"اليوم الأول" لرئاسة دونالد ترامب... ديكتاتورية خدمة لأجندة "أميركا أولاً"

13 نوفمبر 2024
دونالد ترامب في فلوريدا، 6 نوفمبر الحالي (شيب سوموديفيلا/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- توجهات سياسية وأمنية: يخطط ترامب لاستخدام الأوامر التنفيذية لترحيل المهاجرين غير النظاميين، إغلاق الحدود، وإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية عبر طرد آلاف الموظفين المعارضين له، مع إلغاء سياسات بايدن في التعليم والبيئة وزيادة استخراج الوقود الأحفوري.

- سياسات اقتصادية وتجارية: يسعى لفرض ضرائب جديدة على البضائع المستوردة، خاصة من الصين، وتقليص العجز الفيدرالي، مع تهديد بفرض تعرفة جمركية على المكسيك لحماية الأمن القومي والاقتصاد الأميركي.

- تفكيك الدولة العميقة والعفو: يعتزم تفكيك "الدولة العميقة" وطرد الموظفين الفيدراليين، مع دراسة إصدار عفو عن المدانين بأحداث اقتحام الكونغرس، مما يعكس رغبته في تعزيز سيطرته وتصفية الحسابات السياسية.

لم ينتظر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد، طويلاً، لاختيار الفريق الذي سيرافقه لأربعة أعوام مقبلة في البيت الأبيض، منذ إعلان فوزه بالرئاسة بمواجهة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي. وبينما تتجه الأنظار في العادة إلى استطلاع المائة يوم الأولى من عهد أي رئيس جديد في البيت الأبيض، على اعتبار أنها أساسية في فهم توجهاته والمتغيرات التي طرأت على السياسة الأميركية في عهده، يكتسب اليوم الأول أيضاً أهمية، لجهة ما يريد أي رئيس منتخب إبرازه من تباين أو قطيعة يسعى إليها سريعاً مع سلفه. وفي حالة ترامب، يكتسب اليوم الأول أهمية مضاعفة، لا سيما أنه يعتمد خصوصاً على الأوامر التنفيذية التي يمكن أن يوقع عليها أي رئيس، فيما كان دونالد ترامب قد شدّد خلال حملته على "ديكتاتورية اليوم الأول" للعودة إلى السلطة.

ديكتاتور في اليوم الأول

وكان ترامب أكد أنه لن يكون "ديكتاتوراً" خلال ولايته الثانية، بل "ديكتاتوراً في اليوم الأول" فقط، والذي غالباً ما يشير إليه المؤرخون على أنه يوم التنصيب (20 يناير/كانون الثاني بعد عام الانتخابات)، لكن ترامب تعهد أن يتضمن حملة ترحيل ضخمة للمهاجرين غير النظاميين، وهي مسألة معقدة.

وتتسع لائحة قرارات "اليوم الأول" لترامب في البيت الأبيض، للكثير من الإجراءات المحتملة التي قد تبرز "شراسة" في الحكم، ويتوقع أن يكون لها أثر الصدمة. ويريد ترامب إضفاء طابع الاستعجال على حكمه، والإيحاء بأن وقتاً كثيراً (في عهد الرئيس الديمقراطي جو بايدن 2016 – 2020)، قد خسرته أجندة "أميركا أولاً"، التي يعتبر ترامب أنه حصل على تفويض كبير من الأميركيين للمضي فيها، خصوصاً مع سيطرة الجمهوريين أيضاً على الكونغرس بمجلسيه، الشيوخ والنواب.

ويدرس دونالد ترامب العودة سريعاً عن قرارات وقوانين أقرّها سلفه، رغم ما قد يقف في وجه ذلك من عقبات، قانونية أو إجرائية. لكن عملية ترحيل المهاجرين غير النظاميين، تبقى أولوية بالنسبة لأجندة "ترامب الثاني"، وهي عملية كان وعد بإطلاقها منذ اليوم الأول للحكم لـ"إنقاذ كل مدينة وبلدة جرى احتلالها". ومن الممكن أن يقوم ترامب بتوجيه إدارته لبدء الجهود لذلك، منذ اليوم الأول، لكن الأمر ينطوي على الكثير من التعقيدات، بحسب تقرير جديد لصحيفة نيويورك تايمز، أكدت فيه أن ترحيل حوالي 11 مليون شخص وصلوا بطريقة غير نظامية للبلاد، يتطلب قوات إنفاذ قانون بأعداد هائلة، ومراكز احتجاز إضافية، وربما طائرات، بل حتى دولاً مستعدة لاستقبالهم، فضلاً عن عقبات قانونية قد تثيرها المنظمات الحقوقية، علماً أن ترامب كان وعد على الأقلّ بـ"إغلاق الحدود" في اليوم الأول له بسدة الحكم.

تعهد ترامب بـ"إغلاق الحدود" وزيادة استخراج النفط

وتضم أجندة ترامب لليوم الأول، أيضاً، التراجع عن سياسات بايدن المتعلقة بالتعليم، وإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية بآلاف الموظفين عبر طرد آلاف آخرين يعتبر أنهم عملوا سرّاً ضده، فضلاً عن إمكانية إصداره عفواً في اليوم الأول عن المدانين بأحداث اقتحام أنصاره الكونغرس في 6 يناير 2021، لمنع المصادقة حينها على فوز بايدن بالرئاسة.

وكان دونالد ترامب قد كرّر أنه "في غضون دقائق باليوم الأول" بعد تسلّم مهامه، سوف يطرد المحقق الخاص جاك سميث، الذي يتابع قضيتين فيدراليتين ضد الرئيس المنتخب، هما محاولة الانقلاب على الدستور (تغيير نتيجة انتخابات 2020) والاحتفاظ بوثائق سرّية بعد مغادرة ترامب البيت الأبيض. علماً أن أخباراً جرى تداولها بعد فوز ترامب، بأن سميث يبحث إغلاق القضيتين، لاسيما في ظلّ سياسة تعمل بها وزارة العدل منذ زمن طويل، وتقوم على عدم ملاحقة رئيس في الحكم. أما قضية التدخل في انتخابات الرئاسة في ولاية جورجيا، وهي الوحيدة الجنائية وليست على المستوى الفيدرالي، فمن المرجح تأجيلها حتى نهاية ولاية ترامب، فضلاً عن قضية دفع رشى لممثلة إباحية، والتي أدين فيها ترامب.

يعتمد أي رئيس في اليوم الأول لحكمه على الأوامر التنفيذية

أما بالنسبة للعفو، فكان ترامب في مارس/آذار الماضي قد كتب على منصته تروث سوشال، أنه "يميل للعفو عن الكثير" من المدانين باقتحام الكابيتول، وهو يوم يصفه خصومه بـ"اليوم الأسود" في التاريخ الأميركي، لكن ترامب يراه "يوم حب" لم يكن عنفياً، بل يعبّر عن إيمان المحتجين بأن الانتخابات في 2020 "سُرقت منه"، وهي إحدى نظريات المؤامرة التي تمسك بها وأنصاره طوال السنوات الأربع الماضية. كما وصف ترامب المتظاهرين بـ"الوطنيين الرائعين"، ووعد بمساعدتهم "منذ اليوم الأول الذي أعود فيه إلى البيت الأبيض". وأضاف: "لن أقول العفو عن الجميع، لأن بعضهم خرجوا عن السيطرة". ويستطيع ترامب، بالفعل، كرئيس، العفو عن أي شخص مدان في محكمة فيدرالية، أو في المحكمة العليا التابعة لمقاطعة كولومبيا (واشنطن العاصمة)، أو في محكمة عسكرية.

دونالد ترامب و"تفكيك الدولة"

وتتصدر أجندة ترامب، ما يسمّيه تفكيك الدولة العميقة، حيث من المتوقع أن يبدأ منذ اليوم الأول في الحكم، عملية طرد قد تطاول بمجملها آلاف الموظفين الفيدراليين، وهم من يصفهم بـ"الاستنزاف غير الضروري" لميزانية البلاد. وفي الحكومة الأميركية، هناك المئات من المسؤولين المعينين "سياسياً"، وهم يعيّنون مع كل إدارة، ثم يرحلون معها، لكن هناك أيضاً عشرات الآلاف من الموظفين الذين يعملون في ظلّ مختلف الإدارات، سواء أكانت جمهورية أم ديمقراطية، وهؤلاء يتم الاستناد إلى خبراتهم لبقاء الحكومة تعمل، خصوصاً في المراحل الانتقالية. ويريد ترامب تحويل بعض هذه الوظائف إلى وظائف "سياسية"، لتصبح معها عملية إعفائهم أسهل. وقد يعمد إلى تنفيذ ذلك عبر إعادة إحياء أمر تنفيذي يعود إلى عام 2020، معروف باسم "الجدول أف"، والهدف منه حرمان وظائف فيدرالية من مظلة الحماية، وخلق طبقة جديدة من الموظفين السياسيين، وقد يطاول ذلك حوالي 50 ألفاً إلى 2.2 مليون موظف مدني فيدرالي، بحسب تقرير لوكالة أسوشييتد برس، نشر أول من أمس الأحد.

وكان الرئيس بايدن ألغى "الجدول أف"، في اليوم الأول من وصوله إلى البيت الأبيض في يناير 2021، لكن الكونغرس لم يتمكن من سنّ قانون لحماية الموظفين الفيدراليين. وكان ترامب قد هاجم أيضاً من وصفهم بـ"البيروقراطيين الفاسدين الذين استخدموا النظام القضائي سلاحاً" لتصفية الخصوم، وكذلك "اللاعبين الفاسدين في جهاز الاستخبارات وجهاز الأمن الوطني". وخلف ذلك، يريد ترامب أيضاً التصويب على الموظفين الذين "يسرّبون الأنباء للإعلام".

قد يعمد دونالد ترامب إلى فرض ضرائب جديدة على البضائع المستوردة، خصوصاً من الصين

وفي اليوم الأول في الحكم، قد يعمد دونالد ترامب إلى فرض ضرائب جديدة على البضائع المستوردة، خصوصاً من الصين، ما سيؤدي برأيه إلى تقليص العجز الفيدرالي، ويخفض أسعار السلع، ويحفظ الوظائف المحلية في قطاع التصنيع. كما يصنف ذلك في خانة حماية الأمن القومي. ولا يحتاج الرئيس الجمهوري المنتخب إلى موافقة الكونغرس لتمرير ذلك. وكان ترامب هدّد كذلك المكسيك التي "تجتاح بلادنا"، وقال خلال تجمع انتخابي قبيل يوم التصويت في 5 نوفمبر الحالي، إنه سيتحدث في اليوم الأول بعد عودته للبيت الأبيض إلى رئيسة هذا البلد، كلوديا شينبوم، مضيفاً: "سأقول لها من اليوم الأول، إنكم إذا لم توقفوا مذبحة تدفق المجرمين والمخدرات (إلى داخل الأراضي الأميركية عبر الحدود البرية)، فسأفرض على الفور 25% كتعرفة جمركية على كل ما ترسلونه إلينا".

ومن ضمن ما يريد ترامب فعله سريعاً أيضاً لدى تسلّمه الحكم، التراجع عن إجراء بايدن لحماية الطلاب المتحولين جنسياً في المدارس، مذكّراً خلال حملته بأن هذا الإجراء قد صدر بأمر تنفيذي "وسنغيّره". كما يعتزم دونالد ترامب الانقلاب على سياسات بايدن لحماية البيئة وتقليص الاحتباس الحراري، حيث تعهد بـ"الحفر والحفر والحفر"، لزيادة إنتاج الوقود الأحفوري في البلاد. كما كان تعهد بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا "حتى قبل وصوله للحكم"، دون توضيح خطته الكاملة لذلك.