يعقد حزب المحافظين البريطاني بزعامة ريشي سوناك، والذي يشهد تراجعاً كبيراً في استطلاعات الرأي، مؤتمراً في مانشستر اعتباراً من الأحد، على أمل التوصل إلى حل لتحويل دفّة الأمور، وتجنّب الهزيمة في الانتخابات المقبلة.
ومنذ أشهر، توقّعت استطلاعات الرأي تحوّلاً في البلاد نحو اليسار، مع تقدّم حزب العمّال بنحو عشرين نقطة في ضوء الانتخابات المتوقّعة العام المقبل.
لكن في مانشستر، يعتزم ريشي سوناك إظهار أنّ المحافظين، بعد 13 عاماً على وجودهم في السلطة، لا يزالون يتمتّعون بالمصداقية "لتغيير الأمور في الاتجاه الصحيح وعلى المدى الطويل"، حسبما أكد لشبكة "بي بي سي" الأحد.
وقال: "هذا يعني القيام بالأمور بشكل مختلف، واتخاذ القرارات التي من شأنها أن تحدث فرقاً في حياة الناس، حتى لو تعرّضت لانتقادات بسبب ذلك".
ويعدّ ذلك تغيراً في لهجة رئيس الحكومة البالغ من العمر 43 عاماً والذي وصل إلى داونينغ ستريت قبل أقل من عام بقليل، عبر الإعلان عن سعيه لتحقيق الاستقرار في الوضع الاقتصادي الصعب الذي طغت عليه أزمة تكاليف المعيشة، وذلك بعد الولاية الفوضوية والقصيرة الأمد لليز تراس، وبعد الأعوام التي أمضاها بوريس جونسون في رئاسة الحكومة، والذي اضطرّ إلى الاستقالة بسبب فضائح، بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
سيتحدّث سوناك في منتصف نهار الأربعاء، بعد الشخصيات البارزة في الحكومة، بما في ذلك وزراء الدفاع غرانت شابس، والخارجية جيمس كليفرلي، والداخلية سويلا برافرمان.
من جهة أخرى، يواجه سوناك المدافع عن السياسات التقليدية في ما يتعلق بالميزانية، ضغوطاً ضمن صفوفه، بينما ستمثل الضرائب 37 في المئة من الدخل القومي، وهو مستوى لم تشهده البلاد منذ فترة ما بعد الحرب، بحلول الانتخابات المقبلة، أي بزيادة قدرها 3500 جنيه إسترليني (4000 يورو) لكلّ أسرة مقارنة بنهاية عام 2019، وفق معهد الدراسات المالية.
وتدعو مجموعة من البرلمانيين البارزين، بمن فيهم رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، إلى "تخفيف عبء الضرائب"، في حين أعلن وزير الإسكان والمجتمعات المحلية مايكل غوف، الأحد، أنه يأمل في رؤية تخفيض للضرائب "قبل الانتخابات المقبلة".
وردّ رئيس الوزراء عبر "بي بي سي" مسلّطاً الضوء على جهوده لإبطاء التضخم، الذي وصل إلى 6,7 في المئة في أغسطس/ آب، واصفاً الأمر بأنه "أفضل تخفيض ضريبي"، خصوصاً للأسر ذات الدخل المنخفض.
كسب الناخبين
في شهر يناير/ كانون الثاني، حدد سوناك خمس أولويات، بدءاً من الاقتصاد وحتى مكافحة الهجرة غير الشرعية والصحة، والتي أصبحت مواضيع رئيسية لحملة الانتخابات التشريعية المقبلة، تماماً مثل البيئة.
وفي الآونة الأخيرة، حاول ريشي سوناك (43 عاماً)، كسب الناخبين المحافظين وسائقي السيارات على وجه التحديد. وكشف الجمعة عن خطة لمنع ما أسماها الإجراءات "المناهضة للسيارات" التي تتخذها بعض البلديات، مثل إنشاء مناطق تقتصر فيها السرعة على 30 كيلومتراً في الساعة.
كذلك، قام سوناك أخيراً بتخفيف بعض الأهداف البيئية، مع التأكّد من أنّ ذلك لن يمنع البلاد بأيّ حال من الأحوال من تحقيق هدفها المتمثل في الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ويأتي هذا التراجع الذي استنكرته المعارضة ومنظمات حماية البيئة على نطاق واسع، والذي يؤجّل بشكل ملحوظ نهاية السيارات الحرارية الجديدة حتى عام 2035، في أعقاب انتصار غير متوقع تقريباً للمحافظين خلال الانتخابات التشريعية الجزئية في غرب لندن.
وجرى تفسير هذه النتيجة على أنها رفض واسع لتوسيع رسوم الازدحام على المركبات الأكثر تلويثاً، لتشمل لندن الكبرى بأكملها، وهو الإجراء الرئيسي الذي اتخذه رئيس البلدية التابع لحزب العمّال صادق خان.
وفي مانشستر، إلى حيث سيتوجّه "على الأرجح بالسيارة"، بسبب إضراب في شبكة السكك الحديدية، سيجري التركيز عليه بشدّة، بسبب النية المنسوبة إليه المتمثلة في الرغبة في قطع مشروع الخط الثاني للقطار فائق السرعة في البلاد بين المدينة الشمالية الكبيرة ومدينة برمنغهام.
منذ الانتخابات البرلمانية في ديسمبر/ كانون الأول 2019، حين فاز المحافظون بقيادة بوريس جونسون بغالبية غير مسبوقة منذ مارغريت تاتشر، تضاءل تقدّمهم تدريجياً في العديد من الانتخابات الفرعية. ومن المتوقع إجراء ثلاث عمليات اقتراع أخرى في الأسابيع المقبلة.
ورغم أنّ حزب العمال يتمتع بتقدّم بأكثر من 20 نقطة في نوايا التصويت منذ عدّة أشهر، فإنّ استطلاعاً للرأي أجرته مؤسسة "أوبينيوم" ونُشر الأحد، أشار إلى أنّ الفجوة تضيق حيث تفصل الآن عشر نقاط بين الحزبين.
ويمتلك حزب المحافظين حالياً 352 مقعداً من أصل 650 في مجلس العموم، متقدماً على حزب العمّال (196 مقعداً).
(فرانس برس)