذي قد تنتهي إليه رئاسة ترامب.

المساهمون